bah سوريا الجديدة: بين دستور إسلامي ومسار تعددي - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

سوريا الجديدة: بين دستور إسلامي ومسار تعددي

12/23/2024 - 13:38 PM

بيروت

 

 

 
د. اليان سركيس
 
 
صحيح لم تتضح بعد ملامح الدولة الإسلامية التي تتشكل في سوريا حالياً، إلا أن المؤشرات الأولية وخاصة بعد تصريح وزير العدل في الحكومة الإسلامية الانتقالية لا توحي بأن الحكم المدني هو المرجع. “هيئة تحرير الشام” تعتمد على نموذجها الخاص الذي تراكم من تجربة تمتد لأكثر من 15 عاماً، مليئة بالإخفاقات أكثر من النجاحات.
 
انسحاب الجيش السوري وهروب عائلة الأسد أمام مجموعات مسلحة بأسلحة خفيفة ومتوسطة، شكّل مشهداً بارزاً لما يمكن وصفه بـ”الانقلاب الأبيض” الذي نفذته الهيئة، وحظي بقبول شعبي واسع بعد سنوات من المعاناة مع نظام الأسد، الذي تميز بسياساته المدمرة للاقتصاد والمجتمع. الانطباع العام بين السوريين كان أن الأسد، بخيانته للأمانة، أراد تسليم السلطة للهيئة بشكل مقصود.
 
ما حدث في دمشق مؤخراً بدا كعملية انتقال منظمة وسلمية للسلطة بين النظام والهيئة، إذ التزم الموالون السابقون بتنفيذ تعليمات الأسد الأخيرة، مما يعزز فكرة أنه أراد الانتقام من الجيش والشعب عبر خيار “حرق البلد”، وهو خيار طالما لوّح به النظام لسنوات. فرار الأسد، وفقاً لتحليلات، لم يكن مجرد هروب، بل جزءاً من استراتيجية مقصودة تهدف إلى إشعال الفوضى.
 
مع ذلك، أظهر الشعب السوري حتى الآن رفضه لهذا الخيار المدمر، الذي يتناقض مع القيم الدينية والسياسية وحتى المنطق الإنساني. في ظل هذا المشهد، تستمر النقاشات بين الأطراف الدولية، مثل تركيا والدول العربية والغربية، حول كيفية تحقيق الاستقرار وبناء الدولة السورية الجديدة.
 
في هذه المرحلة، تستفيد الهيئة من كونها البديل الوحيد للنظام السابق، الذي ترك إرثاً كارثياً سيحتاج السوريون إلى عقود للتخلص منه. ومع ذلك، فإن هذه الميزة وحدها لن تكفي طويلاً، خاصة مع اقتراب نهاية الفترة الانتقالية المحددة بثلاثة أشهر، وسط فراغ قد تملأه قوى أخرى داخل الهيئة أو خارجها.
 
اتهامات الإقصاء الموجهة للهيئة من أطراف المعارضة السورية تعكس مخاوف حقيقية، خصوصاً مع تأخر الهيئة في دعوة الأطراف المختلفة لاجتماع وطني يشمل جميع المكونات السورية. هذا الاجتماع ضروري لتحديد الخطوات المقبلة لبناء الدولة، بعيداً عن شروط مثل رفع العقوبات أو عودة النازحين، حيث يربط الغرب الشرعية بالقبول الداخلي أولاً، مع مراقبة أسلمة الدولة السورية وحدودها القصوى.
 
 
 
 
 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment