الدكتور جيلبير المجبِّرْ
إلى جميع المناضلين الشرفاء، بصفتي مغترب لبناني مقيم قسريًا في فرنسا لظروف خاصة وأتعاطى في الشأن العام وفي التجارة العالمية بصفة رجل أعمال، لم يصعب عليّ وفريق عملي المُكلف رسميًا في لبنان وعالم الإنتشار حصريًا إسشراف التحولات في المناطق المحيطة بوطني ومخاطر الإنهيارات التي قد تعصف بوطني جرّاء عدم قدرة ساسة لبنان من روحيين وعلمانيين من مواكبة هذه التطورات التي قد تنذر بمأزق كبير إن لم يتم تدراكها وطنيا وعلميا بدون أي مسوّغ يأخذ بعين الإعتبار المصالح الخاصة للقيّمين على الشأن العام في وطني من دينيين وعلمانيين.
الصعب والغريب والمستهجن وحتى القاهر جدا هو تقاعس هؤلاء الساسة عن القيام بواجباتهم الوطنية وحتى الدينية، والدليل أننا في دروة أزمة سياسية خانقة تشعبت منها أزمات أمنية إقتصادية مالية إجتماعية وهجرات متتالية طالت خيرة شبابنا اللبناني. لم يسبق لنا في تاريخنا النضالي أن عايشنا مثلها. ومن الطبيعي عندما أزور دبلوماسيا لم أتفاجأ بما يقوله لي حرفيا " لا يمكن فصل هذه الأزمات والإنهيارات في وطنكم عن أداء ساستكم الفاشلين، وإن لم تكونوا على قدر المستوى من التغيير فعبثا تحاولون وزياراتكم لا تجدي نفعا إن لم تكونوا أنتم التغييريين ".
في هذه الحالة أستطرد تاريخيا ما حصل في 7 حزيران 1840، من حركات شعبية تحررية شهدها الجبل اللبناني في النصف الأول من القرن التاسع عشر زمن ولاية الأمير بشير الثاني، لأستشف أنّ اللبنانيين الشرفاء لا ينامون على الضيّمْ بل هم في كل الأوقات العصيبة عندما تشتّد عليهم وطأة الحكام والإقطاعيين يتناسون أحقادهم وخصوماتهم فيلمّون شملهم ويعقدون الخناصر لرفع الأذى عنهم وإستنشاق نسيم الحرية والإستقلال... وهكذا أيها القارىء الكريم فعلوا أيضا عندما إضطروا لمواجهة المتصرف يوسف باشا سنة 1908، إلى إعلان الدستور العثماني وتنظيم الإدارة وإقالة بعض كبار الموظفين الذين عاثوا فسادا في الدوائر، وهكذا فعلوا أيضا يوم إختّلَ ميزان الحكم زمن ولاية الشيخ بشارة الخوري، أول رئيس إستقلالي وعقدوا إجتماعهم الكبير في منطقة دير القمر سنة 1952، الذي كان من نتائجه إستقالة الرئيس بعد مدة من تجديد ولايته.
لطالما قمتُ وإخوتنا المناضلين بالتنبيه إلى كل الأخطار التي تُحيط بنا سواء أكان في الداخل اللبناني أو في عالم الإنتشار أو في عواصم القرار ( واشنطن – روسيا – أوروبا – الفاتيكان – الصين- جامعة الدول العربية )، كما في العديد من الإجتماعات والكتابات والمناسبات واللقاءات الإعلامية مع وسائل إعلامية لبنانية – عربية – دولية، وبعض المنظمات الدولية، وكل هذا لم يلق أي تجاوب أو إهتمام من قبلْ المسؤولين اللبنانيين سياسيين أو رجال دين. ولهذه الأسباب وغيرها نحن جميعًا بتنا على قناعة أن مستقبلنا الوطني هو قاتم بسبب هؤلاء الساسة، حيث كثرة الوعود السياسية والتي باتت سرابا مع هول الأحداث والتراكمات القائمة. وإننا على يقين إنْ إستمرتْ الأمور على هذا المنوال سينزلق اللبنانيّون نحو التخبط في مجاهل صعبة وشاقة ووعرة من حياتنا السياسية.
إننا بتنا من المؤمنين أن الوطن بحاجة ماسة إلى " عاميّة وطنية بإمتياز "، وعاميتنا هذه هي مجابهة الواقع الحالي والتوعية والإضاءة والتقويم في المحن وهي من أبسط حقوقنا وواجباتنا الوطنية، ومن غير المسموح في هذه الحالة التفرُّج أو التنصل من المسؤولية على ما يفعله ساسة لبنان ورجال الدين لأن الوطن هو في طور السقوط على كافة الصعد السياسية الأمنية الإقتصادية الإجتماعية المالية. ولأننا كرّسنا أنفسنا للوطن سنعمل لإنجاح هذه " العامية " ونحن معها وفيها نعلن الثورة البيضاء على الجهل والحقد السياسي وعلى الساسة ورجال الدين من أجل التغيير الحتمي الذي سيؤدي إلى ولادة لبنان الجديد من رحم أمهاتنا اللواتي ولدّنَ أبطالا لا يخافون الصعاب ولا يهابون الموت عشقوا لبنان ودافعوا عنه.
Comments