الهام سعيد فريحة
الأنظارُ كلها اليومَ موجَّهةٌ إلى مقرِّ الرئاسةِ الفرنسيةِ في الأليزيه حيث يُقدِّمُ الموفدُ الفرنسيُ تقريرهُ إلى الرئيسِ الفرنسيِ إيمانويل ماكرون .
الأصداءُ اللبنانيةُ عن لقاءاتِ الموفدِ الفرنسي وصلتْ إلى الاليزيه حتى قبلَ وصولِ الموفدِ ، فما ضجَّت به وسائلُ الإعلامِ سواءٌ الناطقةُ باللغةِ العربيةِ ، او تلكَ الناطقةُ بالفرنكوفونيةِ ، تؤكدُ بما لا يقبلُ الشكَ أن الموفدَ الفرنسي مُني بفشلٍ ذريعٍ ، ليس بسببِ قلةِ مهارتهِ في الإقناعِ بل بسببِ كثرةِ مَكْرِ بعضِ السياسيين اللبنانيين الذين التقاهم والذين اسمعوهُ كلاماً معسولاً ولكن نياتهم كانت العرقلةُ.
تصوَّروا مثلاً أن الموفدَ الفرنسي طلبَ ان يتمَ اتصالٌ هاتفيٌ بين الرئيسِ المكلفِ سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ....
" يا جرصتنا " موفدٌ لدولةٍ عظمى " يستجدي " اتصالاً هاتفياً بين سياسييْن لبنانييْن لكسرِ الجليدِ بينهما لتسهيلِ تشكيلِ الحكومةِ ، استجابا لكن من خلالِ اتصالٍ رفعِ عتبٍ لم يحملُ أيّ مضمونٍ سياسيٍ بل مجاملةً ، ولم يستغرقَ الاتصالُ أكثرَ من دقيقةٍ!
هكذا يتصرفُ سياسيّونا ! وبعد ، هل تسألونَ لماذا وصلنا إلى هنا؟
***
ولكن بعيداً من كلِ هذهِ المماحكات ، فالموضوعُ ليس داخلياً على الإطلاقِ ، ومَن يعتقدُ غير ذلك يكون هاوياً في السياسةِ .
الموضوعُ إقليميٌ – دوليٌ بامتيازٍ ، فهناكَ مَن يرجِّحُ أن لا حكومةَ جديدةً في لبنان قبل حسمِ مسألةِ الرئاسةِ في الولاياتِ المتحدةِ الاميركيةِ ودخولِ الرئيسِ الأميركي الجديد إلى البيت الابيض في العشرينَ من كانون الثاني المقبل .
ويستطردُ خبراءٌ في الشرحِ فيقولون :
ليس خافياً على أحدٍ ان تشكيلَ الحكومةِ في لبنانَ يخضعُ لتاثيراتِ واشنطن وطهران ، الدولتانِ ليستا على مايرام على الإطلاق ، فإذا ارادت طهران ان تسهِّلَ لواشنطن تشكيلَ الحكومةِ ، فلماذا " تُسلِّفُ " التسهيلَ لأدارةٍ راحلةٍ، فيما المصلحةُ تقتضي ان يكونَ " التسليفُ " لأدارةٍ جديدةٍ خصوصاً انها ستكونُ من الديموقراطيين الذين تراهنُ عليهم إيران لأعادةِ تحسينِ العلاقةِ الايرانية – الاميركية .
***
هذا هو العنوانُ الأكبرُ للعقدةِ ،
أما التفاصيلُ الداخليةُ فتبدو كأنها امورٌ هامشيةٌ ، فنحنُ بالكادِ أن نكون بلداً او دولةً ،
وهذا الإنهيارُ هو " بفضلِ " هذهِ الطبقةِ السياسيةِ التي اوصلتِ البلدَ إلى ما نحنُ فيهِ من بؤسٍ ويأسٍ وما زالتْ تُمعِنُ في استهتارها !
Comments