الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون
إيرينى سعيد تكتب:
فى زيارة رسمية، زار الرئيس المصري " عبد الفتاح السيسي" العاصمة الفرنسية باريس، تلبية لدعوة الرئيس الفرنسى" إيمانويل ماكرون"، وعقد الرئيسان قمة مصرية - فرنسية، بحثا خلالها العديد من الملفات المتصدرة المشهد على المستويين الإقليمي والدولي، والأهم سبل دعم العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا، وتطرقت المناقشات بين الرئيسين إلى المفاهيم المختلفة للقيم، سواء الروحية أوالإنسانية، حينما أكدا على وجوب مراعاتها واحترامها.
القمة استثنائية وجاءت في وقت بالغ الحساسية، وقت تعج فيه الساحة الدولية بالعديد من التطورات والتحولات، ما بين صراعات شرق المتوسط، وانحراف الجانب التركي متعمدا الاحتكاك باليونان، الصراع المرتقب بين إسرائيل وإيران على خلفية مقتل زادة، إلى جانب تعثر الأزمة الليبية وغياب الحلول السياسية بعد توقف المفاوضات بين البرلمان الليبي ومجلس الدولة، أيضا تغير الإدارة الأمريكية وما يصاحبه من تغير في السياسات والعلاقات مع القوى الصاعدة على الساحة الدولية، وكله بالتوازي مع ارتفاع حدة التحديات الدولية وفي المقدمة منها تحدي الفيروس المستجد ومعه تحدي الإرهاب، وجاء الأصعب تشابك المصطلحات العلمانية والدينية، أما إغلاق ملف ريجيني، وإن كان بناء على تفهم برز واضحاً بين الجانبين، إلا أن شبكة العلاقات الدولية ودبلوماسيتها تقتضي الوساطة والتسويات بين الدول المتحالفة، وهو ما حرصت فرنسا عليه في تسوية الموقف المصري - الإيطالي.
تشابه وجهات النظر مع تبنى المواقف المشتركة حيال معظم هذه الملفات، ساهم بشكل أو آخر فى إكساب العلاقات بين القاهرة وباريس إستراتيجية مدهشة، وهوما أكده الرئيس السيسي بقوله" إن التوافق في وجهات النظر الذي شهدته محادثاتي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يؤكد مجدداً على إرادتنا السياسية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا".
محورية مصر وريادتها بالقارة والمنطقة، ستجنب فرنسا متاهات عدة، بل ستساعدها على تجاوز ملفات شائكة طالما اقتحمتها بالشرق، في المقابل تقدم فرنسا وحسمها للعديد من الأزمات، أبرزها استعمال القوة ضد تركيا في وقت ترددت فيه معظم دول الإتحاد، حينما تراجعت ألمانيا، ولم نر بريطانيا والمنشغلة بالبريكست والوضع الداخلي، أيضا تحركها العاجل من أجل إيطاليا ومواجهتها الشرسة للفيروس المستجد مارس الماضي، كلها مواقف تثبت جدية الجانب الفرنسي، وتصب في صالح الشراكة بين البلدين، وأطر التواصل والممتدة بجذورها، بل ويشهد عنها انفتاح الثقافتين إبان القرن التاسع عشر، والأحدث التعاون الاقتصادي القوي، ويبرهنه حجم التبادل التجاري، والذي تخطى 2,4 مليار دولار خلال 2019، في حين تجاوزت الصادرات المصرية إلى فرنسا 654 مليار دولار لنفس العام، أما الوارادت فسجلت 1231 مليون دولار، أيضا بلغ إجمالي الاستثمارات والواردة من فرنسا 448 مليار دولار، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية على حجم التعاون القوى بين البلدين.
وفى ظل المعطيات المتاحة والمتعلقة باستقرار مصر وتمرسها في تناول التحديات المزمنة، مع تصدر فرنسا المجموعة الأوروبية بقرارها الحاسم والبعيد عن التردد، والأهم إدراك البلدين وإلمامهما بنسبية مفهوم الديمقراطية وما يقتضيه من مفاهيم الحريات وحقوق الإنسان - مع إطلاق الرفض لأية انتهاكات أو تجاوزات بشأن أي مواطن - ، فإن النتائج تنبئ بعلاقات مستقبلية أكثر إستراتيجية.
Comments