bah محاربة الفساد بإصلاحات فاسدة، تجعلنا نترحم على الفاسدين - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

محاربة الفساد بإصلاحات فاسدة، تجعلنا نترحم على الفاسدين

05/10/2020 - 23:08 PM

absolute collision

 

خاص بيروت تايمز بقلم ميشلين أبي سلوم*

 

مبدئياً، نحن نعتبر أنفسنا شعبا محظوظا.

حتى أنه عندما خاب أملنا في دخول نادي الدول النفطية، سرعان ما عوضتنا حكومة الآمال بـ “خطة إقتصادية” تعيد لبنان جنة، نسأل الله أن يحفظها من شر كل حاسد إذا حسد.

صحيح أننا بعد صبر وحفر، كاد يثقب بعمقه الجهة الأخرى من الأرض، لم نعثر على غاز ونفط، لكن الصحيح أيضاً أن تنقيبنا لم يطلع على “فاشوش”.

لقد كشفت لنا حفارات شركة “توتال” الفرنسية منجماً من الملح. بدأت حكومتنا تغرف منه فور إكتشافه. وظهر ذلك الغرف جلياً في بنود “الخطة الإنقاذية” المزعومة، التي كتبت بأبجدية “الكذب ملح الرجال”.

تلك الخطة التي انتظرناها طويلاً، إستهلكت كمية هائلة من ملح “البلوك رقم 4”. فكل بند من بنودها إحتاجت صياغته أطنان من “ملح الرجال” تساعد على إقناع الناس بالكلام المعسول.

ومع ذلك، بقي لدى الحكومة مخزون من الملح يكفي لإعداد الكثير من الخطط، ولإلقاء المزيد من الوعود...

لو استمع اليائسون جيداً لكلمات أصحاب الفخامة والدولة والمعالي المصونين، ولو قرأ المحبطون بإمعان تفاصيل خططهم السحرية، لما قنطوا من عبقرية حكومة العشرين. فإن لم تفلح عبقرية هذا الوزير في انتشال “الزير من البير”، فالبركة بعبقرية رئيسه.

وبما أننا استمعنا جيداً، وقرأنا بإمعان، يمكننا الجزم بأن لبنان يهرع حثيثاً نحو الرفاهية.

نظرياً، الحلول انطلقت وهانت.

صندوق النقد الدولي وافق على بدء المفاوضات.

حزب الله موّه كمائنه المنصوبة، وسحب “الفيتو” من التداول.

إجتماع قصر بعبدا جمع المصفقين للخطة… فصفقوا بالإجماع.

لكن ماذا بعد الحرب بالنظارات والتنظير؟.

قد تستمر المفاوضات بضعة أشهر، تليها سنة وراء سنة، إلا أنها ستبقى مستمرة مهما كره الكارهون، وتربص المتربصون، وأغرض المغرضون.

لا شروط تصعب على وفدنا المفاوض… فكل المصاعب محلولة.

يتشدد الصندوق… تتراخى الحكومة.

ومن تراخ إلى آخر يصل المتفاوضان إلى تسوية، قد لا تستوي مع السيادة، لكنها تستوي مع الحاجة إلى الإقراض.

هذه النتيجة ليست استباقاً للمفاوضات… ولا تدخل في باب الفرضيات. هي قراءة متأنية في سوابق صندوق النقد الدولي. ويعرفها القاصي والداني… وحزب الله سيد العارفين.

ولأنه يعرفها مسبقاً، وافق حزب الله على المفاوضات ليستعمل نتائجها سلاحاً يعزز به سلاحه، وليؤكد للعهد وحكومته أن للإنقاذ طريقاً واحداً يمر من فوهة بندقيته.

اً، بتهاوي مفاوضات الصندوق، ستتهاوى أحلام “سيدر” وأوهام العبور إلى دول الخليج.

وتبقى الأسئلة الخطيرة، التي تتجاهلها حكومة “رجال الملح”:

ماذا سيحصل بين بدء المفاوضات ونهايتها؟

هل يتوقف الدولار عن الإعتداء على شرف الليرة اللبنانية؟

هل يبقى الجائع على قيد الحياة؟.

هل يستمر العامل والموظف في عمله ووظيفته؟.

هل تجد المواد الإستهلاكية من يقدر على شرائها؟.

هل ينجو متجر أو شركة أو فندق أو مطعم من الإقفال؟

يقول الأقدمون في مواجهتهم للأزمات أن النصر صبر ساعة… ولم يقولوا صبر خمس سنوات، كما جاء في خطة الحكومة.

إن محاربة الفساد بإصلاحات فاسدة وعاجزة، قد تجعل اللبناني يترحم على حكم الفاسدين… فأن يأكل الخباز نصف الخبز، أفضل من أن يحرق الفاشل الخبز كله.

           

*صحافية لبنانية

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment