برلين - حسن صالح
بعد إسقاط نظام الأسد المفاجئ، أصبحت ملامح تقسيم سوريا أكثر وضوحًا، حيث دخلت البلاد مرحلة جديدة من الفوضى الجيوسياسية. جاء هذا التطور بعد أن ألغت إسرائيل اتفاقية فك الاشتباك الموقعة مع سوريا عام 1974، والتي كانت تُعتبر أحد الأسس لاستقرار الوضع في الجولان. توسع إسرائيلي في خطوة عدائية، احتلت إسرائيل مساحات واسعة من الأراضي السورية، وأعلنت حربًا مفتوحة شملت ضربات جوية مكثفة أدت إلى تدمير القدرات العسكرية المتبقية لسوريا.
اللافت أن وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، عندما سُئل عن الموقف الأمريكي تجاه الهجمات الإسرائيلية، وصف الأمر بأنه "شأن إسرائيلي داخلي"، مما يعكس رضًا أمريكيًا ضمنيًا عن التحركات الإسرائيلية. إسرائيل تقص الفرصة في سوريا تواصل فرض سيطرتها وتعزيز وجودها العسكريين الجنوب، بينما تستهدف القوات الكردية، بدعم غربي، شمال سوريا، بينما يزيد من تعقيد المشهد ويثير ازدياد نفوذ الكردي يثير مخاوف تركيا.
هذا السيناريو يُعيد إلى الأذهان تجربة العراق، حيث تشكلت منطقة كردية شبه مستقلة باتت ورقة ضغط في يد القوى الدولية، وخصوصًا الولايات المتحدة. غياب الرد السوري والعربي وسط هذه التطورات، يبرز الغياب التام لأي رد فعل رسمي من دمشق أو المعارضة السورية التي أطاحت بالنظام. لم تصدر إدانات واضحة للاعتداءات الإسرائيلية، مما يعكس ارتباط المعارضة السورية بالخارج.
مستقبل سوريا في ظل القوى الجديدة بات واضحًا أن اللاعبين الأساسيين في المشهد السوري الجديد هم الولايات المتحدة، تركيا، وإسرائيل. تشير هذه التحركات إلى أن مشروع "برنارد لويس" القديم، الذي يدعو إلى تقسيم الدول العربية الكبرى لإعادة رسم خرائط المنطقة، يُنفذ الآن على الأرض.
الاحتلال الإسرائيلي.. إلى متى؟
تسعى إسرائيل إلى تثبيت الوضع القائم تحت شعار "ما هو قائم دائم"، وهو ما ينذر باحتمال ضم المزيد من الأراضي السورية على غرار ما حدث مع الجولان. في ظل غياب أي قوة رادعة، يبدو أن سوريا تسير نحو مزيد من التفكك، بينما يقف المجتمع الدولي موقف المتفرج، ولا يُلاحظ أي موقف عربي واضح.
السيناريو القادم المشهد السوري الحالي يعكس تصاعد نفوذ القوى الإقليمية والدولية على حساب وحدة وسيادة سوريا. ومع استمرار هذا الوضع، قد يصبح التقسيم الدائم لسوريا أكثر من مجرد سيناريو، بل واقعًا مفروضًا على الأرض.
كل هذه الأحداث تتوقف على طبيعة الحكومة أو السلطة السياسية المستقبلية لسوريا. إذا استمرت إسرائيل في احتلال الأراضي السورية، ومع غياب قدرة الدولة الرسمية على التصدي لهذا الاعتداء، فمن المحتمل أن تنشأ مقاومة شعبية على غرار تلك التي تشكلت بعد احتلال لبنان. هذا الوضع ينذر بسنوات قادمة مليئة بالأحداث الدموية، قد تمتد إلى الأعوام 2025 أو 2026، وتؤدي إلى المزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة.
Comments