الدكتور جيلبير المجبِّر
الحضور المسيحي في لبنان والمشرق يمُرْ بمرحلة دقيقة وخطيرة، وقادته المدنيين والعلمانيين غير مدركين لخطورة هذه المرحلة الحرجة والتي أفضت إلى تهجير جماعي من كل أصقاع المشرق. قادة رأي لا يدركون أي حس مصيري يُساومون ويدّعون المحافظة على المسيحيين ويكذبون على أنفسهم بادىء ذي بدء ومن ثمّ على شعوبهم والأمر المؤسف أنهم يدّعون العلم والمحافظة على إرث الأجداد ويفبركون الأخبار والمقالات بينما هم فعلا جماعة غير مسؤولين مكشوفين أمام الرأي العام ويوّصفونهم بـ "الكذبة"، لأنهم سيوصلون شعوبهم إلى الضياع وفقدان الهوية الوجودية.
سؤال نطرحه باسم الأكثرية الصامتة: هل ستدوم هذه المرحلة من الكذب والإدعاءات وكتابة المقالات عبر وسائل التواصل الإجتماعي؟ وهل ستدوم كذباتهم التي لا يوجد لها أي مصداقية لناحية الدفاع أو المحافظة على الإرث؟
هل سيبقى وجود للمسيحيين مع أمثال هؤلاء الكذبة المُدّعين العلم ومفبركي الشهادات المزوّرة؟ هل سيبقى الحس الوطني محافظا على كلمة السيادة؟ طبعا لا لأنهم طبقة مأجورة تفبرك الكذب والخطابات بينما على أرض الواقع يلمُسْ الناس أنّ أوضاعهم هي من سيء إلى أسوأ.
إنّ الأوضاع المهترأة تشمل كل المسيحيين في هذا المشرق...لا شك أننا بحاجة إلى حالة وعي وفكر صادق غير مزّيف بالشهادات المزورة ولا بالمواقف المائعة ولا بالإستعانة بمقالات من هنا وهناك، نحن بحاجة إلى مقامات فكرية تضم المرجعيات الوطنية المثقفة تثقيفا شرعيا لا مدعية حمل الشهادات المزورة والألقاب النتنة، ننظر إلى مرجعيات فاعلة في محيطها تسكّن ألم الناس وتداويه، مرجعيات صادقة مع نفسها ومع الناس تحمل رسالة خلاص رسالة فداء رسالة منّزهة عن الكراهية والإستجداء، رسالة نبل تحمل في طياتها المحبة الغير مزّيفة والمطعمة بالحلفان الزائف...
نحن بحاجة لحالة وعي فكري وجودها رسالة شهادة للحق والتصرف بحكمة لا بالإدعاءات السخيفة والباطلة. أطلعني مكتب بيروت على مضمون زيارة قام بها لأحد المراجع السياسية المكلفة بمتابعة الشأن العام في لبنان على كافة الصعد ومن خلال المضمون إستشفيتْ أن أغلبية المسؤولين غير مدركين لخطورة الوضع المسيحي في لبنان، كلهم نعم كلهم يكذبون ويتكيّفون مع الأمر الواقع الذي أفضى لما نحن عليه من مشاكل وتهجير ممنهج.
جميعهم يتذاكون ويكتبون مقالات فارغة ولكنها محملة بالكذب والوعود وأحقرها إنهم يتوّجهون إلى المسؤولين يطالبونهم بتنفيذ أمور بديهية غير قابلة للتطبيق لأنها تأتي عن طريق أشخاص أو كتبة مقالات موصوفين بالكذب والرياء وعدم المصداقية... وكيف تريدون أيها القّراء الكرام أن تصدقوا كاذبا ومتلونا ومشعوذا وسارقا لبعض الأفكار أن يكون الناطق بإسمكم؟
السؤال المطروح أمام الرأي العام كيف تستطيع النخبة المسيحية الفكرية في مجتمعنا اللبناني ومجتمعنا المشرقي وأمام هذا المشهد المليء بالتزوير والعفن الأخلاقي والإدعاء الخلُقي الحسنْ حيث النبل والصدق ممنوعين؟ كيف تريدون أن نتمم رسالة خلاص مجتمعنا وان نجيب على سؤال يتردد بإستمرار: ماذا يعني أن يكون الإنسان اللبناني متأصلا في وطنه ومشرقه؟ عندما تسود في وطنه شريعة الكذب والإدعاء الفكري؟ وهل مع هكذا أشخاص ستدوم اللبنانية المسيحية في لبنان أو في المشرق؟ نحن يا سادة نعيش في زمن المحل والمقالات الكاذبة والمُضلّلة والأفعال الساقطة التي أوصلتنا إلى حالات الهجرة الممنهجة.
صحيح كما قال لي أحد المسؤولين، إنّ هذه الضبابية في المفاهيم حول حضور المسيحيين في لبنان والمشرق لا تقتصر فقط على حضورهم، بل تمتد إلى سياسة منهجة يتقن فنها من يدّعون الثقافة والعلم ومجالات الأعمال والذين بأفعالهم يفترشون الإرهاب الفكري خاصة بعدما إستفحل التزوير في المواقف وإنتحال الصفة... وتلك الصفات حكما ستبيد كل شيء دون وجه حق وستدمر كل شيء...
المؤسف أن الشر يكبر ونحن نفتقر إلى روح الفكر الصادق والصارم، المؤسف أننا وقعنا بين أيدي "ولاد حرام" يدعون التقية وبثوب الشيطان يأتون إلى وطننا... ولكن أبينا إلا أن نسمي الحقائق بأسمائها كي نستطيع دحضها ومنعها من الإنتشار.
من المؤكد أننا سنواجه الصعاب لأننا في زمن تفلتت فيه الأخلاق وتوّسعت فيه المكائد، ونحن أمام أشخاص يدعون التقية والأنكى يوجهون رسائل لهذا أو ذاك من المسؤولين ويتناسون أنهم من الصنف ذاته عملاً بما قاله الزعيم الدرزي في وقت سابق " إنهم من الجنس العاطل ".
المسيحون في لبنان والمشرق في حالة الخطر الشديد والسبب أنهم محكومون بأشخاص غير أخلاقيين ولهم دور إحتيالي في ضرب تاريخهم والسياسي والجغرافي والديمغرافي... هل من يستطيع إسكات هؤلاء الكذبة؟ أعتقد أنهم في غرف تقرير المصير في لبنان والمشرق لذا هناك صعوبة.
Comments