bah في الموازنات وتمويلها - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

في الموازنات وتمويلها

03/02/2025 - 17:46 PM

بيروت

 

 

بقلم الدكتور لويس حبيقة

 

هنالك بين السياسيين "والخبراء" من يسوق للرأي العام أوهاما واصفا اياها بالأزمات. هنالك أزمات حقيقية قاسية تضرب الدول والمجتمعات، لكن ليس كل ما يظهر من شوائب يعتبر أزمة. من المثال المهمة هي عجز الموازنة الذي يجمع عليه المواطنون أو أكثريتهم بأنه مضر ويجب الغاؤه ومن الأفضل تحويله الى فائض. دور الموازنة هو وضع برنامج مستقبلي للايرادات والانفاق يمكن تحويلهما الى وقائع خلال مدة معينة تقليديا سنة واحدة. هنالك حاجات كبرى داخل كل دولة لا تقتصر فقط على انفاق جاري وخدمات عامة عادية بل أيضا انفاق استثماري لتطوير البنية التحتية وبالتالي رفع انتاجية الاقتصاد. من أين تأتي الأموال؟ من الايرادات الضرائبية وغيرها واذا كان الفارق لصالح الانفاق، يتحقق عجز يتراكم ليصبح دينا عاما يجب تسديده مع الفوائد خلال برنامج مستقبلي مدروس.

مصادر الدين العام مهمة جدا أي داخلي أو خارجي؟ بالنقد الوطني أو بالنقد الدولي عمليا الدولار أو اليورو؟ تؤثر هذه القرارات على الاستقرار المالي وصعوبة بل تكلفة تحقيقه. اقتراض الحكومة من الداخل يضعف فرص الاقتراض من قبل الأسر والشركات، ويساهم في رفع الفوائد بسبب زيادة الطلب. مشكلة الاقتراض بالنقد الأجنبي تكمن في أن ايرادات الدولة هي بالنقد الوطني وبالتالي تقع على المصرف المركزي مهمة حماية سعر الصرف. من أهم السياسات المطلوبة من المصارف المركزية وضع سياسة سعر صرف واقعية، أي تكون بين الجامد والمتحرك بحيث لا تحدث خضات نقدية مفاجئة تضرب الاستقرار الاقتصادي الداخلي.

عندما يحصل عجز مالي هدفه بناء المستقبل، لا يمكن وصفه بالهدر لأن تطوير الاقتصاد سيساهم في تحقيق ايرادات مستقبلية عالية وبالتالي تحقيق فائض مالي يغطي الدين العام. هنا لا بد من التمييز بين العجز المالي الأسري مثلا والعجز المالي العام. تغطية الأول أصعب بكثير لكن تغطية الثاني أسهل وان كانت الطرق مضرة في بعض الأحيان كالتمويل النقدي للعجز المالي. استعمال السلطة النقدية أي المصرف المركزي لزيادة الكتلة النقدية لتغطية عجز الموازنة يحدث تضخما وبالتالي لا يمكن الاستمرار به.

التمويل النقدي اذا حصل يجب أن يكون مؤقتا ويجب على الحكومة أن تضع برنامجا واضحا لتسديد الاقتراض الاستثنائي أيا كانت مصادره أي من المصرف المركزي أو من جهات أخرى. في كل حال، أي اقتراض حالي يجب أن يسدد مستقبلا من أجيالنا أو من أجيال المستقبل وبالتالي الحكومات المسؤولة تنظر بعناية الى حجم الدين وقدرة الاقتصاد على استيعابه وبالتالي خدمته.

تحقيق عجز في الموازنة ليس بالضروري سيئا اذا هدف التمويل الى بناء الاقتصاد ودعم النمو وسد حاجات المجتمع الاجتماعية. يكون العجز عندها استثمارا في المستقبل كأي استثمار آخر يعطي ايرادات مستقبلية كبيرة. تقنية التوقعات ليست سهلة التطبيق ويجب أن ترتكز على أرقام موضوعية يدافع عنها ضمن الوقائع الحالية والمتوقعة. تنبؤ المستقبل صعب ومن أسواء الافتراضات هو القول أن المستقبل سيكون امتدادا للماضي.

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment