خاص بيروت تايمز بقلم ميشلين أبي سلوم*
لن نغوص في مشاكل وأزمات أميركا الكبرى، بل سنكتفي بما يخصنا، إذ لدينا من السياسات الأميركية المدمرة ما يبرر خوفنا على مصيرنا. كل ما نخشاه أن تكون سيئات فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة، أكبر من حسناته.
لقد ورث الرئيس المنتخب عن سلفه ترامب، مجموعة من القوانين والاجراءات، التي يصعب عليه أن يتراجع عنها، كما تشتهي إيران. ولا يستطيع إصدار المزيد منها، كما تشتهي دولة إسرائيل.
بمثل هذا الموقف المتأرجح، سيفقد البيت الأبيض قدراته على تعويم الإتفاق النووي الإيراني، الذي تعتبره “الأوبامية” المتجددة ببايدن، نصراً تاريخياً.
وهو بمحاولة التعويم هذه، سيغضب إسرائيل، وقد يحولها، لأول مرة، إلى متمردة على النفوذ الأميركي.
الفشل في معالجة هذا الملف، الأخطر على منطقة الشرق الأوسط، سواء بتخفيف العقوبات لجذب إيران إلى التسوية، أو بتصعيدها لفرض التسوية على إيران، ففي الحالتين قد يذهب الجانبان، الإيراني والإسرائيلي، إلى مذهب “ما حك جلدك غير ظفرك”.
هنا يكمن خطر فقدان السيطرة الأميركية على اتجاهات رياح المنطقة.
ومن هنا أيضاً، يترتب على بايدن أن يدرك أن صبر طهران على العقوبات الترامبية قد نفد، خصوصاً، وأنها بدأت تؤتي أُكلها، وتهدّد بانهيار النظام برمّته. وهذا يعني أن الدفاع عن النفس، سيتحوّل حتماً وحكماً، إلى هجمات عشوائية على دول الخليج وفي مضائقه المائية، بحثاً عن مخرج دولي يخرجها من حرائق العقوبات، عبر أبواب تؤدي إلى تطويق الأخطار المتمادية، التي تفتعلها إيران.
من الواضح أن تحمّل إيران للعقوبات، كان يراهن على سقوط ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية. اعتقاداً منها أن البديل سيهرول عائداً إلى اتفاقها النووي، متخلياً ومعتذراَ عما فعله ترامب، العدو الأشرس في تاريخ الثورة الإيرانية.
على هذا الإعتبار، احتفلت إيران و”كورسها” بفوز بايدن، كما لو أن واشنطن، عاصمة العالم، قد انضمت إلى العواصم العربية الأربع، بغداد – دمشق – بيروت – صنعاء، وأصبحت بذلك “السبية” الخامسة في حريم الولي الفقيه.
صحيح أن “الفيل الجمهوري الترامبي” قد خرج من البيت الأبيض، بثقله وأثقال سياسته، لكن لا مفر من الإنتباه أن الذي دخله هو “الحمار الديمقراطي البايدوني”.
هنا يصح المثل القائل لبعض المتفائلين: “إن أنكر الأصوات لصوت الحمير”.
في ضوء ذلك، سنسمع “نهيقاً” مدوياً… ولن نجد طحيناً أبداً.
*صحافية لبنانية
Comments