bah الخزي والعار في جريمة الاغتصاب الجماعي! - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الخزي والعار في جريمة الاغتصاب الجماعي!

12/29/2024 - 16:43 PM

Bt adv

 

 

بقلم: ألفة السلامي

 

لن تختفي الفظائع أبدًا وكلما شعرت الإنسانية أنها تستطيع أن تنتصر للحضارة والقيم وتقضي على السلوكيات الإجرامية البشعة تكتشف أن الغابة هي المكان الذي مازالت البشرية ترتع فيه، لا يختلف ذلك بين دول فقيرة وأخرى غنية أو دول تعاني حروبا وأخرى تنعم بالاستقرار، فقد يصبح الأمان مفقودا حتى بين أقرب الأشخاص في عائلة واحدة. وتلك هي حالة جيزيل التي خدّرها زوجها دومينيك واغتصبها وسمح لعشرات الرجال باغتصابها أيضا، وهي فاقدة للوعي وفي جرائم استمر الزوج في ارتكابها لعشر سنوات أو أكثر دون اكتشافها. واعتبرتها الصحافة الفرنسية أكثر جريمة بشعة على امتداد عقد من الزمان وليس فقط خلال عام 2024 الذي شهد محاكمة الجاني.

وقد قضت محكمة في فرنسا منذ أيام بسجن دومينيك بيليكوت 20 عاما جراء جريمته البشعة. وقامت الدنيا في فرنسا بعد إصدار الحكم ربما أكثر من الضجة التي صاحبت الكشف عن تلك الجريمة؛ والسبب أن المجتمع الفرنسي شعر بالخزي والعار لكن لأن القانون الفرنسي الذي استند عليه القضاة ينص على الحكم بعشرين عاما كأقصى عقوبة للاغتصاب في حين يرى الرأي العام الفرنسي والمدّعون أن ارتكاب جريمة الاغتصاب وتنظيم عمليات اغتصاب جماعي لأقرب الناس وهي الزوجة تستحق عقوبة أكثر من هذا الحكم!

بالمناسبة، الجريمة تم كشفها بالصدفة، عندما ضبط أحد حراس الأمن الزوج دومينيك وهو يصور نساء في مركز للتسوق. وعثرت الشرطة خلال التحقيقات معه على آلاف الصور ومقاطع الفيديو لزوجته جيزيل، وهنا كانت المفاجأة حيث تم تصويرها وهي فاقدة للوعي وتتعرض للاغتصاب في منزل الزوجين في قرية صغيرة في بروفانس جنوب فرنسا. كما عثر المحققون على محادثات في المنتدى الذي استخدمه المجرم لتجنيد عشرات الرجال للمشاركة في الاعتداء، بالإضافة إلى رسائل اعترف فيها بإعطاء زوجته مخدرات قوية لإغمائها قبل وقوع الاعتداء.

المجرم الوحش البالغ من العمر 72 عامًا اعترف أمام المحكمة بأنه قام بتخدير زوجته لسنوات قبل اغتصابها وتجنيد غرباء عبر الإنترنت لانتهاكها بينما كانت نائمة بعمق. وكان لدى المحكمة سجلات صادمة بالأدلة الكافية داخل كمبيوتر المجرم. مع ذلك لم يسعف القانون الفرنسي المحكمة لإصدار حكم يشفي غليل الضحية والرأي العام.

الضحية المسكينة طالبت بمحاكمة علنية لزوجها الوحش وتحلت بالشجاعة لإعلان هويتها حتى تنشر الوعي وربما تشجع أخريات، قائلة: "لسنا نحن من يجب أن يشعر بالعار بل المجرمون". وتابع الرأي العام في جميع أنحاء فرنسا والعالم المحاكمة التي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر، وخرجوا إلى الشوارع في مظاهرات للمطالبة بتغيير قانون الجرائم الجنسية ضد المرأة لكن لم تسفر تلك التحركات عن شيء.

الضحية شعرت بالإحباط لأنها رغم محنتها قادت هذا النضال من أجل بناتها وأحفادها وأيضا الضحايا غير المعروفين الذين غالبا ما تظل قصصهم في الظل. وأعربت عن أملها أنه من خلال فتح أبواب المحاكمة قد يتمكن المجتمع من فهم هذه المخاطر والتصدي لها والمطالبة بتغيير القانون الفرنسي لأن العقوبة القصوى للمجرم المدان لا تساوي تدمير حياة إنسانة!

وناقشت وسائل الإعلام كيف أن غالبية الضحايا لا يبلغن عن الاعتداء الجنسي والاغتصاب بسبب الخوف من وصمة العار وبالتالي لا يتم مقاضاة مرتكبي الجرائم. وعبر بعض المفكرين والسياسيين أن فرنسا بلد الثقافة والتعليم والتنوير لا تليق بها مثل هذه الجرائم المنحطة التي تعكس توحشا في السلوك وأمراضا غاية في الخطورة.

لكن الأمم المتحدة تقول إن جرائم العنف ضد المرأة ليست مقتصرة على دول فقيرة أو بها معدلات جهل وأمية مرتفعة بل موجودة في دول كثيرة وهي أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم، وأن ما يقدر بنحو 736 مليون امرأة على مستوى العالم تعرضن للعنف الجسدي و/أو الجنسي.

الزوجة الفرنسية الضحية ووسائل الإعلام طالبوا بتشجيع المجتمع على كسر حاجز الصمت حول الاغتصاب؛ وحملوا مختلف مؤسسات المجتمع مسؤولية التوعية لتحطيم وصمة العار المرتبطة بالضحية وكذلك المشرعين مسؤولية عدم إفلات المجرمين من العقاب وتغليظ الأحكام الخاصة بالاعتداء الجنسي.

والحقيقة أن التوعية بمثل هذه الجرائم تطفو إلى السطح عند الإعلان في كل مرة عن قضية جديدة ثم ما تلبث أن تتوارى، بينما ضحايا هذه الجريمة الشنعاء يزدادون ويتألمون. وهم ليسوا مجرد أرقام، بل قصص حقيقية لأرواح سُحقت وحيوات دُمّرت، دون أن يكون لهذه الجرائم نهاية. وهذا يتطلب جهودا توعوية وحملات مستمرة داخل الأسر وفي المؤسسات التعليمية ومن مختلف أطراف المجتمع المدني والسياسي والإعلامي!

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment