bah الحـبُّ زادٌ لا بُـدّ منـه - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الحـبُّ زادٌ لا بُـدّ منـه

02/14/2025 - 22:24 PM

Prestige Jewelry

 

 

 

بقلم: مارون سامي عزّام

 

الحب لا يمكن الاستغناء عنه، فإنّه دائم الوجود، تُحَرّكه الطّاقة الشّعوريّة الدّاخليّة للإنسان بلا توقُّف، وليس مجرّد موسم عابر، لا يحتاج لمن يدفعه إلى العلن. برأيي الحب معبود الجميع منذ الأزل... الكل يسعى ليحظى به، فهو مَطلب هذا الزّمن القبيح المليء بفجوات الكراهيّة والظُّلم، التي يقَع بها كلُّ واحد. عيد الحب تاريخه معروف يَحتفِل به العالم ومجتمعنا، بطقوس غربيّة غريبة، لا علاقة لها بالحب، لها دوافعًا تجاريّةً جليّة، لذلك من المعيب أن نعترف بقيمة المشاعر، فقط في هذا اليوم "الاستثنائيّ"!!

سبحان الله حتّى الفيسبوك "في كل عُرس إلو قُرص"، إذ بواسطته يبدأ التسويق الوحشي اليومي والمتكرِّر إذا جاز التعبير، من أجل "تشجيع" الشبّان على شراء بطاقات الحفلات بأي ثمن، تحت مسمّى "عيد الحب" بأسعار باهظة جدًّا، مع العِلم أن هذه السلسلة من الحملات الإعلانيَّة، قد شهدناها خلال موسم الأعياد المجيدة الماضية، ولا فرق بينها إلّا موعدها الرّسمي... بالنسبة لي، عيد الحب يُمثِّل دلالة غائبة عن الكثيرين، وهي الترويج الاستباقي المُبكِر، من أجل الاستعداد لاحتفالات مهرجان الرّبيع القادم، المليء بالمناسبات ذات التّسميات الأنثويّة.

تحوّلت قدسيّة عيد الحب إلى سوق حر، تستعر فيه نيران الرّومانسيّة الافتراضيّة، التي أحرقت بُنيَة الصِّدق، متحوّلةً إلى رماد من الأكاذيب... لقد تلاشى استشعار نبض الاشتياق منذ عقدَين وأكثر، فلم يعُد موجودًا بين العاشقين، استُبدِلَ بأجواءٍ عصريّة، تعتمد على إمدادات العولمة التي حطّت "أدواتها الأجنبية" في عقول مدبّري الحفلات، الذين دحروا خصوصيَّة عيد الحب إلى موقع المنفعة الشخصيِّة الواضحة، لإثارة ضجّة إعلاميّة ضخمة حول هذه المناسبة، من أجل "نشر تعاليم عيد الحب الحديثة" بين أبناء هذا الجيل، فتقبّلوها مُرحّبين بتلك "التجديدات اللافتة"، معلنين استنفار جيوبهم المثقوبة بسبب استقلاليّتهم الماديّة، ليساهموا فعليًّا في إنجاح هذه الليلة الخمريّة!!

هذا العيد يطالب بالبساطة، لا يحتمل هذه الهيصة التحضيريّة، لأن الأجمل تبادل الهدايا الرّمزيّة بين العشّاق... بين أفراد الأسرة... التعبير عن تبادل الحب بين العائلة الواحدة، بعد أن دق إسفين الخصام بينها، بنظر العديد هذه قضية ثانويّة جدًّا لا تهمهم رغم وجود خطر يهدّد بتفكُّك الأسرة، إذ يعتقدون أن البقاء "الأسمى" لمظاهِر الحب، رغم زوالها في اليوم التّالي، مع انتهاء "تكريم ذاتهم"!!

رموز عيد الحب هي: القلوب الحمراء، الورود الحُمر وكيوبيد إله الحب الرّوماني، الرّاسية على قاعدة مشتركة وهي العاطفة الجيّاشة، لذا يجب تفعيل هذه المعاني في هذا اليوم، لأنه في حال هبوب عواصف العتاب، ستتعقَّد خيوط اللوم بين الشبّان والفتيات، لذا لن يستطيعوا حلّها، إلّا بتبييض صفحات سوء تفاهمهم بالاستعانة برموز العيد، عندها سيكتبون على مسودّة الخصام نقاط خلافهم، لأن التسامح يساعدهم على شطبها، بحماية من المصالحة، بعيدًا عن مفاهيم "الفالنتاين" الدّخيلة المحشوّة بالضجيج والعجيج.

عيد الحب فرصة لإعادة النّظر في كل ما يمرّ به الإنسان من مراحل طيش فكري، أدّى به للقيام بأعمال خارجة عن الأعراف السّائدة... وليس فقط للعشّاق، بل مُكرَّس لكل شخصٍ يبحث عن تقديرٍ شخصي، كذلك لتعزيز العلاقات العاطفيّة على أشكالها، فتُبَلوِر الثّوابت الشخصيَّة، وتجعلها دستورًا شرعيًّا معتَمَدًا مجتمعيًّا، ليبدّد ضباب التناقضات بين النّاس... الحب زاد لا بُدّ منه، قادِر أن يُغذّي المشاعر النّحيلة، المحتاجة إلى اهتمام أكبر، كي تغدو أكثر وعيًا وإدراكًا، لتُخرِج خبايا الحقائق من أعماق أي إنسان وأي عاشق.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment