إسماعيل مسلماني *
في ظل التطورات السياسية الراهنة في إسرائيل، يثار تساؤل حول ما إذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يخشى من سقوط حكومته، وما هي السبل المحتملة للخروج من هذا المأزق.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل شهدت في الماضي أزمات حكومية متعددة، حيث واجهت الحكومات تحديات داخلية وخارجية أثرت على استقرارها. في مثل هذه الحالات، قد يلجأ رئيس الوزراء إلى عدة خيارات لتجنب سقوط الحكومة، منها:
1. توسيع الائتلاف الحكومي: من خلال ضم أحزاب جديدة إلى الائتلاف لتعزيز الأغلبية البرلمانية.
2. إجراء تعديلات وزارية: لتلبية مطالب بعض الأحزاب أو الأعضاء المؤثرين داخل الائتلاف.
3. التوجه إلى انتخابات مبكرة: كحل أخير في حال تعذر الحفاظ على تماسك الحكومة.
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت التقارير حول نية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التراجع عن المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس. تأتي هذه التطورات في ظل انتقادات داخلية وضغوط سياسية يواجهها نتنياهو، مما يدفعه لإعادة النظر في التزاماته السابقة.
خلفية الصفقة:
تم التوصل إلى اتفاق مبدئي بين إسرائيل وحماس يتضمن مرحلتين: الأولى تشمل تبادل أسرى محدد، والثانية تهدف إلى وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن نتنياهو يسعى لإفشال المرحلة الثانية من الصفقة.
دوافع نتنياهو للتراجع:
وفقًا لمصادر إسرائيلية، يشعر نتنياهو بالقلق من تأثير تنفيذ المرحلة الثانية على شعبيته، خاصة بعد مشاهد إطلاق سراح الأسرى التي أثرت سلبًا على موقفه في استطلاعات الرأي. يرى ناخبو اليمين أن حماس لم تُهزم بعد، وما زال مسلحوها يتجولون بأسلحتهم، مما يزيد من الضغط على نتنياهو للتراجع عن التزاماته.
استراتيجيات التهرب:
للهروب من تنفيذ المرحلة الثانية، أرسل نتنياهو وفدًا إلى قطر لمناقشة "تفاصيل فنية" دون تفويض حقيقي، مما يوحي بعدم جدية إسرائيل في المضي قدمًا في المفاوضات. يُعتبر هذا التحرك بمثابة "عرض مسرحي" يهدف إلى كسب الوقت وتجنب الانتقادات الداخلية.
ردود الفعل الفلسطينية:
في المقابل، حذر مسؤولون فلسطينيون من أن موقف نتنياهو قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق بالكامل. أشاروا إلى أن حماس وافقت على تنفيذ المرحلة الأولى بناءً على التزام إسرائيل بالمرحلة الثانية، وأن التراجع عنها قد يدفع الحركة إلى إعادة النظر في التزاماتها.
خيارات نتنياهو المستقبلية:
أمام نتنياهو عدة خيارات، أبرزها العودة إلى العمليات العسكرية أو تمديد المرحلة الأولى من الصفقة دون الانتقال إلى المرحلة الثانية. يبدو أن نتنياهو يفضل الخيار الأول للتهرب من التزاماته، خاصة إذا لم توافق حماس على شروط إضافية مثل نفي قادتها أو تفكيك بنيتها التحتية العسكرية.
يواجه نتنياهو معضلة حقيقية بين الضغوط الداخلية والالتزامات الدولية. سعيه للتهرب من المرحلة الثانية من الصفقة يعكس توازنات سياسية معقدة ورغبة في الحفاظ على شعبيته بين ناخبي اليمين، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار المنطقة واستمرار الصراع.
في الأسابيع الأخيرة، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية توترات ملحوظة، خاصة فيما يتعلق بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع غزة. وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أعرب عن معارضته الشديدة لهذه المرحلة، مهددًا بإسقاط الحكومة إذا تم تنفيذها دون تحقيق الأهداف المرجوة من الحرب. في مقابلة مع إذاعة "كان"، وصف سموتريتش الصفقة بأنها "خطأ كبير"، مشيرًا إلى أنها ترسل رسالة مفادها أن "من يريد إخضاع إسرائيل ليس بحاجة إلى صواريخ أو برنامج نووي"
على الرغم من تهديداته السابقة، سحب سموتريتش تهديده بالانسحاب من الحكومة في وقت لاحق، بعد تأكيدات من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتزامهما بإزالة حركة حماس كقوة حاكمة في غزة. هذا التراجع يعكس الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع ملف غزة.
في هذا السياق، يجد نتنياهو نفسه في موقف حرج، حيث يسعى للموازنة بين الضغوط التي يمارسها الوزراء المتشددون، مثل سموتريتش، والالتزامات الدولية والإقليمية. هذا التوازن الدقيق يتطلب من نتنياهو مناورات سياسية حذرة لضمان استقرار حكومته وتجنب انهيارها
بالتالي، يبقى مستقبل الحكومة الإسرائيلية معلقًا بمدى قدرة نتنياهو على إدارة هذه التحديات والتوفيق بين المصالح المتعارضة داخل الائتلاف الحاكم لكن لا توجد خيارات امام نتنياهو سوى تمديد المرحلة الأولى او ستكون النقاش للمرحلة الثانية الأكثر تعقيدا وياخذ مساحة كافية من الوقت لحين إيجاد مخرج لعدم سقوط الحكومة وبنهاية نزل نتنياهو عن الشجرة بالقبول بالافراج عن الدفعة السابعة.
Comments