الدكتور جيلبير المجبِّرْ
لماذا لا تنفذ الإدارة اللبنانية المتمثلة بمجلس النواب أي السلطة التشريعية ومجلس الوزراء أي السلطة التنفيذية ومجلس القضاء التوصيات والقوانين المعمول بها في الجمهورية اللبنانية؟ بعد بحث مستفيض تبيّن ل اللجنة القانونية التي أنشأناها في هذا الخصوص أن هناك عجزا متماديا من قبل المسؤولين اللبنانيين وهناك عدم إحترام لحقوق اللبنانيين. كما هناك عدم وعي متماد من قبل المواطنين اللبنانيين لتوجيه السؤال الجوهري لهؤلاء لحثهم على تنفيذ القرارات والقوانين؟؟؟!!
تبين لنا بعد أن أجرينا دراسة مستفيضة عن واقع القضاء والممارسة السياسية هناك العديد من العوائق الكبيرة للوصول إلى العدالة في الجمهورية اللبنانية، ومن العوائق نذكر على سبيل المثال لا الحصر: صعوبة تكليف محام بسبب الأوضاع الإقتصادية للموكل وللمحامي وإقفال المحاكم – هدر الوقت لتعيين جلسة – تواطوء بعض الموظفين مثلا ويمكن أن يكون سببا موجبا بسبب ضآلة الرواتب...
في أي حال وكنتيجة أولية ضمن الدائرة القانونية خاصتنا فإن أساس المشاكل يكمن في أن بعض الموظفين غير مهيأين لإستكمال أعمالهم بسبب رواتبهم المتدنية وغلاء المعيشة وغير قادرين على تنفيذ مترتبات القرار المفروض أن ينظروا به. كل ما تستطيع المحاكم فعله في لبنان في هذه الأيام هو النظر شكليا في قضية معينة لأن الأوضاع العامة في البلاد تشوبها الواسطة ويضيع الحق بين أدراج المحاكم لأنّ هناك زعميا قرر طي ملف معين لأن له مصلحة فيه وقد يكون أحد أنصاره شريكا في قضية يسعى للفلفتها.
كيف يمكن إيجاد الحلول لتلك المعضلات في الجمهورية اللبنانية لتطبيق القانون على الجميع ومن دون إستثناءات؟ الدائرة القانونية من خلال مجموعة من القانونيين في فرنسا حاولت النظر في هذه الأمور وتبين لها أن النظام السياسي اللبناني والنهج القائم وعدم إستقلالية القضاء هم لب المشكلة وفي نهاية الجلسة أصدرت الدائرة بعضا من التوصيات علنا نستطيع إرسالها إلى المعنيين في الجمهورية اللبنانية وتحديدا إلى وزارة العدل الموقرة كمساهمة منا بترتيب أولي للأوضاع.
إستنادًا إلى الإقتراحات نذكر بشكل مقتضب إن اللجنة القانونية إقترحت
أولا: قوانين جديدة كالتعديل على بعض القوانين القديمة عملاً بالقوانين التي تصدر في الدول المحترمة،
ثانيًا: زيادة عدد القضاة وهذه ورشة من المفترض أن تسلك طريقها في أقرب فرصة لتسهيل عمل المحاكم،
ثالثًا: تعزيز الرقابة والمساءلة الإدارية.
رابعًا: ضرورة إبعاد السياسيين عن القضاء وهذا أمر جوهري لأنه يعيق عمل القضاء في لبنان.
خامسا: تحسين الأوضاع المالية للقضاة وللعاملين في المحاكم.
الجوهر كما لاحظته اللجنة القانونية إن والواقع في الجمهورية اللبنانية مؤسف ومؤلم، لأن الظاهر أن الإدارة السياسية تتقاعس في تنفيذ القوانين سواء أكان في عملية التأخير أو دخول "الواسطة " أو بسبب الأوضاع العامة في البلاد كالحرب والأوضاع الإقتصادية – المعيشية، أو في الإمتناع عن دفع الغرامات أو تنفيذ الأحكام أو تخفيضها.
من المؤسف في مقالتنا هذه أن تناول واقع الأمور في وطن إتخذ حكمة له وهي " بيروت أم الشرائع " وفي حقيقة الأمر إن الجمهورية اللبنانية في نصوصها الدستورية تقر بحقوق جوهرية للمواطنين وهي عمليا كانت من الدول الأكثر ديمقراطية بين دول العالم وكانت منارة للقانون ومركزا جوهريا له.
إن الدائرة القانونية وبما تستند إليه من وثائق تتمنى على الدولة اللبنانية أن تتجاوز هذه الصعوبات القائمة والتي تكونت في عدم إحترام القوانين والدستور اللبناني وحتى القرارات القضائية. لأنّ العدل أساس الملك ولأن القضاء هو الباب الرئيسي لحفظ الحقوق علينا تعزيز دور القضاء وإستقلاليته كي لا يبقى في الجمهورية اللبنانية مسؤول متقاعس ومواطن يدفع الثمن.
Comments