بيروت – بيروت تايمز - حاورته الاعلامية منى منصور
يسرنا أن نستضيف اليوم الدكتور محمد زريق، الشخصية اللبنانية المتميزة التي جعلت من التحديات سلّمًا نحو النجاح والتميز. نشأ الدكتور زريق في لبنان، حيث شكّلت طفولته في بيئة مليئة بالجبال الخضراء والبحر الأزرق جزءًا كبيرًا من ذكرياته التي استلهم منها شغفه بالحياة والعلم. بدأ رحلته الأكاديمية بدراسة الترجمة في الجامعة اللبنانية الدولية، حيث برز شغفه باللغات والثقافات.
تابع تعليمه في جامعة الحكمة، ليحصل على الماجستير في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، ومنها انطلق إلى جامعة باريس، حيث أكمل دراسته في القانون الدولي، مسلطًا الضوء على قضايا حساسة مثل التعليم في حالات الطوارئ. وقد اختتم مسيرته الأكاديمية بالحصول على شهادة الدكتوراه من مدينة ووهان في الصين، حيث تعمق في مبادرات عالمية مثل 'الحزام والطريق' وهو باحث أكاديمي في الشؤون الصينية. ومهتم في سياسة الصين الخارجية تجاه المنطقة العربية مع تركيز خاص على مبادرة الحزام والطريق، لديه العديد من الكتابات والمنشورات.
تجربته الحافلة بالإنجازات والتحديات جعلت منه نموذجًا للإصرار والطموح، ونحن اليوم متشوقون لمعرفة المزيد عن مسيرته الغنية بالرؤى والتجارب الملهمة."
■ معلومات شخصية تريد مشاركتها مع قراء بيروت تايمز
لطالما كان الأدب جزءًا لا يتجزأ من حياتي. منذ أن كنت صغيرًا، كنت أغمر نفسي في عالم الكلمات، أبحث عن معاني جديدة وأفكار تفتح أمامي أبوابًا للخيال والفهم العميق. كان الأدب، وبالأخص كتابات جبران خليل جبران، مصدر إلهامٍ لا ينضب بالنسبة لي. لا أستطيع أن أنسى اللحظة التي قررت فيها اقتناء جميع مؤلفاته. كان ذلك بمثابة رحلة إلى أعماق روحه العميقة التي كتبت بحبر الفلسفة والحب والحكمة. كان يثير في نفسي شعورًا بالسلام الداخلي، وبالفعل شعرت بسعادة غامرة عندما زرت منزله في بشري، ذلك المكان الذي يحتفظ بعبق أفكاره.
أما عن الشعر، فقد كنت دومًا محبًا له. أكتب بعض الأبيات بين الحين والآخر، محاولًا التعبير عن أفكاري وعواطفي في كلمات تنبع من القلب. أعتقد أن الشعر هو لغة الروح، والطريقة التي يمكن للإنسان من خلالها أن يعبر عن ما لا يستطيع قوله بالكلمات العادية.
بالإضافة إلى ذلك، فإنني مفتون جدًا بالثقافات المختلفة، وأعتقد أن لكل ثقافة جمالها الخاص الذي يضيف بعدًا جديدًا إلى فهمنا للعالم. أحببت الثقافة الصينية بشكل خاص، فحينما جئت إلى الصين، اكتشفت عالمًا جديدًا مليئًا بالحكمة القديمة والفنون الرائعة، وقد ألهمني هذا الجمال في كل جوانب حياتي. تعلقت كثيرًا بالثقافة الصينية وتاريخها العريق، وعملت على فهمها وعيشها بعمق.
■ كيف كانت طفولتك وشبابك في لبنان
طفولتي في لبنان كانت عبارة عن مزيج من البراءة والجمال. نشأت في بيئة مليئة بالألوان، حيث الجبال الخضراء تعانق السماء، والبحر الأزرق يلامس الأفق. كانت رحلاتنا العائلية إلى الجبل أو إلى البحر بمثابة مغامرات لا تُنسى، حيث الهواء النقي والهدوء الذي لا يمكن للمدينة أن تمنحني إياه. كنا نلعب في الحقول المفتوحة، وتحت الأشجار التي كانت تظللنا بأغصانها، ونتنفس عبير الأزهار التي كانت تملأ الأرجاء.
أما الناس في لبنان، فهم السر الذي جعل تلك الأيام تحمل الكثير من السعادة. كانت العلاقات الاجتماعية قوية، وكانت البيوت تعج بالزوار والأحاديث الدافئة. كان هناك دائمًا من يساعدك إذا احتجت إلى شيء، وكان الجميع يتشاركون الفرح والحزن معًا. كان اللبنانيون يعبرون عن حبهم وكرمهم بأبسط الطرق: ابتسامة، كلمة طيبة، أو حتى مساعدة دون أن يطلبها أحد. كانت هذه هي الروح اللبنانية الحقيقية، التي تعكس أصالة الشعب ودفء العلاقات الإنسانية.
أما عن تقاليدنا، فكانت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. كانت هناك مناسبات اجتماعية تملأ أيامنا بالفرح والبهجة. في كل مناسبة، كان الجميع يجتمعون على الطاولة، يتبادلون الطعام والقصص، ويشعرون بأنهم جزء من شيء أكبر. كانت الأعياد في لبنان تحمل معها الكثير من المعاني والذكريات، حيث تلبس العائلات ثيابها الجميلة، وتزين المنازل، وتعد الطقوس التقليدية التي تربطنا بتاريخنا وثقافتنا. هذا هو لبنان في ذاكرتي: بلد الجمال والكرم والتقاليد العريقة، الذي يجعل قلبك ينبض بحب الحياة.
■ أين تلقيت تعليمك واختصاصك الأكاديمي؟ وما هي التحديات التي واجهتها خلال دراستك؟
تلقيت تعليمي الأول في لبنان، حيث درست الترجمة في الجامعة اللبنانية الدولية. كان هذا الاختصاص بمثابة التعبير عن شغفي الكبير باللغات والأدب، فلطالما كنت مفتونًا بعالم الكلمات وكيف يمكن للغة أن تحمل معاني عميقة، تعكس ثقافات وحضارات متنوعة. كانت الترجمة بالنسبة لي جسرًا بين العقول والقلوب، وكنت دائمًا أسعى لإتقان اللغات المختلفة حتى أتمكن من فهم أفضل للعالم من حولي.
ثم انتقلت إلى جامعة الحكمة في لبنان لإكمال دراستي في الماجستير في العلاقات الدولية والعلوم السياسية. في هذه المرحلة، كانت لدي الفرصة للتعرف على العديد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية الرفيعة المستوى، الذين أثروا في تفكيري وألهموني للاستمرار في هذا المجال. كان هذا التحدي الأكبر بالنسبة لي، أن أكون محاطًا بعقول كبيرة وأفكار واسعة، ولكنني شعرت بأنني في المكان الصحيح، حيث كان لدي الكثير من الفرص للتعلم والنمو.
أما الماجستير في القانون الدولي، فقد كان في جامعة باريس، حيث أتيحت لي الفرصة للغوص في أعمق قضايا السياسة الدولية والاستراتيجيات التفاوضية. كانت فترة مليئة بالتحديات، خاصةً عندما كنت أتعامل مع قضايا حساسة ومعقدة مثل التعليم في حالات الطوارئ. كان من الصعب التنقل بين بيئات ثقافية مختلفة، لكن هذه التجربة علمتني الكثير عن التكيف مع التحديات الجديدة وفهم الاختلافات الثقافية.
أما في الصين، فقد كانت تجربتي في الحصول على شهادة الدكتوراه في مدينة ووهان تجربة استثنائية بكل المقاييس. الدراسة في بلد مختلف مثل الصين كانت تحديًا حقيقيًا، فالثقافة واللغة والتحديات الأكاديمية كانت كبيرة، لكنها كانت أيضًا فرصة لاكتساب رؤية جديدة حول السياسة الدولية والمبادرات العالمية مثل "مبادرة الحزام والطريق". كانت هذه المرحلة مليئة بالتحديات التي لا تنسى، ولكنها جعلتني أقوى وأكثر إصرارًا على تحقيق أهدافي.
■ ماذا عملت قبل دخولك المعترك الصحفي؟
قبل دخولي المعترك الصحفي، عملت في مجالات البحث والتطوير، حيث قمت بإجراء أبحاث معمقة في مجالات العلاقات الدولية والقضايا السياسية. كما عملت في مجال الترجمة، حيث كنت أترجم بين عدة لغات لمؤسسات ومكاتب مختلفة. إضافة إلى ذلك، قمت بتقديم الاستشارات الأكاديمية والبحثية في مواضيع متنوعة، مثل الاقتصاد والسياسة، وتعاونت مع عدة مؤسسات أكاديمية ودولية في هذا المجال.
■ كيف بدأت مسيرتك المهنية في مجال الصحافة؟
بدأت مسيرتي المهنية في مجال الصحافة من خلال شغفي الكبير بالأدب والأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط. كنت دائمًا مغرمًا بالكتابة والتحليل السياسي، حيث كان لدي رغبة عميقة في فهم ما يجري من حولي في هذه المنطقة المعقدة. كانت كتابات غسان تويني، الذي كان يعد أحد الشخصيات الدبلوماسية والصحفية الفريدة، مصدر إلهام كبير بالنسبة لي. أسلوبه الراقي وعقله اللامع كانا يثيران في نفسي الرغبة في أن أكون جزءًا من هذا العالم الصحفي المميز، وأن أساهم في تحليل الأحداث ومناقشة قضايا المنطقة بشكل أعمق.
■ ما هي أبرز المحطات في حياتك العامة؟
لقد مرت حياتي العامة بالكثير من المحطات الهامة التي شكلتني وجعلتني الشخص الذي أنا عليه اليوم. كان لبنان، بلدي، مليئًا بالتقلبات السياسية والأمنية التي جعلتني أعيش في قلب العواصف. عشت وسط أوقات عصيبة، حيث كانت الأزمات السياسية والحروب تؤثر بشكل عميق على الحياة اليومية. لكن هذه المحطات الصعبة علمتني الكثير عن الصمود والتكيف، وعن أهمية الأمل في الأوقات الحالكة.
إحدى أبرز المحطات كانت رحلاتي إلى أوروبا وآسيا. كانت هذه الرحلات أكثر من مجرد سفر إلى أماكن جديدة، بل كانت فرصًا لاكتشاف ثقافات وحضارات متنوعة، وفهم أعمق للإنسانية. في كل رحلة، كنت ألتقي بأشخاص مختلفين يحملون قصصًا وتجاربًا غنية. من خلال هذه التفاعلات، بدأت أرى العالم من منظور مختلف وأدركت أن التنوع هو ما يجعلنا أقوى وأغنى. كانت هذه الرحلات بمثابة نافذة جديدة على الحياة، وجعلتني أقدر قيمة التواصل بين الشعوب واكتساب المعرفة من كل زاوية في هذا العالم.
لقد شكلت هذه التجارب محطات لا تُنسى في حياتي، مليئة بالتحديات ولكن أيضًا بالأمل والتعلم. وكل خطوة أخذتها على هذا الطريق كانت تعني لي أكثر من مجرد إنجاز، كانت رحلة تعلم، وصراع من أجل فهم أعمق للعالم من حولي.
■ ما الذي ألهمك لدخول مجال الصحافة؟ وكيف تطورت مسيرتك المهنية على مر السنين؟
ما ألهمني لدخول مجال الصحافة هو شغفي الكبير بالأدب والسياسة، ورغبتي في أن أكون صوتًا ينقل الحقيقة ويحلل الأوضاع التي تمر بها منطقتنا. منذ صغري، كنت مولعًا بكلمات الكتاب والصحفيين الذين يملكون القدرة على التأثير في الرأي العام. مع مرور الوقت، بدأت مسيرتي المهنية بالتطور بشكل تدريجي. بدأت أكتب مقالات تحليلية وأدبية، ثم انتقلت للعمل ككاتب ومعلق سياسي في العديد من المنصات الإعلامية العالمية. ساعدني تعليمي الأكاديمي وخبرتي العملية في البحث والتحليل على فهم أفضل للواقع السياسي والاقتصادي، مما سمح لي بتقديم رؤى معمقة حول قضايا الشرق الأوسط والعلاقات الدولية. كل تجربة في مسيرتي الصحفية كانت تعني لي المزيد من الفهم والمعرفة، وجعلتني أدرك مدى تأثير الكلمة في تغيير الواقع.
■ ما هي التحديات التي واجهتها كصحفي في تغطية القضايا السياسية والاقتصادية؟
أكبر التحديات التي واجهتها كصحفي في تغطية القضايا السياسية والاقتصادية كانت تتعلق بالحصول على المعلومات الدقيقة والموثوقة في بيئة مليئة بالتضارب الإعلامي والسياسي. إضافة إلى ذلك، كانت هناك ضغوط كبيرة تتعلق بالتوازن بين تقديم الحقائق بشكل محايد والالتزام بالمبادئ الأخلاقية في الصحافة. كما كانت التحديات الأمنية والتهديدات التي قد تواجه الصحفيين في مناطق غير مستقرة تشكل عائقًا كبيرًا في تغطية الأحداث من أرض الواقع.
■ كيف ترى دور الإعلام في تشكيل الرأي العام في العالم العربي؟
دور الإعلام في تشكيل الرأي العام في العالم العربي لا يُمكن إغفاله، فهو أحد العوامل الأساسية في توجيه وعي الجمهور. الإعلام في العالم العربي له تأثير كبير على تشكيل المواقف السياسية والاجتماعية، سواء كان ذلك عبر الصحافة التقليدية أو الوسائط الرقمية. في العديد من الحالات، يكون الإعلام هو المصدر الأول للمعلومات، مما يجعله أداة قوية في تشكيل الرأي العام.
لكن، في الوقت ذاته، فإن الإعلام العربي يواجه تحديات تتعلق بالرقابة، والانقسامات السياسية، والتوجهات الأيديولوجية التي قد تؤثر في تقديم صورة دقيقة وموضوعية. ومع ذلك، تظل وسائل الإعلام مصدرًا مهمًا للتثقيف، وتوجيه النقاشات العامة، فضلاً عن دورها في المحاسبة وتعزيز الشفافية. في ظل التطورات التكنولوجية، أصبح الإعلام في العالم العربي أكثر تنوعًا وثراءً، مما يزيد من تأثيره في تشكيل الرأي العام.
■ ما هي الكتب أو الشخصيات التي أثرت في تفكيرك ومسيرتك؟
هناك العديد من الكتب والشخصيات التي أثرت بشكل عميق في تفكيري ومسيرتي. من بين هؤلاء، كان الشاعر والمفكر سعيد عقل أحد أبرز الشخصيات التي ألهمتني، خاصة في مجال دراسته للهويات اللبنانية والاندولوجيا اللبنانية. كان ينظر إلى لبنان كرمزٍ للهوية الثقافية والإنسانية، ورؤيته حول انتماء لبنان كانت محورية في تشكيل أفكاري حول الوطن والهويات.
كما أن كتابات جبران خليل جبران، التي تجمع بين الفلسفة والأدب والشعر، قد تركت في نفسي أثراً عميقاً. خاصةً في أدب الهجرة، حيث شعرت بالكثير من الصلة مع موضوعات مثل الغربة والبحث عن الذات. لقد كان جبران صوتًا عالميًا للإنسانية، وتعلمت منه أهمية التأمل في المعاني العميقة للحياة.
من جانب آخر، تأثرت كثيرًا بالأدب اللاتيني، وعلى رأسه الكاتب غابرييل غارثيا ماركيز. أعماله، وخاصة "مئة عام من العزلة"، ألهمتني في طريقة كتابة التاريخ الاجتماعي والسياسي بلغة شعرية وسردية. أما باولو كويلو، فقد قدم لي في رواياته مثل "الخيميائي" رؤية فلسفية عن الرحلة الداخلية للإنسان وسعيه لتحقيق أحلامه، وهذا ألهمني في مسيرتي الشخصية والأكاديمية.
■ كيف تحافظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟
أحاول دائمًا تقسيم وقتي بشكل جيد بين العمل والحياة الشخصية. أخصص وقتًا للعمل بجدية، ولكنني أيضًا أحاول الاستمتاع باللحظات الجميلة مع العائلة والأصدقاء. أؤمن بأن الحياة ليست مجرد عمل، بل هي أيضًا عن التقدير للأوقات الصغيرة التي تضيف السعادة والراحة.
■ ما هي أهم المهارات التي تمتلكها اليوم في ظل تعقيد الأحداث العالمية؟
في ظل تعقيد الأحداث العالمية، أهم المهارات التي أتمتع بها اليوم تشمل التحليل العميق للوقائع السياسية والاقتصادية، وقدرتي على التكيف مع التغيرات السريعة وفهم التأثيرات العالمية. كما أنني أتمتع بمهارات في البحث الأكاديمي والقدرة على تحليل البيانات باستخدام أدوات متقدمة. بالإضافة إلى ذلك، فإنني أمتلك مهارات تواصل قوية، تساعدني في نقل المعلومات بشكل فعال وبطريقة تساهم في تشكيل الرأي العام وفهم القضايا المعقدة.
■ كيف توازن بين تقديم الحقائق ونقل الرأي الشخصي عند كتابة مقالاتك؟
أحرص دائمًا على الحفاظ على التوازن بين تقديم الحقائق ونقل الرأي الشخصي في مقالاتي. أبدأ بتقديم معلومات دقيقة وموثوقة من مصادر موثوقة، وأعرض الحقائق بموضوعية وحيادية. ثم، عندما أعبّر عن رأيي الشخصي، أحرص على أن يكون هذا الرأي مستندًا إلى تحليل منطقي وعقلاني للمعلومات، مع احترام آراء الآخرين. أؤمن بأن تقديم الحقائق يجب أن يكون أولًا، وأن الرأي الشخصي يجب أن يعزز الفهم ولا يطغى على الحقائق أو يضلل القارئ.
■ ما هي برأيك التحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة العربية اليوم، وكيف يمكن التغلب عليها؟
من أبرز التحديات التي تواجه المنطقة العربية اليوم هي الأزمات السياسية المستمرة، والصراعات العسكرية التي تعصف بعدد من الدول، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تتفاقم نتيجة الفقر والبطالة. كما أن مسألة الأمن الغذائي والتغيرات المناخية باتت تشكل تهديدًا كبيرًا للمستقبل.
لمواجهة هذه التحديات، أعتقد أن الحل يكمن في تعزيز التعاون الإقليمي، وتوحيد الجهود بين الدول العربية لتحقيق الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية المستدامة. يجب أن يتم التركيز على بناء مؤسسات قوية وشفافة قادرة على إدارة الأزمات والموارد بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يعد الاستثمار في التعليم وتطوير الشباب من أبرز السبل لمواجهة التحديات، حيث يمكنهم أن يكونوا محركًا أساسيًا للتغيير والتقدم في المنطقة.
■ لديك علاقات متينة في دولة الصين – هل بالإمكان ان تعرفنا عن هذه العلاقات ودورها في مساعدة لبنان
لدي علاقات متينة مع الشعب الصيني من جميع فئات المجتمع، سواء في المجال الأكاديمي أو الثقافي أو الاجتماعي. الصين تتمتع بعلاقات تاريخية جيدة مع لبنان، ومن خلال هذه العلاقات، أرى إمكانيات كبيرة في تعزيز التعاون بين البلدين. إذا أُتيحت لي الفرصة من الجانب اللبناني، فأنا مستعد للعمل على تعزيز العلاقات بين لبنان والصين بشكل أكبر، بما يسهم في تحسين الواقع اللبناني.
الصين، باعتبارها قوة اقتصادية كبيرة، يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في مساعدة لبنان في مجالات مثل البنية التحتية، التعليم، والاقتصاد. من خلال شراكات استراتيجية، يمكن للبنان الاستفادة من التجربة الصينية في مجالات التنمية المستدامة والتكنولوجيا، مما يشكل مفتاحًا ذهبيًا لتغيير الوضع الحالي في لبنان وتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية.
■ سفرك الدائم الى الصين والمشاركة بالنشاطات الصينية في لبنان
سفري الدائم إلى الصين كان جزءًا أساسيًا من مسيرتي الأكاديمية والمهنية. لقد أتاح لي هذا السفر فرصة فريدة للتعرف على الثقافة الصينية العريقة، وفهم التطورات السياسية والاقتصادية التي تمر بها الصين بشكل مباشر. كانت هذه التجربة غنية بالفرص التعليمية والاجتماعية، حيث قمت بالعديد من الأنشطة الأكاديمية، وأقمت علاقات وثيقة مع المؤسسات الصينية المختلفة.
أما فيما يتعلق بالمشاركة بالنشاطات الصينية في لبنان، فقد كنت دائمًا حريصًا على تعزيز الروابط بين لبنان والصين، من خلال المشاركة في الفعاليات الثقافية والأكاديمية. من خلال هذه الأنشطة، عملت على تسليط الضوء على الثقافة الصينية في لبنان، وفتح آفاق التعاون بين البلدين في مجالات متعددة مثل التعليم والبحث العلمي. أؤمن بأن هذه الأنشطة تساهم في بناء جسر ثقافي بين الشعبين، وتعزز من فرص التعاون الثنائي، مما يعود بالفائدة على لبنان في مختلف المجالات.
■ العلاقات الصينية - اللبنانية هل بإمكانك التحدث عنها
العلاقات الصينية-اللبنانية تشهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصة في مجالات التجارة، البنية التحتية، والتعليم. الصين أصبحت شريكًا مهمًا للبنان، سواء من خلال الاستثمار في مشاريع كبيرة للبنية التحتية أو من خلال تعزيز التبادل الثقافي والتعليم. الصين تدعم لبنان في مبادرة "الحزام والطريق"، مما يوفر فرصًا لتحسين البنية التحتية في لبنان. كما أن هناك تعاونًا ثقافيًا متزايدًا بين البلدين، مع وجود منح دراسية لطلاب لبنانيين وتبادل ثقافي يعزز من الفهم المتبادل بين الشعبين. بالرغم من التحديات السياسية والاقتصادية في لبنان، إلا أن العلاقات مع الصين تمثل فرصة كبيرة لتحسين الوضع الاقتصادي في لبنان عبر مشاريع مشتركة واستثمارات.
■ ما هي وجهة نظرك حول دور القوى العالمية في تشكيل مستقبل لبنان؟
دور القوى العالمية في تشكيل مستقبل لبنان مهم جدًا، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها البلد. القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، الصين، ودول الاتحاد الأوروبي، تلعب دورًا كبيرًا في تحديد السياسات الاقتصادية والديبلوماسية في لبنان من خلال الدعم المالي، المساعدات الإنسانية، والمشاركة في مبادرات السلام.
من جهة، الولايات المتحدة تؤثر في لبنان من خلال دعمها للسياسات الاقتصادية والدفاعية، بينما تلعب الصين دورًا متزايدًا في مجالات الاستثمار والدعم السياسي المستمر للبنان كدولة ئات سيادة. أما الاتحاد الأوروبي، فيسعى لتعزيز استقرار لبنان من خلال تقديم الدعم المالي والتعاون في المجالات التنموية. إلا أن لبنان بحاجة إلى استراتيجية وطنية موحدة للتعامل مع هذه القوى بطريقة تضمن الحفاظ على استقلاله السياسي وتحقيق التنمية المستدامة.
■ في رأيك، كيف يمكن للدول العربية تحقيق نهضة شاملة في ظل الظروف الراهنة؟
لتحقيق نهضة شاملة في الدول العربية في ظل الظروف الراهنة، يجب التركيز على عدة جوانب أساسية. يجب تعزيز التعاون العربي بين الدول لتحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي، بعيدًا عن الانقسامات والصراعات. هذا التعاون يمكن أن يشمل مشروعات مشتركة في البنية التحتية، الطاقة، والصناعة، مما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي. كما يجب أن تكون هناك إصلاحات جذرية في النظام التعليمي لدعم الابتكار وبناء جيل قادر على مواجهة تحديات العصر الرقمي. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تشجيع البحث العلمي والابتكار في المجالات الحيوية مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
وكذلك يجب تحسين الحوكمة وتعزيز الشفافية في المؤسسات الحكومية. هذا يمكن أن يساعد في جذب الاستثمارات الأجنبية، ويؤدي إلى بيئة أكثر استقرارًا تعزز التنمية المستدامة. أخيرًا، يمكن للدول العربية تحقيق نهضة شاملة من خلال تعزيز الثقافة الوطنية والهوية العربية، مع الانفتاح على الثقافات الأخرى والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في مجالات الاقتصاد والسياسة.
■ من هم الذين أثروا في مسيرتك المهنية؟
هناك العديد من الأشخاص الذين أثروا بشكل كبير في مسيرتي المهنية. أولهم، بالطبع، أستاذي ومشرفي الأكاديمي في جامعة صون يات سين الذي كان له دور كبير في تطوير مهاراتي البحثية والنقدية، خاصة في مجال العلاقات الدولية. كما أن الكتّاب والصحفيين الذين قرأت لهم، مثل غسان تويني، كان لهم تأثير عميق على تفكيري الصحفي وكيفية تقديم القضايا السياسية والاجتماعية بشكل موضوعي وواقعي. أيضًا، زملائي في مجال البحث والتعليم، الذين تعلمت منهم الكثير من خلال التعاون والمشاركة في المشاريع الأكاديمية والبحثية. كان لكل واحد منهم بصمة في توجيهي وتوسيع أفقي. ولا يمكنني أن أنسى الأشخاص الذين التقيتهم أثناء رحلاتي الدراسية والعمل، حيث تعلمت من تجاربهم وأفكارهم التي أغنت مسيرتي المهنية وجعلتني أكثر انفتاحًا على التنوع الثقافي والفكري.
■ كلمة الى قراء بيروت تايمز
إلى قراء بيروت تايمز، من أعماق قلبي، شكرا لكم. لبنان، كما تعلمون، هو وطن العواطف الحية والأحلام الكبيرة. رغم التحديات التي نواجهها، يبقى لدينا أمل لن ينطفئ، وحب عميق للوطن وللثقافة التي تربينا عليها. أؤمن أن كل خطوة نخطوها نحو التغيير تكون محملة بالأمل، وأن العمل المستمر والمخلص يمكن أن يصنع الفرق في حياتنا وحياة الأجيال القادمة. إنني أستمد قوتي من روح هذا الشعب الطموح، وأثق أننا قادرون على تخطي الصعاب وتحقيق نهضة حقيقية في لبنان والمنطقة. فلتظلوا دائمًا مخلصين لأحلامكم، ولتكونوا جزءًا من هذا التغيير الذي نحتاجه جميعًا. من أعماق قلبي، أتمنى لكم مستقبلاً مشرقًا، وقلوبًا مليئة بالأمل والإيمان.
Comments