بسام ضو
إعتقدنا أنّ إنتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية سيؤمن المدخل الصحيح للممارسة السياسية الديمقراطية بعد طول إنتظار سُمّيَ بالفراغ وهو عمليًا كان نِتاج سلطة جائرة خائنة للدستور وللأمانة السياسية التي تُلزم الساسة الإلتزام السياسي الخُلُقي المستند إلى مبادىء العلوم السياسية والقوانين والشرائع الدولية.
ترافق مع عملية الإنتخاب خطاب القسم الذي تأملنا من خلال مضمونه أنه سيحدث تأثيرًا مستفيضًا على المسارات السياسية – الأمنية – الإقتصادية – المالية – الإجتماعية في البلاد، لأنّ تحديات المرحلة بكل مضامينها بحاجة ماسّة إلى معالجين من خارج الإطار التقليدي المعتمد منذ إقرار وثيقة الوفاق الوطني، وهذا الإعتقاد هو نتيجة عمليّة وشرعية لمسار الأحداث التي أفضتْ إلى دولة منهوكة القوى ومنتهكة السيادة وإداراتها في خبر كان، وليس إستنتاجًا كيديًا إو إنتقاضًا من كرامة أي مرجعية مارستْ السياسة، إنه الأمر الواقع الذي أفضى لهذا الإستنتاج.
ولكن على أرض الواقع نواجه أزمات مفبركة ومجموعة من الصعوبات المترابطة التي لا مثيل لها والتي لا يمكن التغلُّبْ عليها بوصفها صعوبات ستذلّل أو "بتدوير الزوايا" . على الرغم من كل محاولات التهدئة وبعض التدخلات الإقليمية والدولية لا يمكن تجاوز هذه الصعوبات والمحافظة على الإستقرار السياسي والإجتماعي التي يرغب العهد الجديد بشخص رئيس الجمهورية في تطبيقه، فالأمور بحاجة إلى عملية إصلاح في هيكلية الدولة الإدارية والتمثيلية . في التقدير العلمي الموضوعي المبني على أدلّة ملموسة هناك من يسعى إلى عرقلة متعمّدة في مسيرة الإنقاذ الوطنية ليشمل المجموعات السياسية المتناحـرة وطلباتها ما هي إلاّ مظلة لتخدير الرأي العام ولممارسة الفساد والإفساد وسرقة موارد البلاد وإهمال القضايا الحقيقية .
من الملاحظ أنّ عملية تشكيل الحكومة أمامها العديد من المطبات وهذا ما بدأت تنقله بعض الأوساط السياسية المتابعة ناهيك عن الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي، وأغلبية هذه المطالب هي محض شخصية لا علاقة لها بأمور الوطن والمواطنين وعملية إنتقاد بلا هوادة من قبل مرجعيات كانتْ تطمح للتوزير أو دخول جنّات السلطة.
وضع تشكيل الحكومة مشحون بالمطالب والمواجهات اللامنطقية بين كل الأطراف، وهذا الأمـر سيؤثر سلبًا على الأوضاع العامة في البلاد وسيحد من إنطلاقة العهد التي تأمّلَ بها الشعب اللبناني .
واقع الأمور يشي بصعوبات جمّة وأمطرتنا القوى السياسية بسلسلة من الإستياءات الخصوصية بأهدافها السياسية التي ترغب من خلالها المشاركة في الحكومة، ولكن هل هي مستحقة؟! إستياءات وتحريضات ترمي إلى إدعاء أحقية المشاركة والشهوات كبيرة وخطيرة ولا تُحصى بعضها أحقيّة حصر حقيبة معينة لصالحه. من الصعوبة في واقع نعيشه اليوم "الجنون السياسي والأنا، والإزدواجية الشخصية "تناول شهوات الساسة عندنا ومن الصعوبة في مكان ما إجتراح أطباء نفسيين لمعالجة أمراضهم وعقولهم هذا أمر صعب على ما يبدو. فعلا لقد وصلنا في هذه المرحلة إلى ما بات يُعرف بـ "الشعوذة السياسية"، والمطلوب إنقاذ عملية تشكيل الحكومة والدولة والشعب من الحالة المستعصية التي أوصلته إليها هذه الشعوذات السياسية وسياسة العار والزنى السياسي لممارسة الحكم.
هل يجوز أن يوّزرْ من كانوا السبب في تراكم الأزمات وخرق السيادة الوطنية؟ هل يجوز أن يوّزرْ من هم السبب في هدر المال العام والإنفاق خارج الأطر القانونية؟ هل يجوز أن يوّزرْ من كانوا يُحرّضون على الدولة وأجهزتها الرسمية؟ هل يجوز أنْ يوّزرْ من تطاولوا على النظام الديمقراطي وإبتدعوا قوانين إنتخابية على قياساتهم وعمالتهم؟ لا يجوز أن يوّزرْ من كانوا مستلمين الحكم في لبنان وجيّروا السيادة للغريب؟ هل يُعقل أن يكونوا جزءًا من حكومة مفترض أن تعيد الأمور إلى نصابها الديمقراطي عملًا بمضمون الدستور اللبناني من تسبّب في إحتلال إسرائيل لجزء من أرض الجنوب؟ هل يجوز أن يكون في الحكومة أشخاص من أصحاب القضايا الفاسدة التي أوصلت الجمهورية اللبنانية إلى حالة الإنهيار والإحتلال؟ كم
كنا نتمنّى قرأة الكتاب الصادر "الفرص الضائعة " للدكتور إيلي سالم بالإشتراك مع أنطوان سعد عن دائر سائر المشرق، من الصفحة 97 إلى 99 العنوان: خمس ساعات لتشكيل الحكومة .
كفى تقاليد سياسية زائفة، وهذه التقاليد أوصلت الجمهورية لما هيَ عليه من مخاطــر، العلم السياسي يقول أنه لا يمكن أن يتمثّلْ المقصِّرون في الحكم هذا هو الإنحراف الحقيقي عن المسار الديمقراطي وعمّا جاء في خطاب القسم.
ومن أفظع ما نسمع ونقرأ "التشكيلات المطروحة على الرأي العام" وهي التي على ما يبدو تُحاكي متطلبات سلطة الأمر الواقع لا حاجات الدولة ولا حاجات الناس، وهي نقيض الإصلاح الذي تضمنه خطاب القسم، من المعيب طرح أسماء لا تحمل النضارة السياسية الخلوقة الأخلاقية وهي نقيض الإصلاح السياسي المطلوب شعبيا وإقليميًا ودوليًا.
فخامة الرئيس، دولة الرئيس المُكلّف، جانب رئيس مجلس النوّاب، السّادة نوّاب الأمة، من حقنا أن نعيش عيشًا كريمًا ماديًا معنويًا كما نتمنى لكل مواطن لبناني التمتُّع بحريته وكرامته الإنسانية، بإسم شعبنا نرفض وبصيغة أخوّية كل آليات الإستبداد وإعادة إنتاجه... نأمـل بصريح العبارة أن يكون "تشكيل الحكومة ومضة تنوير" للنهج السياسي السليم، وإلاّ على الدنيا السلام.
Comments