bah اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة: عندما يصبح الرجل حليفا لقضية المرأة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة: عندما يصبح الرجل حليفا لقضية المرأة

11/29/2020 - 01:49 AM

Atlas New

 

 

 

 

بقلم: الرشيد منتصر، مدير مشاريع مؤسسة الأطلس الكبير
 
 
في الصورة: تحتفل مؤسسة الأطلس الكبير في 25 من كل شهر نونبر، اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتحتفي بشركائها من المجتمع المدني الذين يعملون بلا كلل من أجل المساواة بين الجنسين.
 
يصادف الخامس والعشرون من نونبر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، ذكرى تخلدها الأمم المتحدة منذ عام 1993. ويصادف هذا اليوم أيضا ذكرى إطلاق حملة الأمم المتحدة، التي دامت 16 يومًا، ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي. وتختتم الحملة في العاشر من شهر دجنبر بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وستقام حملة هذا العام تحت شعار "لنملأ عالمنا ألوانًا: مزيدًا من التمويل، والتعاون، والوقاية، والوحدة!"

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال حملة العام الماضي، "إن جذور العنف الجنسي ضد النساء والفتيات تنبع من هيمنة الذكور منذ قرون، ويجب ألا نغفل عن عدم المساواة بين الجنسين، فهذا ما يغذي ثقافة الاغتصاب، وهي إذًا في الأساس مسألة اختلال في توازن القوى".

العنف ضد المرأة يشبه داء السرطان - إنه سبب أساسي في حرمان وربما موت النساء في سن الإنجاب. وتتعرض واحدة من كل ثلاث نساء وفتيات للعنف الجسدي أو الجنسي في حياتها، وفي أغلب الأحيان من قبل الشريك الحميم.

يتجلى العنف ضد المرأة في أشكال عديدة: جسدية وجنسية ونفسية. غالبًا ما يتم تجاهل عنف الشريك الحميم مثل الضرب والإيذاء النفسي والاغتصاب الزوجي بسبب الوصمات المجتمعية أو الاجتماعية. وتتعرض النساء لمختلف أنواع الهجوم من سوء المعاملة اليومية، إلى المضايقات في الشوارع، والمطاردة، والتحرش الإلكتروني. كما أنهن يتعرضن للعنف الجنسي على شكل اغتصاب، وممارسات جنسية قسرية، ومقدمات جنسية غير مرغوب فيها، إضافة إلى الزواج القسري.

تشكل الفتيات اليافعات أكثر ضحايا الاعتداء الجنسي على الأطفال والأقرب لزواج القاصرات. ولا يزال وأد الإناث وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث متفشيا في أجزاء كثيرة من العالم. وتعرضت ما لا يقل عن 200 مليون امرأة وفتاة، تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 عامًا، لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في 31 دولة. وتمثل النساء والفتيات 70 في المائة من ضحايا الإتجار بالبشر في العالم، معظمهن يتم الإتجار بهن بغرض الاستغلال الجنسي.

وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تُقتل 137 امرأة حول العالم على يد أحد أفراد أسرتها يوميًا. وتشير التقديرات إلى أنه من بين 87000 امرأة قُتلن عمداً في عام 2017، قُتلت أكثر من نصفهن على أيدي الشركاء الحميمين أو أفراد الأسرة، بينما قُتل أكثر من ثلث هؤلاء الضحايا على يد شريكهم الحالي أو السابق. وعلاوة على ذلك، تُظهر البيانات الناشئة أن جميع أنواع العنف (لا سيما العنف الذي يحدث في المنزل) ضد النساء والفتيات قد اشتدت منذ تفشي وباء كوفيد 19.

وعلى الرغم من انتشار العنف ضد النساء حول العالم، إلا أن أقل من 40 في المائة من النساء اللاتي يتعرضن للعنف يلجأن للمساعدة كيفما كان نوعها. وتتطلع معظم الضحايا إلى العائلة والأصدقاء بحثا عن الدعم، بينما يتطلع القليل جدًا منهن فقط إلى المؤسسات الرسمية، مثل الشرطة والخدمات الصحية. واختارت أقل من 10 في المائة ممن يطلبون المساعدة رفع القضية إلى قسم الشرطة.
 

العنف القائم على النوع الاجتماعي في المغرب

في الصورة: النساء المشاركات في الدورة التكوينية تصورات تمكين المرأة، أعينهن على معرفة المزيد عن حقوقهن.
 
عند مناقشة قضايا النوع الاجتماعي في المغرب، لا بد من تحديد ومعالجة فضاء النقاش. لقد أصبح المجالان الخاص والعام في المغرب متكاملين ويعتمدان على بعضهما البعض، وصادف ذلك التطور الذي عرفته جمعيات ذات السلطة و التي يسود فيها جنس معين.

يعرف الفضاء العام تحكم الرجال إلى حد كبير، حيث يديرون الاقتصاد ويقودون الأعمال التجارية وينظمون السياسة المحلية. فيمل يبقى الفضاء الخاص للنساء والأطفال مما يجعلهن أكثر عرضة للخطر، لأن الخيار المتبقي أمامهن يقتصر على العمل المنزلي. وفي السنوات الأخيرة الماضية، بدأ الانقسام بين الفضاء العام والخاص في التطور بسبب حقيقة أن النساء بدأن في امتلاك السلطة في مجالات أخرى من حياتهن.

ويفتح هذا الفراغ في الفضاء أمام النساء ضغطا كبير واحتمال متزايد للتعرض للعنف المنزلي. وجاء في استطلاع رأي أجرته المفوضية العليا المغربية للتخطيط في عام 2018 أن أكثر من 40 في المائة من النساء بين 18 و 64 عاما تعرضن "للعنف مرة واحدة على الأقل".

ومع ذلك، ليس هناك الكثير من النساء في المغرب ممن يوجهن اتهامات أو يبادرن بطلب الطلاق من أزواجهن المسيئين. وعلى الرغم من التطور في القوانين التشريعية والمدنية الذي تم إحرازه في السنوات الأخيرة، إلا أن عددًا من الأعراف الثقافية والاجتماعية تسمح باستمرار وجود العنف الجنسي. ويظل المجتمع المغربي أبويًا، مما يعني أن المرأة غالبًا ما تخضع "لمنطق اللوم / العار".

وفي حين صُودق على مشروع قانون جديد في عام 2018 يفرض عقوبات أكثر صرامة على مختلف أنواع العنف والتحرش الجنسي، فلا تزال النساء تجدن صعوبة في إبلاغ السلطات المحلية بالحوادث التي تصيبهن. وانتقد الكثيرون القانون بدعوى أن ضباط الشرطة، حسبما ورد، لا يأخذون الادعاءات على محمل الجد. وعلى المنوال نفسه، تفيد الأعراف الثقافية والمجتمعية المقترنة بالوصمات الاجتماعية غالبًا بأن العديد من النساء ضحايا العنف الجنسي يشعرن أنهن لا يمكنهن رفع الدعوى دون الإضرار بشرف أسرهن وسمعتهن. وإذا تحدثت المرأة علانية، فمن المرجح أن يلوم المجتمع الضحايا من النساء والنساء ككل، بدلاً من محاسبة الجاني.

 

برنامج تصورات التمكين كحليف للمرأة

 

في الصورة: الرجال المشاركون في الدورة التكوينية تصورات تمكين المرأة التي نظمتها مؤسسة الأطلس الكبير.
 
أبانت دراسة أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) حول التنوع بين الجنسين في المنظمات حول العالم على ما يلي: عندما يشارك الرجال بوعي في برامج دمج النوع الاجتماعي، فإن 96 بالمائة من المنظمات تحرز عادة تقدمًا هاما - مقابل 30 بالمائة فقط من المنظمات عندما لا يشارك الرجال بنفس درجة الانخراط.

ومع ذلك، لا تزال العديد من المنظمات في الوقت الحاضر تفقد بصمة جهود المساواة بين الجنسين نظرًا لكون مبادرات النوع الاجتماعي تركز فقط على تغيير المرأة - من أسلوب تواصلها إلى مناهج القيادة التي يمكن أن تعتمده.

وتلتزم مؤسسة الأطلس الكبير بإشراك الرجال ليس فقط من أجل ضمان التوازن بين الجنسين، ولكن أيضًا من أجل زيادة الوعي بمبادئ التمكين من خلال برنامج فعال يسمى تصورات التمكين (IMAGINE). وأحد الأقسام الرئيسية لهذا البرنامج هو شرح "المدونة" (مدونة الأسرة)، القانون المغربي المنظم لحقوق المرأة. أظهر المبيان التشاركي الذي وضعته مؤسسة الأطلس الكبير في إقليم الحوز منذ عام 2017 أن 94 في المائة من المشاركات القرويات لم يسمعن قط بالمدونة على الرغم من إقرارها في عام 2004.

وجد الاستطلاع الدولي حول الرجال والمساواة بين الجنسين (IMAGES) الذي نشر عام 2017 أن كلا من الرجال والنساء في المغرب يشعرون بأنهم يعيشون مرحلة انتقالية. وصرح الرجال بأنهم يؤيدون إلى حد كبير التشريعات التي تعزز المساواة بين الجنسين (مثل المدونة)، ولكن دعمهم النظري للتقدم يتعارض مع مواقفهم وممارساتهم في حياتهم الخاصة، والتي يمكن أن تكون غالبًا نابعة من التقاليد، وهذا يجعل هضم حقوق المرأة وأدوارها في حياتها قضية مستمرة. ويلعب الرجل دورًا حيويًا في تحقيق المساواة بين الجنسين، فمن خلال الدورة التكوينية تصورات التمكين، استطاعوا الوصول إلى المعلومات التي يمكن أن تغير أفكارهم وتحدد موقعهم، إضافة إلى وضع نهج خاص بهم يساعدهم على النظر إلى المرأة كحليف.

وخلال دورة تصورات التمكين، طرحت مؤسسة الأطلس الكبير موضوع المدونة كأداة لتطوير قدرات المرأة القروية المغربية، وبالتالي النهوض بقدراتها الخاصة، وكذلك إيمانها بالقدرة على تحقيق تغيير مستدام، بما في ذلك إمكانية إنشاء مشاريع تنموية تُدرنها لتلبية احتياجاتهن الأساسية. وسيساهم هذا في تقبل الرجال ودعمهم للتغيير الإيجابي من أجل تحقيق المساواة. ويعتقد الرجال أن إدماج النساء في رحلة المساواة، باستخدام الأساليب التشاركية، يرسم منظورًا جديدًا لتنمية المجتمع ويحافظ على التوازن بين الجنسين الذي يفيد الجميع.

بالنسبة للنساء، شكلت دورة تصورات التمكين فرصة للتفكير في أهدافهن الخاصة. وإضافة إلى التنمية الشخصية المتكاملة والنهج القائم على الحقوق المذكورة أعلاه، تضمنت هذه الدورة تركيزًا قويًا على المشاركة الاقتصادية، مع العمل خاصة على التفاعل والتعاون بين النساء، دون الإغفال عن دعم المبادرات الجماعية الأخرى التي تدر الدخل للمرأة القروية والأسر، سواء الشركات الصغرى أو الجمعيات. وتدخلت إحدى المشاركات قائلة: "اكتشفت أن داخل كل امرأة، داخل كل واحدة منا قوة غير محدودة يمكن أن تقودنا إلى تحقيق أهدافنا وما نريد أن نفعله في الحياة". بالإضافة إلى ذلك، على عكس العديد من الدراسات المنشورة، لاحظ مدربو ورشة تصورات التمكين التابعين لمؤسسة الأطلس الكبير أن حوادث العنف المنزلي تتناقص بمجرد أن تتمكن النساء من العمل والمساهمة في دخل الأسرة.

ومن خلال هذه العملية، يصبح الرجال حلفاء للنساء والفتيات في مجتمعاتهم. كما يضيف الرجل صوته إلى النقاش الجاري ليصبح مساهما في التغيير والكفاح من أجل المساواة بين الجنسين. وتؤكد مؤسسة الأطلس الكبير على أهمية إشراك الشباب أيضًا من أجل إحداث التغيير للأجيال القادمة، فالحوارات التي تنبثق عن هذه الاجتماعات هي جزء لا يتجزأ من بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة في المغرب، وخاصة للفتيات والنساء.

قال حسن، أحد المشاركين في الدورة التكوينية: "يلخص تدريب تصورات التمكين بشكل رائع المعلومات التي كنت أحاول جمعها ومخاطبة بناتي الصغيرات بها، لأنني لا أرغب في أن تعشن نفس معاناة جداتهن." وتأمل مؤسسة الأطلس الكبير الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الرجال والنساء من خلال برامج التمكين التي ستساهم في القضاء على العنف ضد المرأة.
  
دراسة لآنية فاروقي، متدربة لدى مؤسسة الأطلس الكبير صيف 2020.
 
 
 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment