bah فتح المطارات اللبنانية: خطوة استراتيجية لتعزيز السيادة والتنمية - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

فتح المطارات اللبنانية: خطوة استراتيجية لتعزيز السيادة والتنمية

02/16/2025 - 18:57 PM

absolute collision

 

 

 

إبراهيم مرجي *
 
 
مع تصاعد الأزمات في لبنان، بات من الضروري الانتقال من سياسات الترقيع إلى حلول جذرية تعيد للدولة هيبتها، وللاقتصاد حيويته، وللمواطنين حقوقهم الأساسية في التنقل بحرية وأمان. ومن بين هذه الحلول، تأتي المطالبة بإعادة تشغيل المطارات اللبنانية القائمة، وفي مقدمتها مطار القليعات (الرئيس رينيه معوض) ومطار حامات (بيار الجميل)، إلى جانب البحث في جدوى تأهيل مطار رياق، كضرورة وطنية تمليها اعتبارات اقتصادية وأمنية وسياسية.
 
التحرر من الاحتكار: مطارات متعددة تعني سيادة أقوى
 
لم يعد مقبولًا أن يبقى لبنان تحت رحمة منفذ جوي وحيد، خاصة مع الواقع الأمني الذي جعل مطار رفيق الحريري الدولي رهينة لجهات سياسية تتحكم بمصيره وفق أجنداتها. فالمسألة تتجاوز البُعد التقني أو اللوجستي لتصبح قضية سيادية من الدرجة الأولى. إذ كيف يمكن لدولة تدّعي الاستقلال أن تكون عاجزة عن تأمين بدائل نقل لمواطنيها، في وقت تسيطر فيه مجموعة مسلحة على طريق المطار الوحيد، فتستخدمه ورقة ضغط سياسية وأمنية؟
 
إن تشغيل مطارات إضافية لا يعني بأي شكل من الأشكال إضعاف مطار بيروت أو الاستغناء عنه، بل على العكس، يشكّل خطوة لتعزيز استمراريته وحمايته من أن يتحول إلى نقطة ضعف تُستغل في الأزمات. فالهدف ليس استبداله، بل إنهاء سياسة الاحتكار التي تفرض على اللبنانيين خيارًا وحيدًا يتحكم به منطق القوة لا منطق الدولة.
 
أبعاد اقتصادية واجتماعية حيوية
 
إلى جانب البُعد السيادي، يحمل تشغيل المطارات اللبنانية بُعدًا اقتصاديًا وتنمويًا بالغ الأهمية، يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
 
• تحفيز الاقتصاد المحلي: تشغيل مطارات القليعات وحامات ورياق سيساهم في خلق آلاف فرص العمل، سواء بشكل مباشر في قطاع الطيران أو بشكل غير مباشر في قطاعات السياحة، التجارة، والخدمات اللوجستية.
 
• تعزيز الإنماء المتوازن: معظم النشاط الاقتصادي اللبناني يتركز في بيروت، مما يفاقم التفاوت التنموي بين المناطق. فتح المطارات الأخرى سيساعد في تحقيق توزيع أكثر عدالة للفرص والاستثمارات.
 
• تخفيف الضغط عن بيروت: ازدحام مطار بيروت، خاصة في مواسم الذروة، يتسبب في تأخير الرحلات وإرباك المسافرين. وجود مطارات رديفة سيساهم في تحسين جودة الخدمات وتقليل الأعطال التشغيلية.
 
• تعزيز الأمن القومي: في ظل الأوضاع غير المستقرة، من الضروري أن يكون للبنان أكثر من مطار جاهز للعمل في حال تعرّض أحدها لأي تهديد أمني أو عسكري.
 
المزايدات السياسية: بين الأمس واليوم
 
إن المطالبة بتشغيل المطارات اللبنانية ليست طرحًا جديدًا، بل سبق أن طالب بها نواب وقيادات سياسية، وعلى رأسهم النائب سليم الصايغ الذي قدّم في 21 آب 2024 سؤالًا للحكومة السابقة بهذا الشأن، لكنه قوبل حينها باتهامات واهية بالسعي إلى “التقسيم”. واليوم، وبعد رحيل تلك الحكومة غير مأسوف عليها، يتبيّن أن ما طالبنا به لم يكن سوى مطلب حق يفرضه الواقع، وليس مزايدة سياسية كما زعم البعض.
 
قالها الصايغ حينها، ونجدد التأكيد عليها اليوم: “فتح مطارات جديدة، لا سيما في القليعات وحامات، لا يعني أبدًا التخلي عن #مطار_بيروت وتركه هو واللبنانيين رهينة. قبل الحرب الأخيرة وأثناءها وبعدها، نعمل على التحرير السياسي والتنموي لكل #لبنان. وباسم الإنماء المتوازن والأمن الشامل، أعود وأكرر مطالبتي للحكومة بتضمين البيان الوزاري خطة النقل الجوي والبري والبحري، مع إشارة واضحة إلى موضوع المطارات.”
 
المطلوب: خطة وطنية للنقل الجوي
 
لم يعد من المقبول أن تبقى قضية تشغيل المطارات رهينة التجاذبات السياسية أو المصالح الفئوية. المطلوب اليوم إدراج خطة واضحة في البيان الوزاري للحكومة الجديدة، تتضمن رؤية شاملة للنقل الجوي، وتحدد آليات تطوير مطارات القليعات وحامات ورياق، مع التأكيد على الحفاظ على مكانة مطار بيروت الدولي كمطار رئيسي، ولكن ضمن منظومة متكاملة تضمن استمرارية حركة الطيران تحت سيادة الدولة اللبنانية لا تحت سيطرة أي فريق سياسي أو عسكري.
 
الرسالة واضحة: لبنان لن يبقى رهينة
 
إن تحرير لبنان سياسيًا وتنمويًا يبدأ بتحريره من الاحتكارات المفروضة على مرافقه الحيوية. واليوم، أمام الحكومة الجديدة اختبار حقيقي: إما أن تتبنى رؤية وطنية تعزز استقلالية القرار اللبناني، أو تبقى أسيرة الحسابات الضيقة التي كرّست الهيمنة على المرافق العامة. فتح المطارات اللبنانية ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية يجب أن تتحقق، ليبقى لبنان بلدًا حرًا، متصلًا بالعالم، وغير خاضع لأي ابتزاز سياسي أو أمني.
 
 
*عضو المكتب السياسي الكتائبي
ميشيغان- الولايات المتحدة الأمريكية
 
 
 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment