حوار مع شخصية عراقية
المترجمة/ دعاء عبدالكريم
عُمر هاشم الدليمي رجل أعمال عراقي من مواليد الثمانينات من محافظة الأنبار. صانع محتوى هادف وثقافي يختص بمجال الفروسية والرماية.
سؤالي إليك: هل الافراط في حُب السيجار دلالة على قلق عظيم أم ثقة لا حدود لها أم نوع من مواساة الذات بطريقة مبهمة كأن تكن وسيلة يترفع فيها الشخص عن طلب المواساة في لحظة ما، لكون الجميع اعتاد على صلابته؟
أجيب على سؤالكِ: لا توجد أي روابط أو دلالات على حُب السيجار لكن رأيي الشخصي مختلف تماماً وفق نمط تفكيري التراكمي فأنا ممن يقرأ بين السطور وخلف السطور. السيجار يمنح صاحبهُ نوع من الهدوء الذي لايغيب العقل عن التفكير. إن المفرطين فيه هم علية القوم أو أشخاص أتعبتهم عقولهم لذا لا يحتاجون إلى مشاورة السفهاء، حتى المقربين منهم أيضاً مفرطين فيما هم فيه متشابهون لذا يكون الهدوء سيد الموقف دائماً أما لغة الكلام فقد عفى عليه الزمن. لذا لهم محاولات فاشلة جداً في أخذ آراء الآخرين، لو تلاحظين المُفرطين فيهِ لم يسبق لهم و إن طلبوا المشورة من أحد ينصتون للجميع لكن قراراتهم ثابتة. و لو كان لهم قرار واحد خاضع للمشورة فهو الذي أخذهم نحو منعطف آخر.
سؤالي إليك: ما هي علاقة السيجار بالانتقائية و ما المميز فيهِ؟
أجاب: السيجار يختلف عن السجائر العادية التي بإمكان أي شخص شراءها بثمن يوازي علبة عصير، أما السيجار فهو لأصحاب الذوق الرفيع لغلاء ثمنهُ حسب الجودة التي صُنع بها. لذلك انتقاء النوع الأفضل تحددهُ ذائقة الشخص نفسهُ فإذا كان من حديثي النعمة كما يقولون فقد يشتريهُ و يبالغ في السؤال عن ثمنه ويستغرب جداً من الأسعار التي قد يصل إليها السيجار. أما المعتاد عليه فلا يبالي لثمنه بقدر ما يدقق في نوعيته لأن انتقائيته تتطلب السؤال عن تأريخ تعتيق اوراقها، تخميرالتبغ، مرحلة الظل والضوء والطبقات الثلاث التي تم تغليفها بعناية فائقة كلها مراحل تتم خلال سنواتظ هذا ما يجعل الزبون الدائم يمتنع عن تغيير نوع السيجار. الانتقائية لا تتولد عبثاً انما بعد توافق المظهر مع الجوهر.
سؤالي إليك: هل شراء السيجار حكر على أصحاب الطبقة المخملية؟
أجيب عليكِ: نعم و لا. السؤال يأخذني إلى مواضيع أعمق فأنتِ هنا ترغبين في معرفة ما هو خلف الكواليس. أشياء كثيرة عدا السيجار قد يراها البعض حكراً على فاحشي الثراء لكنها في الواقع للجميع لكن لها أصولها. مثل فن الإتيكيت لشرب القهوة و التفريق بين أوقات النقاش في المواضيع الجادة و القرارات المصيرية عن أوقات التحدث في مواضيع أقل تعقيداً. سابقاً كانوا الأثرياء هم على مستوى ثقافي عالي جداً فالمال وحدهُ لا يرفع قدر الإنسان لكن يغطي معظم النقصان الذي يٌفضح في أول نقاش. السيجار يذكرني بموقف لطالما احتفظت بهِ لنفسي لكن سأخبركِ بهِ. عندما أجلس على طاولة العشاء مع أشخاص لم تكن لي بهم معرفة طويلة الأمد، اتفاجئ بالتفكير السطحي الذي هم عليهِ بعدها ألقي نظرة على البدلة التي أرتديها و السيجار الذي أشعلتهُ ثم أقول في قرارة نفسي إن ثمن ما أرتديهِ أغلى ممن أجلس معهم الآن.
سؤالي إليك: نحن نعرف المرأة كائن فضولي في اكتشاف نوعية الأشياء لماذا لم تكن واجهة اعلانية ناجحة للترويج عن السيجار؟
أجيب: في رأيي الشخصي المرأة التي تمسك في يدها أي نوع من السيجار هي امرأة من الدرجة الثانية مهما بلغ مستواها الاجتماعي او الثقافي. لا أقول هذا الكلام لأنني رجل شرقي لكن السيجار هو وسيلة لتقليل التوتر والقلق والمرأة التي تفهم ذاتها جيداً تعلم بأنها مصدر الهدوء ومنها ينبثق السلام الداخلي. أما عن الترويج للسيجار من قبل النساء فأنا أراهُ مضحك جداً لأنهُ منتج رجالي بحت كأن يقوم رجلاً بالترويج عن درجات أحمر شفاه يذكر فيها ثباتية اللون و درجة الترطيب. إن تبادل الأدوار محط سخرية لا أكثر ولا أقل.
سؤالي إليك: ما هو السر في ادمان استنشاق السيجار القاتل بثمن باهض؟
أجاب: السيجار الجيد لا يقتل صاحبهُ. أحياناً يبحث الزبائن الجدد عن انواع بأسعار أقل لكنها خاضعة للغش التجاري من رداءة نوع التبغ الى التغليف بأوراق الكرنب وما الى ذلك من الحيل التي يتم فيها تصنيع السيجار خارج معايير الجودة. لذا الادمان يكون فقط على الانواع الفاخرة ذوات الاثمان الباهضة.
سؤالي إليك: أي المشروبات المناسبة للسيجار؟ و هل يلعب السيجار دورين مع الشخص ذاتهُ؟
أجيب على سؤالكِ: السيجار صديق دائم القهوة صباحاً و مساءاً لأصحاب التفكير المفرط لأن العقل حاضر. و صديق المشروبات الكحولية مساءاً للأشخاص المترددين في اتخاذ قراراتهم و اصحاب الشخصيات التي تحاول الهروب من الواقع لأن العقل مُغيب.
سؤالي إليك: هل نوع السيجار للرجال هو بمثابة نوع الشوكولاته للنساء؟
أجاب: تقريباً هو كذلك. أسعار السجائر متوفرة في متناول الجميع كما هو الحال لثمن الكاكاو. لكن السيجار والشوكولاته مختلفين تماماً، مثلاً السيجار Montecristo، Davidoff السويسري، Partagas، Robustos، Zino Nicaragua وأنواع أخرى كلها لها علامات تجارية مرموقة جداً عالمياً. أما عن الشوكولاته فلا أتذكر إلا نوع واحد To’ak مصنوعة بدقة متناهية.
سؤالي إليك: يقول فرانز كافكا:"وحيد أنا بدونك كالسيجارة الأخيرة في علبة التبغ، لا يخلّصني من وحدتي سوى المحرقة". إلى أي مدى يصنع السيجار لصاحبهُ تيه لا قرار لهُ؟
أجيب على سؤالكِ: ويقول الروائي ذاتهُ: "أنت هدوء قلبي وصخبهُ في آنٍ معاً". السيجار لا يصنع تيه كما يعتقد الآخرين. فأنا لي معهُ تجربة على مدار 24 عام ولم أكن يوماً مُدمناً عليهِ لكنه معي بين الحين والآخر.
في نهاية الحوار معك، هل السيجار يصنع شخصية مختلفة عن المألوف؟
أجيب على سؤالكِ: بالطبع لا، كل شخص لديه شخصية خاصة فيهِ، مثل بصمة الإصبع وبصمة العين والإحساس وما إلى آخره. لكن السيجار أرتبط اسمهُ بشخصيات كانت لهم تأثير معين أياً كان نوع التأثير سلبي أم إيجابي لكن وجودهم في تلك السنوات ظل مستمر في الذاكرة إلى الآن و أقترن بالسيجار. منهم ونستون تشرشل، تشي جيفارا وصدام حسين وغيرهم لكنهم الأقل شعبية لأن السيجار أرتبط فيهم أما الآخرين مرتبطون بالسيجار.
ابرز محبين السيجار الكوبي بدأ من تشرشل: “حين تصمت النسور، تبدأ الببغاوات بالثرثرة. ” إلى ايقونة التمرد تشي جيفارا: "كن هادئاً وصوب جيداً أنت في النهاية ستقتل رجلاً". إلى صدام حسين:"صحيح أنني أشرب سيجاراً أمريكياً لكن أحرقه بكبريت عراقي".
Comments