bah هل سيحقق ترامب نبوءات اليمين؟!! - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

هل سيحقق ترامب نبوءات اليمين؟!!

02/07/2025 - 17:24 PM

بيروت

 

 

 

بقلم: مارون سامي عزّام

 

الرّئيس الاميركي دونالد ترامب المُعاد انتخابه، بدأ فترته الرّئاسيّة بزوبعة سياسيّة غير متوقّعة، وهي باقتراح ترحيل قسم من سكّان غزّة إلى مصر والأردن، هذا "الإملاء الرّئاسي" خلق بلبلة في معظم الدّول العربيّة، بل في كل دول محور الاعتدال، مثل مصر، الأردن، السعوديّة، قطر، (حلف الناتو العربي القادم!!) فأبدوا رفضهم الجارف لهذا المقترَح المقبول بدون شك على نتنياهو وشلّته اليمينيّة المهووسة "بحلم" طرد سكّان غزّة إلى دول الجوار، كي يستعيدوا "أمجاد الاستيطان في أرض الآباء"، فقدّم لهم ترامب طرف خيط مطلبهم التاريخي بتحقيق رؤى أرض إسرائيل الكاملة!!

ترامب العائد بقوّة إلى الحلبة الدوليَّة، يريد أن يفرض سياساته الاستفزازيّة بالقوّة عليها، باستخدامه الكرباج الاقتصادي الذي يهددها به، أمّا سياسته تجاه الشرق الأوسط، فإنها تعتمد على ركيزتين لا تنفصلان عن بعضهما البعض، الأولى الاستقرار الإقليمي وخاصة الشرق أوسطي، والثّانية التّسويات القائمة على التطبيع الإجباري مع إسرائيل، لإدخال السعوديَّة في بيئة إقليميّة هادئة أمنيًّا، بدون نزاعات أو حروب، لدرجة أنها تنازلت عن نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه، كل هذا الإجراء "الرّهيب"، ليتمّم مسار استسلامها لإملاءات ترامب الاقتصادية، فقط من أجل أن يحصل من ولي عهد أمريكا محمد بن سلمان على 600 مليار دولار لدعم الخزينة الأمريكيّة.

بالنسبة لليمين الإسرائيلي الرّئيس الأمريكي، هو محقِّق نبوءاته التوراتية، وسيكون أكثر مصداقيّة من نتنياهو في حال نفَّذ عملية ترحيل قسم من أهل غزّة إلى مصر والأردن، اللتين ما زالتا تقفان بوجهه، بدعم من حزام الأمان العربي، وهذه المرّة يبدو ترامب مُصرًّا على إجبارهما لتنفيذ رغبته الخارجة عن الإجماع الدولي، الذي لم يُحرِّك ساكنًا، إزاء ضربه للشرعية الدولية.

العاهل الأردني عبدالله الثّاني، لغاية الآن يرفض طلب ترامب، لأن معظم سكان المملكة من اللاجئين الفلسطينيّين، وفي حال موافقته على توطين قسم من فلسطينيي غزّة، عندئذِ سيتحول الأردن إلى وطن بديل للشعب الفلسطيني، وهذه أمنية نتنياهو الأمثل، لكي يتخلص من "كابوس" الدولة الفلسطينية. بالنسبة للسيسي، فإنه يرفض أن تتحوّل أرض سيناء إلى ثكنات إرهابيّة، هكذا يتزعزع الأمن المصري الدّاخلي، وهذا سيؤثّر كثيرًا على اقتصادها المعتمد على مجال السّياحة الخارجيّة، وريد الدّخل الرئيسي المُنعش لقطاعات الدولة.

أمريكا حامية مرمى مصالحها الدوليّة، والتي تسعى دائمًا لحماية أمن إسرائيل، لا تُدرك أنها من خلال عملية ترحيلها "المبتكرة"، تتخلّى عن الدّعم العربي وبالأخص الخليجي، "الملتزم كليًّا" بإكمال دورة ألعاب اتفاقيات أبراهام السياسيّة، على ملعب السلام الاقتصادي، الذي بناه المهندس نتنياهو، مُنسِّق سياسات ترامب في المنطقة، ومحرِّك صفعة القرن... عفوًا صفقة القرن في ولايته الأولى!

الأكيد أن ترحيل قسم من سكّان غزّة، بهدف إعادة إعمارها، وإزالة الدّمار الهائل، هي ذريعة لفرض واقعٍ استيطاني جديد، وفي الأوساط الإسرائيليّة، يعتبرون ترامب عضوًا في حزب الليكود، وكل ذلك لإرضاء جنون اليمين، الذي ما زال يضع العقبات في عجلات قطار الأسرى المخطوفين، ونتنياهو يتمنّى إلى الآن انهيار صفقة إطلاق سراحهم، من أجل ضمان بقائه في الحُكم.

الكرباج الاقتصادي الذي استخدمه ترامب مع المكسيك، يعتقد أن فاعليّته ستنجح على مصر والأردن في حال استخدامه، ولكنه لن يُجديه نفعًا، لأن سياسته الخارجيّة المتعالية على العرب، جعلته ينسى أن هاتين الدّولتَين العربيّتَين اللتين تُلقيان حملهما الاقتصادي على أمريكا، قد نالتا دعمًا كاملًا من دول الخليج، التي شكّلت سور أمان لبلدهما، ولن تقبل تعسّفات ترامب، المتهوّر والمستهتر!!، كما أن المجتمع الدّولي أصبح يدُور حول نفسه، أمام ألاعيبه الدولية الخطيرة. 

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment