01/17/2025 - 22:27 PM
د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب
اقترح الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترمب إعادة رسم خريطة نصف الكرة الغربي، هي أطماع تعود إلى قرون تأسيس الولايات المتحدة في أثناء الثورة الأمريكية عندما كانت هناك سلسلة من الحروب بين الولايات المتحدة وكندا، لكن بعد حرب 1812 ضمنت كندا استقلالها عن الولايات المتحدة، كذلك الدعوة لشراء جزيرة جرينلاد التابعة للدانمارك حتى قناة بنما تعد سابقة في العرف السياسي، مؤكد أن ترمب لا يريد حروبا أو القيام باحتلال كندا، لكنه أراد ترك زوبعة وصدى لدى شباب كندا الحالم بنمط الحياة في أمريكا ويريد ترابطا أكبر مع كندا، كما نجح في دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2019 وأصبحت أقرب إلى الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
يبحث ترمب عن تعزيز مزيد من الأمن القومي الأميركي، خصوصا وأن ترمب منزعج من العولمة التي مكنت الصين من الهيمنة على الإنتاج العالمي، لكن كان ذلك بدعم أمريكي التي حولتها إلى محرك تنموي عالمي لصالح المجتمع الغربي، وإذا دخلت الصين أو الولايات المتحدة أو أوروبا في انهيار اقتصادي سيصيب العالم بسبب أن العالم كتلة واحدة.
تريد أمريكا اليوم جعل الهند محرك اقتصادي أخر جديد لتحجيم الهيمنة الصينية عبر الممر الهندي الأخضر الأوروبي الذي يمر بدول مجلس التعاون الخليجي يتطلب إحلال السلام في المنطقة ووقف الصراعات، لذلك هي تتهم الصين بالهيمنة على قناة بنما، وتعتبره مجالا حيويا أمريكيا يمر منها 70 في المائة من البضائع الأمريكية رغم ان الولايات المتحدة متواجد في بحر الصين الجنوبي الذي أيضا تعتبره الصين مجالا حيويا لها.
تمتلك قناة بنما موقعا جيوستراتيجيا مهما للأمن القومي الأمريكي، بل إن ترمب أكد أنه لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم، كما تشعر الولايات المتحدة بأن امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة ملحة.
بدأ ترمب تحركه فعليا عندما أعلن عن تسمية خليج المكسيك ليصبح خليج أمريكا، ويسمى بالساحل الثالث للولايات المتحدة نظرا لامتداده عبر ولايات جنوب شرق البلاد وفقا لما ذكره موقع ذا هيل الأمريكي، وصفه بانه اسم له رنين جميل، وليست المرة الأولى لمحاولة تغيير اسم خليج المكسيك ففي 2012 اقترح أحد أعضاء الهيئة التشريعية في ولاية مسيسيبي مشروع قانون لإعادة تسمية أجزاء الخليج الذي تلامس شواطئ الولاية لتصبح خليج أمريكا.
منذ إطلاق ترمب حملته الرئاسية الأولى في 2016 اصطدم أكثر من مرة مع المكسيك بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك أمن الحدود وفرض الرسوم الجمركية وقضايا الهجرة اضطر ترمب في النهاية إلى بناء وتجديد جدار حوالي 450 ميلا خلال ولايته الأولى.
وطالب الدانمرك بالنظر في التنازل عن جزيرة غرينلاند، ودعا إلى استعادة واشنطن السيطرة على قناة بنما، لكننا في المقابل نجد أن الرئيس ترمب في ولايته الثانية لا يود الاحتكاك كثيرا بالصين كما في ولايته الأولى، فقد أجرى ترمب مكالمة في 17/1/2025 مع الزعيم الصيني شي جين بينغ بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك التجارة والفنتانيل وتطبيق توك توك، أعتبرها ترمب مكالمة جيدة للغاية لكل من الولايات المتحدة والصين، وقال أتوقع ان نحل العديد من المشاكل معا وأن نبدأ فورا، وناقشا مسألة تحقيق التوازن التجاري والفنتانيل وتيك توك والكثير من الموضوعات الأخرى، ومن جهته عبر شي جين بينغ عن أمله هو وترمب في بداية إيجابية للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة خلال فترة الرئاسة الجديدة، ويريدان دفع العلاقات بينهما لمستويات أعلى.
* أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية سابقا بجامعة أم القرى
Dr_mahboob1@hotmail.com
Comments