bah لبنان بين الماضي والمستقبل: رؤية الرئيس جوزاف عون ومبادرة "المصارحة والمصالحة" لسامي الجميل في مواجهة التحديات - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

لبنان بين الماضي والمستقبل: رؤية الرئيس جوزاف عون ومبادرة "المصارحة والمصالحة" لسامي الجميل في مواجهة التحديات

03/01/2025 - 21:15 PM

Atlas New

 

 


الاعلامي كريم حداد

 

لبنان، البلد الذي طالما اشتهر بتنوعه الثقافي والديني وغناه الحضاري، يقف اليوم عند مفترق طرقمصيري. في ظل الأزمات المتلاحقة التي طالت كل جوانب الحياة، من الانهيار الاقتصادي إلى التدهورالسياسي والأمني، يتساءل اللبنانيون: هل سيتمكنون من تجاوز خلافاتهم العميقة وبناء مستقبل أفضل؟في هذا السياق، تبرز رؤية رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون ومبادرة "المصارحة والمصالحة" التي أطلقها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل من البرلمان اللبناني كأبرز المحاولات لمواجهة التحديات الراهنة.

**رؤية الرئيس عون: بين سيادة الدولة والإصلاحات**

في مقابلة حديثة، أكد الرئيس عون على أهمية حصر قرارات الحرب والسلم بيد الدولة، مشدداً علىضرورة احتكار السلاح في يد المؤسسات الشرعية. هذا المبدأ يعتبر أساسياً لبناء دولة قوية ومستقرة،خاصة في ظل التحديات الأمنية التي يواجهها لبنان. ومع ذلك، يبقى تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقعتحدياً كبيراً، خاصة في ظل وجود قوى مسلحة خارج إطار الدولة، مثل حزب الله، والتي تعتبر نفسها"مقاومة" ضد التهديدات الخارجية.

الرئيس عون يرى في الجيش اللبناني رمزاً للوحدة الوطنية، ويعبر عن فخره بتضحياته، مؤكداً على أهميةدعمه وتجهيزه لأداء مهامه بشكل فعال. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن للجيش أن يكونالقوة الوحيدة التي تحمي لبنان في ظل وجود سلاح خارج إطار الدولة؟

في حديثه عن الإصلاحات، أبدى الرئيس عون التزاماً قوياً بمكافحة الفساد وإجراء إصلاحات اقتصاديةوسياسية. هذه الإصلاحات تعتبر ضرورية لاستعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي، ولجذبالمساعدات الدولية التي يحتاجها لبنان لإعادة الإعمار. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الإصلاحات يتطلبإرادة سياسية حقيقية وتعاوناً بين جميع الأطراف، وهو ما يبدو غائباً في ظل الانقسامات الحادة.

في حديثه عن التحديات الاقتصادية، أشار الرئيس عون إلى مشكلة الودائع المصرفية، مؤكداً على ضرورةمعالجتها من خلال التعاون مع الهيئات الاقتصادية والمصارف. كما أبدى تفاؤلاً بإمكانية تجاوز الأزمةالاقتصادية من خلال الإصلاحات والتعاون الدولي. لكن تحقيق ذلك يتطلب خطوات ملموسة وسريعة،خاصة في ظل تدهور الوضع المعيشي للمواطنين.

تحدث الرئيس عون عن أهمية بناء علاقات متوازنة مع جميع الدول، بما في ذلك إيران والسعودية، علىأساس الاحترام المتبادل. كما أشار إلى أهمية العلاقة مع الولايات المتحدة، خاصة في ما يتعلقبالمساعدات العسكرية. لكن تحقيق هذا التوازن يبقى تحدياً كبيراً في ظل التوترات الإقليمية والتدخلاتالخارجية التي تعقد المشهد اللبناني.

تحدث الرئيس عون عن أهمية بناء علاقات طبيعية مع سوريا على أساس الاحترام المتبادل، مع التركيزعلى قضايا مثل ترسيم الحدود وعودة النازحين السوريين. هذه الخطوة تعتبر ضرورية لتحقيق الاستقرارفي المنطقة، لكنها تبقى مرتبطة بحسابات إقليمية ودولية معقدة.

**مبادرة "المصارحة والمصالحة": خطوة نحو الحل؟**

في ظل هذه التحديات، تبرز مبادرة "المصارحة والمصالحة" التي أطلقها رئيس حزب الكتائب ساميالجميل كخطوة محتملة نحو تجاوز الخلافات. هذه المبادرة تهدف إلى وضع كل الهواجس والمخاوفعلى الطاولة وبناء قصة لبنانية مشتركة. الجميل يؤكد أن الحوار يجب أن يكون مبنياً على أساسالمساواة بين اللبنانيين، وأن يبدأ بتسليم السلاح من قبل جميع الأطراف.

هذه المبادرة، وإن كانت تحتاج إلى دعم واسع من جميع الأطراف، قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح. لكنها تطرح أيضاً تساؤلات حول مدى استعداد القوى السياسية، خاصة حزب الله، للتخلي عن سلاحهاوالانخراط في حوار جدي يهدف إلى بناء دولة قوية وعادلة. تصريحات بعض المعارضين لكلمة رئيسالكتائب تعبر عن جزء من اللبنانيين الذين يرون أن حزب الله يشكل عقبة أمام استقرار البلاد. لكن هذهالتصريحات تطرح أيضاً تحديات كبيرة: كيف يمكن تحقيق محاكمة قيادة حزب الله وحل الحزب في ظلالواقع السياسي والعسكري المعقد؟ هل المواجهة هي الحل، أم أن الحوار المدعوم بضغوط دوليةوإقليمية قد يكون الطريق الأقل ضرراً؟

رغم كل التحديات، يبقى هناك أمل في أن يتمكن اللبنانيون من تجاوز خلافاتهم وبناء مستقبل أفضل. التاريخ اللبناني أثبت أن هذا البلد قادر على النهوض من جديد بعد كل أزمة. لكن تحقيق ذلك يتطلبإرادة سياسية حقيقية، وتضامناً وطنياً، ودعماً دولياً.

اللبنانيون اليوم أمام خيار صعب: إما الاستمرار في الانقسام والمخاطرة بانهيار كامل، أو العمل معاً لبناء نظام جديد قائم على العدالة والمساواة والشفافية. المستقبل يبقى في أيديهم، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل سيتمكنون من تجاوز خلافاتهم وبناء مستقبل أفضل، أم أن التحديات ستظل تحول دون تحقيق ذلك؟

**لبنان بين اليأس والأمل**

لبنان يواجه تحديات غير مسبوقة، لكنه يملك أيضاً إمكانيات كبيرة. التنوع الذي كان مصدراً للصراعاتيمكن أن يتحول إلى مصدر قوة إذا تم إدارته بشكل صحيح. الأزمة الحالية قد تكون فرصة لإعادة بناءالدولة على أسس جديدة، لكن ذلك يتطلب جرأة في اتخاذ القرارات وإرادة حقيقية للتغيير.

في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن اللبنانيون من تجاوز خلافاتهم وبناء مستقبل أفضل، أمأن التحديات ستظل تحول دون تحقيق ذلك؟ الأمل يظل قائماً ما دام هناك لبنانيون يؤمنون بإمكانية بناء غد أفضل. مبادرة "المصارحة والمصالحة" لسامي الجميل ورؤية الرئيس عون للإصلاحات قد تكونان خطوات في الاتجاه الصحيح، لكن تحقيق النجاح يتطلب تعاوناً وطنياً ودولياً، بالإضافة إلى التغلب على التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه لبنان.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment