bah هل تعيد قمة عمان الثلاثية مجلس التعاون العربي للواجهة؟ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

هل تعيد قمة عمان الثلاثية مجلس التعاون العربي للواجهة؟

08/26/2020 - 18:22 PM

بيروت

 

كتب نضال العضايلة
 
 
انتهت في عمان أمس القمة الثلاثية  التي جمعت العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، والتي عقدت في ظلّ ظروف إقليمية صعبة تحيط بالأردن، الذي يشهد جواره صراعات داخلية وحروباً أهلية، فضلاً عن الاضطرابات في العلاقات العربية والإقليمية، أفرزت حالة من الاصطفاف والمحاور. 
وجاء أنعقاد هذه القمة في وقت بدا وكأن الدور الذي كان يميّز الأردن بسبب علاقاته وموقعه الاستراتيجي في جوار الأراضي المحتلة بدأ يتفكّك بصورة واضحة، في ظلّ تقارب بعض الدول الخليجية مع إسرائيل.
الكثير من المحللين ذهبوا إلى أن هذه القمة جاءت لتعيد الحديث عن سياسة المحاور في الإقليم مرة أخرى، ولكن الأردن الذي وقف في معسكر ما كان يعرف بـ"الاعتدال العربي" منذ عام 2006، لم يستفد من سياسة المحاور الإقليمية التي تغيرت أولوياتها، ولم تعد القضية الفلسطينية على رأس اهتماماتها، بل أصبحت المناكفات الإقليمية هي القضية الرئيسية، وما توقيت الاتفاق الأميركي الإماراتي الإسرائيلي الأخير حول التطبيع الذي كان صادماً للأردن، إلا دليل على ذلك.
الأردن يريد اليوم أكثر من أي وقت مضى اتخاذ موقف متوازن وعدم الانتقال من تحالف إقليمي إلى آخر
لأنّ المصالح لا يمكن حصرها في نطاق جغرافي معيّن، وهذا ما جعل الدبلوماسية الأردنية تحقق حالة من التوازن عبر تحديد الأولويات، والموازنة بين الظروف المتضادة، والبحث عمن يقف إلى جانبها في القضايا الكبرى. 
ولعل أهمية هذه القمة ترتبط بالبعدين الاقتصادي والسياسي، إذ أنها تأتي في وقت ما زال فيه الحديث عن ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن مستمراً من جهة، ومن جهة أخرى، فإنّ الظروف التي تواجهها هذه الدول في ظلّ أزمة فيروس كورونا وتبعاتها، تجعلها تبحث عن حلول للحدّ من الصعوبات الاقتصادية التي تحيط بها.
ويرى محللون إن القمة الثلاثية بوابة للعبور إلى مختلف القضايا الإقليمية، والتأكيد على ضرورة الوصول إلى حلول سياسية لأزمات المنطقة، خصوصاً وأن السياسة الخارجية الأردنية مرنة ومعتدلة وتتجنب الانخراط في المحاور، التي لا تخدم القضايا الرئيسية للأمة العربية وأهمها القضية الفلسطينية. 
ولعل الوضع الاقتصادي يلعب دوراً مهماً في المواقف السياسية، الأمر الذي يتطلب تشكيل تكتل اقتصادي أردني عراقي مصري، ربما يلعب دوراً سياسياً أكبر في المستقبل. 
وبالتوازي مع الحرص الأردني على الاقتراب من العراق بشكل أكبر، فإن الأردن لا يريد اليوم الدخول في المحاور، كالمحور المصري الإماراتي السعودي الذي يقف ضدّ تركيا وقطر، أو حتى إيران، فالأردن لديه علاقة متوازنة مع الأطراف المتخاصمة في الخليج، والدخول بشكل مباشر في أي محور هو أمر مستبعد، من هنا ندرك أن قمة عمان هذه ليست محاولة لبناء محور إقليمي، بل محاولة لتمتين تكتل اقتصادي، على غرار مجلس التعاون العربي الذي تشكل في العاصمة العراقية بغداد في 1989 بعد انتهاء حرب الخليج الأولى، والذي انفرط بعد دخول العراق للكويت في العام 1990.
اذاً القمة الثلاثية اقتصادية بامتياز، أما ما يتعلق بالشق السياسي، فإن مصر هي جزء من محور خليجي موجود ضدّ تركيا وإيران، أمّا العراق فهو تحت السيطرة الإيرانية، والأردن لديه حسابات تتعلق بظروفه الداخلية، أهمها القضية الفلسطينية، وهو قلق من أي تسوية في المنطقة تؤثر على حقوق الأردن، أو على حساباته، لذلك، فإنّ اللقاء في الأساس عنوانه اقتصادي يعتمد على التعاون والمصالح المشتركة خصوصاً في موضوع النفط، لكن هناك حسابات سياسية مدعومة من الولايات المتحدة هي أن يكون هناك حاضنة عربية للعراق بعيداً عن النفوذ الإيراني.
المشكلة الأكبر للأردن هي التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، فعمان قلقة من تنفيذ بنود صفقة القرن ومخطط الضم، خصوصاً في ظل محاولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو حصد الأصوات على حساب القضية الفلسطينية، لذلك فإن الأردن يشعر اليوم أن الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل أكبر من قدرته المنفردة على المواجهة، ولذلك هو حريص على استثمار دور أي طرف عربي ضدّ أي استهداف إقليمي يطاله.
قادة الدول الثلاثة المشاركة في قمة عمّان ناقشوا أهمية توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين هذه الدول، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني شدد على أن الأحداث المتسارعة في المنطقة وتدخل بعض الأطراف الخارجية يستدعي التنسيق والعمل المشترك، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي  أكد على دعم المؤسسات في دول المنطقة للمساهمة في استعادة الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، والحفاظ على وحدة أراضيها، أما رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فأكد على أهمية الإرادة الجماعية للقضاء على الإرهاب، مع مواجهة كل من يدعم الإرهاب بالتمويل والتسليح.
والسؤال الأبرز في هذا الإطار هو، هل هذه القمم الثلاثية بداية لعودة مجلس التعاون العربي؟، ام أنها مجرد قمم للتأكيد على متانة العلاقات التي تجمع بين الأردن والعراق ومصر، والحرص على توطيدها في مختلف المجالات، ومواصلة التنسيق والتشاور بينهما إزاء مختلف القضايا.
 
 
 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment