لندن – حوار خاص لصحيفة بيروت تايمز
لوسي حبيب الإعلامية اللبنانية المعروفة بكتاباتها المتنوعة في مجالات الفن الإبداعي والعلاقات العامة. تميزت بقدرتها على تقديم محتوى جذاب ومفيد في مواضيع مختلفة، وكتبت مقالات تستعرض أنواع العطور الجميلة والمختلفة وتأثيرها على النفس البشرية، وزيارة الدول والاماكن الجميلة فيها والكتابة عنها و دور الأزياء والجمال العالمية والمجوهرات.
فيما يتعلق بالفن الإبداعي، كتبت لوسي حبيب مقالات تتناول جوانب متعددة من الفن العربي المعاصر، وكيفية تطور الفن العربي وتأثيره على المجتمع عامة. أما في مجال العلاقات العامة، فقد تناولت لوسي حبيب مواضيع تتعلق بأهمية التواصل الفعّال وإدارة العلاقات العامة في المؤسسات الإعلامية والشركات العامة.
لوسي حبيب اجرت الكثير من المقابلات مع اهم اطباء واختصاصيي التجميل واصحاب الفنادق والشركات العالمية ومدراءها، وكذلك كتبت في اهم الصحف العالمية والعربية ومنها صحيفة "بيروت تايمز"، حيث تناولت مواضيع متنوعة تتعلق بالعلاقات العامة، والفن، الفخامة، والعطور وعلى سبيل المثال، كتبت مؤخرًا مقالاً عن دار العطور الإيطالية "أكوا دي بارما" وكيف أصبحت رمزاً للأناقة الإيطالية في عالم العطور. كما تناولت في مقال آخر خبر افتتاح "قصر الحبتور" في مدينة بودابست، مشيرة إلى الفخامة والخدمات المميزة التي يقدمها هذا الفندق الراقي.
بين الصحافة والموضة... قصة نجاح شابة صنعت حلمها في لندن!
حين غادرت لوسي حبيب وطنها لبنان متجهة إلى العاصمة البريطانية لندن مع عائلتها، لم تكن تعلم أن هذه المدينة ستصبح المسرح الذي ستكتب فيه فصول نجاحها. بعزيمة لا تعرف الحدود، شقت طريقها في عالم المعرفة، فنهلت من التعليم وانطلقت في مسيرة مهنية متألقة. اليوم، تقف هذه الشابة كواحدة من الأسماء اللامعة في الصحافة، وتصنع بصمتها الخاصة في تصميم الأزياء، بينما توازن ببراعة بين شغفها الإبداعي وعملها في مجال العلاقات العامة.
قصة نجاحها ليست مجرد حكاية عن التكيف مع الغربة، بل شهادة على قوة الطموح والإصرار في تحقيق الأحلام.
وهنا نص الحوار الشيق:
■ هل يمكنك ان تعرفينا بنفسك، وتحدثينا عن بداياتك وانتقالك من لبنان الى لندن؟
تركتُ بلدي لبنان في سن مبكرة، وحملت معي ذاكرة طفولتي الدافئة، ووجدتُ نفسي فجأة في مدينة لا تشبه شيئاً مما عرفته من قبل. بدأتُ رحلتي في لندن برفقة عائلتي، والتحقتُ بالمدرسة مع إخوتي، لكن البداية لم تكن سهلة. كانت تفاصيل لندن غريبة بالنسبة لي، كل شيئ فيها كان جديد ومختلف من المدارس التي كانت تتبع نظاماً جديداً، إلى الشوارع المزدحمة التي اكتشفتها للمرة الأولى، حتى الهواء بدا مختلفاً.
لندن ليست مجرد مدينة، بل عالم واسع يعيش فيه أناس من مختلف الجنسيات واللغات، لكل منهم قصته، حلمه، وحنينه إلى وطن تركه ورائه. وسط هذا التنوع، كنتُ أحاول أن أجد لنفسي مكاناً، أن أفهم لغتهم دون أن أنسى لغتي، أن أتعلم العيش في وطن جديد دون أن أفقد جذوري. لم يكن الأمر سهلًا، لكنه كان بداية قصة جديدة، كتبتها الأيام بكثير من العزم والتحدي.
■ ما الذي ألهمك لدخول مجال الصحافة والعلاقات العامة؟
منذ صغري كنت مولعة بالقراءة ومتابعة الأخبار، أتنقل بين صفحات الكتب الأدبية، وأسطّر الكلمات التي تأسرني لأعود إليها لاحقاً. كنت أقف أمام المرآة، أدرس وأتحدث وكأنني مذيعة تحاور العالم، حتى بات شغفي بالصحافة حُلماً أسعى إلى تحقيقه. اما العلاقات العامة فهي امتداد للعمل الصحفي وبناء جسور الثقة والتواصل الفعال بين المؤسسات والتقرب من الناس والتأثير على الرأي العام بشكل إيجابي.
■ اهم الشركات التي تتعاملين معها – العطور – الفنادق – السفريات
بحكم عملي اتعامل مع مجموعة متنوعة من العلامات التجارية في مجالات مختلفة، كفنادق الخمس نجوم التي تقدم خدمات استثنائية لضيوفها، ودور الأزياء والجمال العالمية التي تعتبر ركيزة أساسية في صناعة الموضة، والتي لعبت دوراً محورياً في تشكيل معايير الجمال والأناقة عالمياً، وما زالت تؤثر في صياغة اتجاهات الموضة. وأحرص دائماً على تسليط الضوء على جودة تلك المستحضرات والتجارب الفريدة التي تقدمها هذه العلامات المعروفة بتراثها العريق وابتكاراتها الحديثة.
■ ما هي التحديات التي واجهتها في مسيرتك المهنية؟
بالفعل واجهتني العديد من التحديات خلال مسيرتي المهنية، كوني صحافية متخصصة في مجال ال "لايف ستايل". وفي عالمنا العربي، لا تحظى هذه الموضوعات بالاهتمام الكافي، إذ غالبا ما يُنظر إليها على أنها ثانوية أو غير جوهرية. وعندما تعمل ضمن فريق غير متصالح مع ذاته أو غير مدرك لقيمة هذا المجال، يصبح من الصعب إيصال أهمية الأخبار التي تحاول تسليط الضوء عليها. والتحدي الأكبر يكمن في إثبات أن هذه القضايا تستحق المساحة التي تُمنح لها، لا لكونها مجرد رفاهية، بل لأنها تعكس جوانب أساسية من حياة الناس وثقافتهم.
■ هل هناك قصة معينة أثرت فيك بشكل خاص؟
لطالما تأثرت بالقصص التي تجسد الكفاح والإصرار، ومن بين هذه القصص الملهمة قصة المصمم الفرنسي الشهير "لوي فيتون" Louis Vuitton الذي وُلد عام 1821 في قرية أنشاي شرق فرنسا لأسرة فقيرة للغاية، وكان والده يعمل مزارعاً ونجاراً. منذ صغره، كانت لديه رغبة قوية في تغيير الواقع المرير الذي يعيشه، لكنه واجه ظروفا صعبة جعلت الطريق نحو حلمه مليئاً بالتحديات.
وفي سن الثالثة عشرة، قرر مغادرة قريته والتوجه إلى باريس، حيث كانت المدينة تمثل له بوابة الفرص الكبيرة. لم يكن لديه المال الكافي للسفر، فاضطر إلى قطع الرحلة مشياً على الأقدام لمسافة تقارب 470 كيلومتراً، واستغرقت رحلته أكثر من عامين. كان يعمل في القرى التي يمر بها لكسب قوته اليومي، ويبيت في العراء أحيانا، لكنه لم يفقد الأمل.
عندما وصل إلى باريس، بدأ العمل كمتدرب لدى أحد صانعي الحقائب الفاخرة، ومع مرور الوقت، برع في حرفته وأصبح معروفا بمهارته العالية في صناعة الحقائب المتينة والمميزة. في عام 1854، أسس علامته التجارية الخاصة، وبفضل إبداعه وابتكاراته، أصبحت مؤسسة لوي فيتون علامة تجارية عالمية تُجسد الفخامة والأناقة.
هذه القصة دائما تذكرني بأن النجاح لا يأتي بسهولة، وأن أصحاب الأحلام العظيمة غالبا ما يمرون برحلات شاقة قبل أن يصلوا إلى أهدافهم وما يميز هؤلاء الأشخاص هو إصرارهم، وعزيمتهم، وإيمانهم بأنفسهم رغم كل العقبات والصعوبات.
■ هل دفعك شغفك بعالم الأزياء على خوض هذه التجربة وتصميم مجموعة خاصة بك؟
كان شغفي بعالم الموضة عميقاً، حيث كنت مهتمة بكل تفاصيله، من شؤونه إلى شجونه. دفعني هذا الشغف إلى دراسة تصميم الأزياء في بريطانيا، حيث صقلت مهاراتي واكتسبت رؤية فنية متميزة. بعد ذلك، أطلقت علامتي التجارية الخاصة، وبدأت في تصميم أحذية وحقائب من الجلود الفاخرة تُصنع بكميات محدودة في إيطاليا، مع التركيز على الجودة والحرفية العالية. لم يتوقف طموحي عند هذا الحد، وقد انتقلت إلى باريس، حيث بدأت في تصميم أزياء أنيقة تعكس ذوقاً راقياً وأناقة متناهية. وهكذا كانت انطلاقتي في عالم الأزياء، حيث اجتمع الشغف والإبداع ليشكلا هوية علامتي التجارية.
■ ما هو دورك في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم؟
انطلاقاً من ايماني بأهمية توطيد العلاقة بين لبنان المقيم ولبنان المغترب ولتعزيز الروابط بيني وبين وطني الأم، انضممت إلى الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وهي مؤسسة تجمع اللبنانيين في الخارج وتعزز تواصلهم مع وطنهم. ومن خلال مشاركتي الفاعلة في أنشطتها، حظيت بشرف انتخابي نائباً لرئيس الجامعة، وهو دور أعتز به، وأسعى من خلاله على ترسيخ الروابط الثقافية والاجتماعية بين اللبنانيين حول العالم ومد جسور التواصل بين الجاليات اللبنانية ووطنهم الأم.
■ كيف ترين مستقبل الصحافة في ظل التطور التكنولوجي وما هو دور الصحافة في المجتمع اليوم؟
التطور التكنولوجي السريع وانتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لم يُلغِ دور الصحافة، لكنه غيّر شكلها وأدواتها. فالتكنولوجيا أتاحت للصحفيين نقل الأحداث فور وقوعها. مع ذلك، فإن السرعة في نقل الأخبار قد تؤدي أحياناً الى تراجع في الدقة والمصداقية. لذا أصبح من الضروري التحقق من المعلومات قبل نشرها نظراً لسهولة انتشار الأخبار الزائفة والمضللة.
■ هل هناك موضوعات معينة تفضلين تغطيتها؟
أحب تغطية عروضات الأزياء العالمية لأن عروض الأزياء ليست مجرد عرض للملابس، بل هي انعكاس وتحفيز للتغيرات الثقافية والاجتماعية في العالم. كما أنني أستمتع بإجراء المقابلات مع الشخصيات المؤثرة في هذا المجال، حيث أحرص على تسليط الضوء على تسويق الموضة كجزء من اسلوب الحياة الشخصي بدلاً من كونها مجرد صيحات زائلة.
كما أعشق الكتابة عن أحدث مبتكرات الطب التجميلي، وأركِز على عيادات متخصصة في التجميل تعزز الجمال الطبيعي وتحافظ على الهوية الجمالية لكل فرد. وتبقى الكتابة عن تجاربي خلال السفر الأحب الى قلبي، حيث أسلط الضوء على سحر وجمال المدن التي أزورها، وأوثق تفاصيلها. كما أستمتع باستكشاف عادات وتقاليد كل بلد، وأنقل مشاهداتي إلى القراء بأسلوب سردي مميز يعكس روح المكان وثقافته الفريدة.
وأكثر ما يلهمني هو توثيق قصص النجاح، سواء كانت لمصممين، رواد أعمال، أو أي شخص استطاع أن يحقق بصمة مميزة في هذا العالم. فخلف كل إنجاز هناك قصة تستحق أن تُروى، وهذا ما أسعى إلى إبرازه من خلال عملي الصحفي.
■ كيف تحافظين على موضوعيتك في تغطية الأخبار واللقاءات الخاصة التي تجريها مع اصحاب الشركات والفنادق والمدراء العامون واختصاصيي التجميل؟
أحرص دائماً على احترام وجهات النظر، وأعمل على الفصل بين الرأي والخبر. فبهذا أضمن تغطية الأخبار بأسلوب موضوعي وأتجنب الإنحياز او التأثر بآراء تعكس وجهة نظر شخصية. فهذا بالطبع يساعد في إيصال المعلومات بإنصاف ووضوح لتحقيق تغطية شاملة ومتوازنة.
■ ما هي اللحظة الأكثر فخراً في مسيرتك المهنية؟
في عالم الصحافة، تُعتبر قاعدة أن نعطي أكثر مما نأخذ مبدأً أساسياً يلتزم به الصحفيون، وهو ما أجسّده شخصياً من خلال نقل الأخبار بموضوعية ومصداقية. اذ تتجلى مكافأتي الحقيقية في تفاعل القراء، عندما يبدون إعجابهم بالخبر ويشاركونه، مما يعكس أهمية الدور الذي نؤديه في إيصال المعلومة وتأثيرها في المجتمع.
■ ما هي أكبر تحديات تواجه الصحافة في الوقت الحالي؟
اصبحت الصحافة المكتوبة تواجه تحديات كبيرة بسبب انخفاض نسبة المطبوعات الورقية واتجاه القراء نحو الصحافة الالكترونية والمنصات التفاعلية والتحديثات الفورية وأصبح القارئ يشارك في صناعة المحتوى من خلال التعليقات والمناقشات التي تحصل عند قراءة اي خبر يجذبه او يهمه وبمعنى آخر بتنا نرى بوضوح سيطرة صحافة القارئ على الموضوعات الأساسية.
Comments