الإعلامي كريم حداد
كان من المتوقع أن يترجم حزب الله وعوده بتغيير قواعد الاشتباك مع إسرائيل عبر تحرك عسكري نوعي، إلا أن عجزه عن تنفيذ أي خطوة حاسمة دفعه إلى تحريض المواطنين على تحركات شعبية غير محسوبة، محاولًا تقديم مشهد يخدم أجندته السياسية دون أي اعتبار للعواقب الأمنية والإنسانية.
يدرك الحزب تمامًا أن هذه التحركات لن تعيد الأهالي إلى قراهم ولن تغير المعادلة على الأرض، لكنه يعوّل عليها كـ **“قنبلة دخانية”** تخفي عجزه العسكري، وتوفر له فرصة لحشد جمهوره، حتى وإن كان الثمن أرواح الأبرياء وزيادة المخاطر على المواطنين.
تصعيد خطير وارتفاع عدد الشهداء والجرحى
في هذا السياق، تناقلت الأنباء وقوع إطلاق نار على المواطنين عند مدخل كفركلا، ما أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات إلى 5، إضافة إلى سقوط جريح بإصابة طفيفة في ميس الجبل. كما أشارت معلومات قناة “العربية” إلى أن الجيش الإسرائيلي اعتقل شابين في بلدة حولا جنوب لبنان.
وأصدر مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيانًا أعلن فيه أن الاعتداءات الإسرائيلية خلال محاولة المواطنين دخول بلداتهم التي لا تزال محتلة أسفرت عن ارتفاع عدد الشهداء إلى 11 والجرحى إلى 83، وفق الحصيلة غير النهائية التي تضمنت سقوط شهيدين في الساعات الأخيرة.
رئيس الجمهورية يدعو إلى ضبط النفس والثقة بالجيش اللبناني
في ظل هذه التطورات المتسارعة، أصدر رئيس الجمهورية جوزف عون بيانًا توجه فيه إلى أهالي الجنوب، مؤكدًا أن “هذا يوم انتصار للبنان واللبنانيين، انتصار للحق والسيادة والوحدة الوطنية”، داعيًا المواطنين إلى ضبط النفس والثقة بالجيش اللبناني، الذي يواصل العمل على حماية السيادة وتأمين عودة الأهالي إلى قراهم بأمان.
وشدد الرئيس عون على أن “سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة”، مؤكدًا أنه يتابع القضية على أعلى المستويات لضمان حقوق الجنوبيين وسلامتهم. وأضاف: “الجيش اللبناني معكم دائمًا، حيثما تكونون يكون، وسيظل ملتزمًا بحمايتكم وصون أمنكم”، داعيًا إلى الالتفاف حول المؤسسات الشرعية وعدم الانجرار وراء أي رهانات خطيرة قد تعرض الاستقرار لمزيد من التهديدات.
الدولة والجيش: الخيار الوحيد لحماية لبنان
في هذه اللحظة الحرجة، لا بد من التأكيد على أن الجيش اللبناني هو الضامن الوحيد لأمن اللبنانيين وسيادة الدولة، ولا بد من الالتفاف حوله لدعم جهوده في الحفاظ على الاستقرار، بعيدًا عن أي مغامرات غير محسوبة العواقب. كما أن رئيس الجمهورية، الذي لم يمضِ شهر على انتخابه، والحكومة التي لا تزال قيد التشكيل، يحتاجان إلى دعم وطني شامل لإعادة ضبط المسار الوطني، وحماية لبنان من أي مشاريع قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد والفوضى.
إن مستقبل الجنوب ولبنان لا يبنى بالمواجهة العبثية أو بالمقامرة بأرواح الأبرياء، بل من خلال توحيد الجهود خلف الدولة، وتعزيز الحلول التي تضمن حقوق اللبنانيين وتحفظ سيادتهم، دون وضعهم في دائرة الاستنزاف المستمر.
Comments