bah هل يستطيع ترمب تشكيل ملامح نظام عالمي جديد؟ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

هل يستطيع ترمب تشكيل ملامح نظام عالمي جديد؟

01/29/2025 - 11:51 AM

absolute collision

 

 

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب *

 

في عصر يتسم بمنافسة القوى العظمى، فهل يحمل الرئيس الاميركي دونالد ترمب فرصة لرسم ملامح النظام العالمي وترسيخ ريادة الولايات المتحدة في وجه التحالف الصيني الروسي الإيراني الذين يصرون على تشكيل نظام عالمي جديد لتحجيم النفوذ الأمريكي.

هل نجح بايدن في تحجيم نفوذ روسيا بعد توريطها في مستنقع أوكرانيا يستنزف قوتها، سيكتشف ترمب حدود قوته في الملف الأوكراني كما في الملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل التي تشترط فيه السعودية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، هناك خريطة جيوسياسية معقدة يستلمها ترمب من بايدن ليست كما كانت في رئاسته الأولى خصوصا وأن السعودية في رئاسته الثانية اختارت الحياد الإيجابي ورفضت المشاركة مع الولايات المتحدة في المشاركة في عقوبات ضد روسيا ورفضت المشاركة في حارس الازدهار نتيجة توقيع اتفاقيات مع إيران برعاية بكين ومع الحوثي، فهو قرار منتهي لمواجهة أية ضغوط.

وعندما يطلب ترمب من الصين مساعدته في إقناع بوتين بإيقاف الحرب في أوكرانيا لها دلالات جيوسياسية إن ترمب غير قادر بمفرده بسبب حدود القوة لديه في معالجة ملف الحرب في أوكرانيا، وأطلق ترمب بعد تنصيبه موقفا انتقاديا غير عادي للرئيس بوتين الذي كان يكن له إعجابا، فقال إن بوتين يدمر روسيا، برفضه التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا لإنهاء الحرب، وذكر ترمب بأن روسيا ستكون في ورطة كبيرة، وعلى الصعيد الميداني أعلن الجيش الأوكراني في 18 / 1/ 2025 أنه هاجم البنية التحتية في مصنع روسي للطائرات في منطقة سمولينسك، بالإضافة إلى تنفيذ الضربة الثانية في أسبوع على مستودع نفط في منطقة فارونيش، في حين سيطرت القوات الروسية على منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، وهي فرصة لإعادة الدب الروسي إلى قفصه كما بعد الحرب الباردة ونهاية جدار برلين في 12 يونيو 1987 في عهد ريغان.

وجد ترمب أن حجم التبادل السعودي مع كل من الصين والاتحاد الأوروبي يتجاوز مائة مليار دولار لكل منهما، بينما مع الولايات المتحدة لا يتجاوز سوى 30 مليار دولاروهو مبلغ لا يتناسب مع الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، بسبب بعد الولايات المتحدة عن منطقة الشرق الأوسط وبسبب العراقيل التي تضعها الإدارات الأمريكية على توريد الأسلحة للسعودية مما اضطرها تتجه نحو الصين وروسيا، ويبحث ترمب عن تعزيز شركاء الولايات المتحدة تجارتهم معها، وعندما سئل من قبل الصحفيين عن أول زيارة يقوم بها أكد أنه عادة الرؤساء الأمريكيون يقومون بأول زيارة إلى بريطانيا لكنه قام في رئاسته الأولى إلى السعودية كأول زيارة، وإذا قبلت السعودية نحو تعزيز تجارتها واستثماراتها مع الولايات المتحدة بأكثر من 450 مليار دولار فستكون زيارته الأولى إلى السعودية.

بالطبع السعودية لديها رؤية ضخمة طموحة وصندوق استثماري وصل إلى قرب تريليون دولار مرتفعا من 150 مليار دولار، وضربة ذكية من الرياض ودهاء من الصانع السياسي السعودي، اتصل سمو ولي العهد كأول اتصال خارجي بترمب منذ تنصيبه، وأكد له الأمير محمد بن سلمان ولي العهد أن السعودية لديها رغبة في توسيع استثماراتها مع الولايات المتحدة في الأربع سنوات المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار مرشحة للارتفاع متى ما أتيحت الفرصة، شكلت صدمة للعالم، لكن السعودية على عكس ما يظنه العالم من أنها منحة بل هي استثمارات خصوصا وانها بحاجة إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتوطين الأسلحة والحصول على أسلحة متقدمة لتعزيز أمنها، إلى جانب بناء مفاعلات سلمية، من أجل تحقيق شراكات عظيمة مع الولايات المتحدة من أجل تشكيل عالما أكثر أمنا وازدهارا، وبسبب العراقيل داخل الولايات المتحدة لم تتمكن السعودية شراء أسلحة من الولايات المتحدة في فترة رئاسته الأولى لم يصل إلى 20 مليار دولار فيما المبلغ المرصود لشراء الأسلحة 110 مليار دولار.

حظ ترمب في رئاسته الثانية أنه وجد خصوم أمريكا أكثر ضعفا أكثر مما كانوا عليه في رئاسته الأولى، فايران بلا أنياب، وروسيا مثقلة بالمتاعب، وتستنزف مواردها في حرب غير قابلة للفوز بها، والصين تعاني تحديات اقتصادية، يود أن يترك إرثا شبيه بإرث هاري ترومان، ودوايت أيزنهاور، ورونالد ريغان، عدا السعودية التي تغيرت وأصبحت مختلفة عن رئاسته الأولى التزمت بالحياد الإيجابي تبقى علاقتها متعمقة مع موسكو في ملف النفط الذي يركز على توازن العرض والطلب لخدمة الاقتصاد العالمي، وترفض استبدال شريك بشريك آخر.

 لكن يمتلك ترمب فرصة للتعاون مع السعودية لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وقد يمهد الطريق لعصر الطريق الذهبي الجديد بالتعاون مع السعودية لمشاركة إسرائيل في الممر الاقتصادي المزدهر الذي يربط الهند بالشرق الأوسط بأوروبا الشرقية الممتدة إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ مما يوفر مسارا نحو أميركا أكثر امانا وقوة وازدهارا مقابل الحزام والطريق الصيني، يصب في صالح السعودية التي تقود المنطقة نحو تحقيق اقتصاد مزدهر.

 

* أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية بجامعة ام القرى سابقا

 Dr_mahboob1@hotmail.com

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment