دولة رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام
اين المحاسبة في قضية رياض سلامة؟
سبعة أشهر مضت على توقيف رياض سلامة، الرجل الذي ارتبط اسمه بأكبر عمليات الهندسة المالية وهدر المال العام في تاريخ لبنان. سبعة أشهر كنا نظن أنها ستكون بداية العدالة، ولكن هل تغيّر شيء؟ هل توقفت منظومة الفساد التي صنعها سلامة أو استفادت منه؟ أم أنها لا تزال تعمل بكامل طاقتها، تحمي نفسها وتحافظ على مكتسباتها؟
لا شك أن رياض سلامة يتحمل جزءًا كبيرًا من مسؤولية الانهيار المالي، لكنه لم يكن يعمل وحده. فمنظومة الفساد في لبنان متشعبة ومتجذرة، تتوزع بين سياسيين، مصرفيين، قضاة، وأصحاب نفوذ اقتصادي، كلهم كانوا شركاء في نهب المال العام واستغلال مقدرات الدولة لمصالحهم الخاصة. فلماذا لم نرَ أحدًا آخر وراء القضبان؟ أين الذين سهلوا، وغطوا، وانتفعوا من هذه السياسات؟
الأدهى أن ما رسمه سلامة من سياسات مالية واقتصادية لا يزال مستمرًا، وكأن سقوطه لم يكن سوى تبديل وجه بآخر دون أي تغيير في النهج. المصارف ما زالت تتحكم بأموال المودعين، الفساد مستمر، والمحاسبة غائبة. فإذا كان رياض سلامة مجرمًا، فمن هم شركاؤه؟ وإن كان مذنبًا، فلماذا لم يصدر حكم بحقه بعد؟
إن المحاسبة لا تعني فقط وضع شخص واحد في السجن، بل تعني تفكيك المنظومة التي جعلت من الفساد قاعدة ومن المحاسبة استثناء. أما إذا كان الهدف هو مجرد تقديم كبش فداء لإسكات الرأي العام، فسنجد أنفسنا بعد سنوات أمام أزمة أخرى، وبوجوه أخرى، ولكن بذات الأساليب والنتائج.
العدالة لا تُجزّأ، والمحاسبة لا تتوقف عند شخص واحد. فإما أن نذهب نحو محاكمة حقيقية لكل من تورط، وإما نبقى ندور في حلقة مفرغة من الفساد والإفلات من العقاب.
د.اليان سركيس
مواطنون لبنانيون حول العالم
Comments