د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب *
منذ وعد بلفور 2017 شكل وثيقة سيئة بحق الفلسطينيين لأنها تسمح بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين باعتبار أرضهم الموعودة التي شتتهم الرومان عام 70م، وضغط القادة اليهود على روزفلت مستغلين ممارسة النازيين القاسية ضدهم في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، لكن نقل سفير أمريكا في الإسكندرية للرئيس روزفلت اهتمام الملك عبد العزيز بما تقوم به الصهيونية العالمية بضرب العلاقات العربية الأمريكية، كان رد روزفلت لن يكون هنالك أي قرار يغير الواقع في فلسطين إلا بعد التشاور مع العرب واليهود، وأرسل روزفلت هوسكينز ليقابل الملك عبد العزيز لتأمين لقاء بينه وبين الملك عبد العزيز ليعمل الاثنان على حل المشكلة.
وعند الانتهاء من مؤتمر يالطا مع ستالين وتشرشل في فبراير 1945 قرر الرئيس روزفلت لقاء الملك عبد العزيز جنوب السويس على ظهر السفينة كوينسي، لكن الضغط المحلي من الناخبين اليهود جعله لم يلتزم بما تعهد به للملك عبد العزيز، ما جعل الملك عبد العزيز يطلب من الرؤساء العرب تقديم احتجاج جماعي إلى الإدارة الأمريكية، وطلب الملك عبد العزيز من روزفلت نشر رسالته علنا المؤرخة في 10 مارس 1945 التي تدور حول فلسطين واهتمام العرب بالتطورات التي تدور وتعهد روزفلت للملك عبد العزيز لن يكون هناك قرار من دون التشاور مع العرب واليهود، وجدد روزفلت بأن موقفه لم يتغير وكذلك موقف حكومته لم يتغير، وأراد الحل من خلال المصالحة والتنمية، لكن بعد تولي ترومان أصدر بيانا أن دولته ملتزمة بإنشاء دولة يهودية في 14 مايو 1948.
شاركت السعودية في العديد من المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بحل القضية الفلسطينية، بتبني مشروع الملك فهد للسلام في قمة فاس 1982 كانت أساسا لمؤتمر السلام في مدريد 1991 وانتهاء بخارطة الطريق ومبادرة السلام العربي التي اقترحها الملك عبد الله ولي العهد آنذاك وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد في قمة بيروت في مارس 2002 لحل النزاع العربي الإسرائيلي، وتبني السعودية اتفاق بين حركتي فتح وحماس في مدينة مكة عام 2007 للم شمل الصف الفلسطيني من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن انهار اتفاق مكة، وحاولت السعودية إحياء اتفاق مكة2 في 2015 في عهد الملك سلمان وتم العفو عن معتقلي حماس عقب دورهم في جمع الأموال أثناء العدوان على غزة عام 2014.
وفي 10 مارس 2023 توصلت السعودية إلى اتفاق بينها وبين إيران برعاية بكين من أجل وقف المتاجرة بالقضية الفلسطينية إقليميا، وفي 7 فبراير 2024 أبلغت وزارة الخارجية السعودية الإدارة الأميركية موقفها الثابت بأنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 ووقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وعندما تم نقض جزئي لمشروع قرار بمجلس الأمن في 20 فبراير 2024 يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة قالت وزارة الخارجية السعودية أن هناك حاجة اكثر من أي وقت مضى إلى إصلاح مجلس الأمن للاضطلاع بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، بمصداقية ودون ازدواجية في المعايير، وفي 29 يناير 2025 أعلن سفير السعودية في بريطانيا الأمير خالد بن بندر إن السعودية لن تطبع مع إسرائيل دون حل للقضية الفلسطينية وأن الحل هو إقامة دولة فلسطينية.
مرت 5 سنوات بين طرح الرئيس ترمب ما عرف إعلاميا بصفقة القرن لتطبيع سياسي واقتصادي إسرائيلي عربي مقابل دولة فلسطينية رمزية منزوعة السلاح لا علاقة لها بالقدس تتوسع إلى السيطرة على قطاع غزة وتهجير سكانه وإعماره مقابل التطبيع وتوسيع احتلال قطاع غزة لم يكتب لها النجاح، وطرحت الخطة بمجئ بايدن لكن الخطة الثانية تعد تطهيرا عرقيا واحتلالا أمريكيا للقطاع ونتيجة ضغوط سعودية عربية وحراكا دوليا كان هناك حديثا عن دولة فلسطينية لكن طوفان الأقصى أجهض الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية.
مع مجئ ترمب في رئاسته الثانية لم يخطر على بال أحد سيناريوهات أقوى من الخيال أثار حفيظة ليس فقط دول المنطقة بل العالم أجمع حتى الحلفاء للولايات المتحدة، لأنها خطط لا تعترف بالمواثيق الدولية، وكأن ترمب مولعا بتغيير الجغرافيا بخيال سياسي فاق كل التوقعات وكل التخيلات السينمائية في هليود شملت دول كثيرة في العالم أعادت للاذهان حقبة الاستعمار العالمي.
لم تمهل السعودية القنابل التي رماها ترمب ببيان شديدة اللهجة صادر من وزارة الخارجية فجرا لم يمر على قنابل ترمب 40 دقيقة صدمت ترمب ببيان لا يحتمل التأويل فلا تسمح السعودية أن يلعب ترمب بأمن العرب القومي وموقفها ثابت لا يتزحزح لا يمكن أن تقيم علاقة دبلوماسية مع إسرائيل إلا بعد إقامة دولة فلسطينية، واعتبر الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودي السابق أن ما يدعو إليه ترمب تطهير عرقي يرفضه المجتمع الدولي واعتبر أن القضية الفلسطينية القضية المركزية لدى السعودية والعرب منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى اليوم لم يتغير الموقف وهي تود وقف الصراع العربي الإسرائيلي من أجل دخول المنطقة في مرحلة تنمية إقليمية ودولية يمكن ان تشارك إسرائيل في هذه التنمية.
* أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية بجامعة أم القرى سابقا
Dr_mahboob1@hotmail.com
Comments