bah مارون الإلهي وملكوتُ الحبِّ المطعونِ بالحربةِ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

مارون الإلهي وملكوتُ الحبِّ المطعونِ بالحربةِ

02/08/2025 - 00:19 AM

Atlas New

 

 

الاب الدكتور نبيل مونس *

 

أيّ تعبيرٍ هذا مارون الإلهيّ؟ مَن تجرأ على أن يُطلق على راهبٍ ناسكٍ متقشّفٍ هذا النّعتَ في عالمِ العصرنةِ والمكننةِ والتكنولوجيا والروبوتيّة المادية؟.

ألسنا اليومَ أمام تحدّيات من نوعٍ آخر؟ العلومُ والأبحاثُ التّاريخيّة، منها الأركيولوجيّة التنقيبيّة ومنها التحليليّة الكربونية، تدعونا إلى أن نترقّى إلى عالمِ التّدقيقِ والتّمحيصِ في الذّرة، في الكلمةِ وفي الفكر. 

منذ البدءِ، والوعيُ الإنسانيّ يُحاول الوصولَ إلى سبر غور الوجودِ لكشفِ سرّ الحياةِ والقوّة. لم نزلْ، وعلى طريقتِنا، نُحاول فكّ اللّغز العميقِ لسرّ الحياةِ والوجود.

شخصٌ واحدٌ وحيدٌ استطاع أن يفكّ الرَباط ويزعزعَ أركانَ الوجودِ لأنه

انتصرَ على الموتِ وهو الحيّ والحبّ والخلودُ واسمُه يسوع. قبل أن يموتَ أقام النّاسَ من الموت.

هو هو ماتَ وقُبر، وقامَ في اليومِ الثالثِ، صعدَ إلى السّماءِ وجلسَ عن يمينِ الله الآبِ. وسيأتي ليُدين الأحياءَ والأموات. هل هذا القولُ، فعلُ إيمانٍ فقط؟ أم أنّنا أمامَ واقعٍ جديدٍ لعالمٍ جديدٍ وإنسانٍ جديدٍ.

القيامةُ قائمةٌ ويسوع الجليليّ حيٌ، حاضرٌ كما بالأمس، هو اليوم، كما في الجسدِ والنّفس، وأخيرًا لا آخرَ، كما في السّماء كذلك على الأرض.

إنّ مارون الإلهيّ يدخل في نسبيّة الإنسانية الجديدة.

١- قال الكتابُ المقدّس: أنّه إن كنّا قد مُتنا معه فسنحيا أيضًا معه… إن كنّا نصبر فسنملك أيضًا معه. إن كنًا نُنكره فهو أيضُا سينكرنا (٢ تيموثاوس ٢/ ١٢).

صادقةٌ هي الكلمةُ. إنّها الكلمةُ الرّوح، كلمةُ الحياةِ، منها خرجَ نفَسٌ، روحٌ حيٌّ إلى غبارِ الأرضِ فصار انسانًا، بفعلِ قوّة الأقوى للمحبّة، لأنّ الله محبّة، جوهرُه محبّة، وأفعالُه حبٌّ وخلاصٌ. 

الكلمةُ صارتْ جسدًا وحلّت بيننا، إنّها أعظمُ وأقدسُ حبٍّ إلهيٍّ حدثَ على الأرضِ لخلاصِ كلّ إنسانٍ في كلّ مكانٍ وعلى مدى الأزمانِ. 

مارون الإلهيّ جسّدَ في الحياةِ وما بعدها، ما فعلَه المسيح على الأرضِ وما بعدها. هكذا فعلَ الرّسل والتّلاميذُ القدّيسون على مرّ العصورِ. لقدِ اختار في حياتِه، فى العراءِ على قمةِ جبلِ نابو في شمالِ سوريا، أن يعيشَ مع المسيحِ يسوع وفي المسيحِ يسوع ليموتَ معه من أجلِ حبِ اللهِ الاعظم، فكان له النّصيبُ الأفضلُ أن يحيا معه إلى الأبد ويملك معه إلى الأبد. 

٢- الملكوت؟ 

قال يسوعُ في وجهِ بيلاطس " ملكوتي ليسَ من هذا العالمِ "، هذا وان عنى شيئًا إنّما يعني أنّ يسوع قاله في وجهِ قيصر حاكمِ العالمِ المتحضّر في ذاك الزّمن. قال يسوعُ هذا القولُ في وجهِ الإمبراطورياتِ كلّها التي بُنيت بالسّيف والقوّة. إنّه طال إمبراطوريّاتِ المالِ والأكثرياتِ العرقيّة والعدديّة والعنصريّة.

الرّب يسوع طُعِن في صميم قلبهِ ليلِدَ من القلبِ الإلهيّ المذبوح الحضارةَ الجديدةَ للملكوتِ الذي أعدّه اللهُ للبشريّة منذ الخلْقِ الأوّل، حضارةُ القلبِ الإلهيّ، رُفِع على الصّليبِ علّهم يُدركون فيخلُصون. صرخَ من أعلى شجرةِ الحياة " أنا عطشان " علّهم يسمعون فيُؤمنون

٣- مار مارون (٣٥٠-٤١٠) 

كلّ حياتِه في العراءِ وفي الوحدةِ والصّلاة إنّما جاءت تلبيةً لنداءِ القلبِ الإلهيّ. قصّته الخارقةُ العجيبةُ في تحدِّي الطبيعة، كنيستُه الصّغيرةُ المضطَهدَة وصمودُها، تلاميذُه الأبطالُ المثابرون في الحبّ والعطاءِ اللامحدود، لا تُفسّر إلّا حالة واحدة في الإيمان، الجوابَ الفعليّ الواقعيّ لحبّ الله الآب الغيرِ موصوفِ والمدركِ الذي لم يوفّر حتى قلبِ ابنِه الوحيدِ لأجلِ خلاصِ العالمِ وبناءِ ملكوتِ الحبّ المخفيّ منذ إنشاءِ العالمِ. 

آمِن وناد حتّى في التّجربةِ، لقدِ اقتربَ ملكوتُ الرّبِ، ملكوتُ الحبّ الإلهيّ. 

 

* مؤسس اللجنة اللاهوتية للسلام في لبنان وراعي كنيسة سيدة لبنان المارونية في ولاية اوكلاهوما الأميركية

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment