bah لبنان بين الفراغ السياسي والاصطفافات: هل ينجح العهد الجديد في فكّ أسر الجمود؟ مشهد سياسي مأزوم - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

لبنان بين الفراغ السياسي والاصطفافات: هل ينجح العهد الجديد في فكّ أسر الجمود؟ مشهد سياسي مأزوم

02/05/2025 - 17:03 PM

بيروت

 

 

لبنان بين الفراغ السياسي والاصطفافات: هل ينجح العهد الجديد في فكّ أسر الجمود؟

مشهد سياسي مأزوم

 

بيروت – كتب الاعلامي كريم حداد

 

منذ انتخاب مجلس النواب اللبناني عام 2022، عجز عن أداء واجباته الدستورية، سواء من حيث تشكيل حكومة جديدة أو انتخاب رئيس للجمهورية، ما أدى إلى شلل سياسي امتد لأكثر من عامين. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي، جاءت الحرب بين إسرائيل و ”حزب الله” لتضيف مزيدًا من التعقيد، في ظل غياب سلطة تنفيذية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

أدى هذا الجمود السياسي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث تدهور الوضع المالي وسط غياب أي إصلاحات حقيقية. ومع تصاعد حدة المواجهات العسكرية، ازدادت المخاوف من انزلاق لبنان نحو مرحلة أكثر خطورة، خصوصًا في ظل غياب قيادة سياسية قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تحمي البلاد من تداعيات الصراعات الإقليمية.

اليوم، يجد لبنان نفسه أمام سؤال مصيري: هل ينجح العهد الجديد في كسر هذه الحلقة المفرغة من التعطيل والشلل؟

من ميشال عون إلى جوزاف عون: بين الفراغ والتسويات

في عام 2016، وبعد أكثر من عامين ونصف من الفراغ الرئاسي، انتُخب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية إثر تسوية سياسية جمعت “التيار الوطني الحر”، “حزب الله”، وتيار “المستقبل”. غير أن الأزمات المتراكمة، من انهيار العملة إلى احتجاجات 2019، حوّلت البلاد إلى ساحة مواجهة بين السلطة والشعب.

ومع انتهاء ولاية ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022، دخل لبنان في فراغ رئاسي جديد استمر لأكثر من عامين، نتيجة الانقسامات الحادة داخل البرلمان، وتعطيل الجلسات التشريعية المتكرر. إلا أن الضغوط الدولية والإقليمية فرضت تسوية جديدة، أفضت إلى انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية في 9 كانون الثاني 2025، في محاولة لإعادة الاستقرار إلى المشهد السياسي.

حكومة نواف سلام: بين التكليف والتعطيل

مع انتخاب الرئيس الجديد، جرى تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة، في خطوة لاقت دعمًا داخليًا ودوليًا، كونه شخصية إصلاحية تحظى بقبول واسع. غير أن هذا التكليف وُوجه بمعارضة شديدة من “حزب الله” وحلفائه، الذين رأوا في حكومة سلام تهديدًا للمعادلات السياسية القائمة، فتمسكوا بالإبقاء على حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي.

لم يكن هذا الانقسام مجرد خلاف على الأسماء، بل عكس صراعًا أعمق بين تيار يسعى إلى استكمال المسار الدستوري وإطلاق ورشة إصلاحية، وآخر يفضل الإبقاء على الوضع القائم لضمان استمرار نفوذه داخل مؤسسات الدولة.

برلمان 2022: بين الشلل التشريعي والتعطيل السياسي

أجريت الانتخابات النيابية عام 2022 وفق قانون انتخابي عزّز المحاصصة الطائفية والسياسية، ما جعل البرلمان ساحة مواجهة بين الكتل، بدل أن يكون منصة للتشريع والإصلاح. فشل البرلمان في تشكيل حكومة جديدة، كما عجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، ما أدى إلى إبقاء البلاد في حالة شلل سياسي استمرت أكثر من عامين.

هل الحل في تغيير القانون الانتخابي؟

يرى العديد من المراقبين أن قانون الانتخاب المعتمد عام 2018 ساهم في تعميق الأزمة، إذ عزّز نظام المحاصصة، وحوّل الحكومة إلى انعكاس مباشر للخلافات البرلمانية، ما أفقدها القدرة على العمل بفعالية.

لذلك، يطرح البعض فكرة تشكيل حكومة مستقلة تُراعي التمثيل السياسي دون أن تكون رهينة للمحاصصة، بما يتيح تنفيذ إصلاحات حقيقية، في مقدمتها إعادة النظر في قانون الانتخابات لضمان إنتاج سلطة أكثر استقرارًا وفعالية.

لبنان بين الأزمات والتسويات: أي مسار للمرحلة المقبلة؟

مع بدء العهد الرئاسي الجديد، يواجه لبنان تحديات مصيرية، أبرزها:

• تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بعد الحرب بين إسرائيل و ”حزب الله”، والالتزام بالقرارات الدولية لضمان الاستقرار.

• إطلاق إصلاحات اقتصادية وإدارية لوقف الانهيار المالي واستعادة ثقة المجتمع الدولي.

• تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية وسط ضغوط دولية لإعادة ترتيب الأولويات السياسية.

• ضمان إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في أجواء مستقرة، بعيدًا عن التعطيل الذي شلّ البرلمان الحالي. 

اليوم، يقف لبنان أمام اختبار حاسم: فهل ينجح العهد الجديد في كسر حلقة التعطيل والانطلاق في مسار إصلاحي حقيقي، أم أن البلاد ستظل رهينة الاصطفافات السياسية التي تعيق أي تقدم؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.

 

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment