bah شبّـان على أثير موجات التَّمرُّد - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

شبّـان على أثير موجات التَّمرُّد

03/01/2025 - 08:43 AM

absolute collision

 

 

بقلم: مارون سامي عزّام

 

أجيال بالغةً بالسّن تتمنّى "اليوم قبل بكرة" أن يعود بها الزّمن إلى عهد الماضي الجميل والبسيط، الذي عايشوه باقتناع دون تأفّف، بعيدًا عن تعقيدات هذا الزّمن الذي بات حادًّا كالسَّيف، فقَطَعَ بوحشيّة صلات الرّحم المقدَّسَة. بينما هناك أجيال جديدة ما زالت تراوح سن المراهقة، تحاول تخطّي حدود المنطق بأشواط، غير مقتنعين برفاهيّة عيشهم، نراهم يفرضون على أهاليهم "إطاعة أوامرهم" بشكل فوريّ، دون اختلاق الأعذار!!، ولكن رغم تحقيقهم لرغباتهم، إلّا أن معظم الأبناء ما زالوا يحتجون أمام ذويهم يوميًّا، لدرجة التصادم الفكري بين الجيل القديم والحديث، لأنهم يطالبون آبائهم بإجراء "إصلاحات" في أسلوب تفكيرهم غير المنفتح.

"اقتبس" هؤلاء المراهقون المناصرون "للتّحديث السّلوكيّ"، كمًّا هائلًا من الظواهر الاجتماعية المستهجنة، لاختلاطهم اليومي مع أصدقائهم المستديمين... عفوًا الدائمين، لم أخطئ، لأنه فعلًا يوجد بعقولهم عاهات عقائدية مستديمة... لحق "المصرصعين" بهم، فأنشأوا علاقات وهميّة معهم، وانضموا لمجموعات إدمان التواصل، التي تجاوبت بسهولة مع احتياجاتهم الخفيَّة عن أهاليهم، واحتفلوا بعيد جلوسهم على عرش وحدتهم في "غرَف عمليّاتهم السرية" لفترات طويلة، لدرجة انفصالهم الكلّي عن واقعهم، باستخدامهم هواتف التمرُّد الذّكي.

"حفلات الديسكو" المتنقّلة، التي يقيمها هؤلاء السّائقين المنشقّين عن الذّوق العام، تدوّي داخل طرقات المدن والأحياء، دون أن يأخذوا بعين الاعتبار حاجة الناس للهدوء. ألا يسبّب هذا الاستعراض الصّاخب ضررًا صحّيًّا لآذانهم على المدى البعيد؟!، لأنّه يُعتَبَر تمرُّدًا بيئيًّا مكروهًا... من ناحية أخرى هناك شبان يتجنّبون تمامًا الأجواء الافتراضيّة السّائدة، فقط "مهووسين بأجواء المغامَرة الميدانيّة"، يقودون السيّارات بشكل خطير، مُعرِّضين حياة المارّة وممارسي رياضة المشي لخطر الدّهس. ألا يشعُرون أنّهم كَسَروا حاجز القانون، الذي حدَّد السرعة داخل المدن؟! ولكنهم ظلّوا يفضّلون هذه الموجة الغاضبة، التي ستُغرِقهم في محيط العقوبات والغرامات، ليتبلَّلوا بالنّدم.

هناك فتيات تمردن على شكلهن الرّباني، غيَّرن بعض ملامحهن، ليصبح "ألطف وأجمل"، بلجوئهنّ لتقنيات التجميل الحديثة، المنتشرة بكثرة في وسطنا الغربي... عفوًا العربي، فهُنّ يرفضن سماع نصيحة أحد، على اعتبار أنه تدخُّل في شؤونهن الخاصّة!! حتّى تأثير الأهالي بات محدودًا على بناتهم، فأعلنوا فشلهم في كبح تصرّفاتهن، واستسلموا للأمر الواقع المفروض عليهم.

إن تقنيّة المعلومات المفتوحة، الموجودة في الإنترنت، أتاحت لهذا الجيل المطوَّر ذهنيًا، أن يقرأ أي معلومة حقيقية أو مُغرِضَة عن بعض الأمور الحياتيّة، معتقدًا لغبائه أن ما يقرأه هو صحّي، وانفتاح ثقافي، فيه تثقيف ذاتي هادف، يتفوّق على الكُتُب! ولكنه يعكس ابتعاد هذا الجيل عن صفوف الكتُب والمراجع العِلميّة المجنّدة دائمًا لخدمة طموحه العِلميّ.

معظم أبناء هذا الجيل الحديث، تعمل سلوكهم وفق نُظُم رقميّة متطوّرة!! يعتقدون أن تخرّجهم من المدرسة، سمح لهم أن يتخرَّجوا أخيرًا من مدرسة التربية المنزلية التي علّمتهم احترام القيَم التربويّة، ليدركوا أبعاد عنادهم، لكن معظمهم يعتبرونها هادمة لتوقعاتهم، إذ يتصوّرون أن أهاليهم يريدون تخطيط مستقبلهم حسب رؤيتهم التقليديّة، فقاموا بعصيانهم الشّبابي عليهم، لأنهم تدخَّلوا "باستقلالية قرارهم"، وأيضًا بحُريّة خياراتهم، لأنهم يرفضون مناقشة آرائهم، لدرجة أن هذا الجيل قد يخرج عن طاعة الأهل.

أفكار بعض الشبّان المريضة التي تغوص في أعماق محيط الإنترنت، تبحث عن ابتكار الفضائح!! يستغلّون برامج التّصميم الجرافي، ليلصقوا صورًا لأجساد فتيات عاريات، على صور لفتيات ساذَجات دون علمهن، فينشرونها عبر المواقع الإلكترونيّة! مع أن الشّرطة أقامت وحدةً لمكافحة المعتدين على شبكة الإنترنت، تُدعى "לוחמת הסייבר"، إلاّ أنها لم تستطِع القضاء نهائيًّا على هذه الظّاهرة.

هذه هي "التحديّات البديلة" التي تواجه بعض الشبّان... هذه أهم اكتشافات الحداثة العصريّة! نتيجة انغماسهم بعصر التقنية المحيط بهم من كل الجهات، يطوّق كافّة مجالاتهم الحياتية، جعلهم يواكبون عفويًّا آخر التطوّرات التكنولوجيّة، لأن عقليّة الجيل الجديد تغيَّرت بشكل جذريّ، وانجرَف فكره مع تيّار الانبهار، متناسيًا الوهج المعرفي المضلِّل المُشِع من التكنولوجيا المعلوماتيّة، التي غالبًا ما تكون ملوَّنة بالمغالطات...

هذه الأجيال النّاشئة تتعامى عن رؤية عواقب تمرُّدها الوخيم، مع أن استغلال الإنترنت بشكل صحيح سيفيدها، لكنّ أدمغتها تأقلمت معها، وستصاب مستقبلًا بالضُّمور، إذا بقيت في حالة كسل دائم!!

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment