bah رؤية للإصلاح والتوافق في المرحلة الانتقالية بسوريا - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

رؤية للإصلاح والتوافق في المرحلة الانتقالية بسوريا

03/10/2025 - 22:43 PM

Bt adv

 

 

رامز الحمصي

 

 

الخطوة التاريخية التي حدثت في سوريا اليوم الاثنين، كانت عندما وقع الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مظلوم عبدي، اتفاقا مشتركا مفاده اندماج قوات “قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية وضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.

نص الاتفاق على الاعتراف بالمجتمع الكُردي كجزء أصيل في الدولة السورية، وضمان حقوقه الدستورية والمواطنة الكاملة، ووقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية، ودمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.

لكن؛ إن الإرادة الطيبة والمعرفة وحدهما لا يكفيان لاتخاذ قرارات صائبة، خاصة في السياسة، حيث تقتضي الحكمة والخبرة ورؤية استراتيجية شاملة لضمان نجاح أي عملية إصلاحية. بناءً على ذلك، شهدت الحكومة المؤقتة بعض الأخطاء التي كان يمكن تجنبها لو تم التعامل معها وفق نهج تدريجي ومدروس.

 

أخطاء في إدارة المرحلة الانتقالية

أحد أبرز التحديات التي واجهتها الحكومة المؤقتة كان التعامل الفوري مع الفساد بأسلوب تعسفي وغير دقيق، رغم أن الفساد في سوريا متجذر منذ عقود، ويعتمد عليه جزء من المواطنين كمصدر دخل في ظل الفقر المدقع الذي تعانيه الأغلبية. كان من الضروري اتباع منهج تدريجي في الإصلاح بدلاً من القرارات الصارمة المفاجئة.

بالإضافة إلى ذلك، كان الوعد بزيادة الرواتب بنسبة 400% فورًا قرارًا غير واقعي اقتصاديًا، كما أن تسريح عشرات الآلاف من الضباط والموظفين بحجة تقليص النفقات أو وجود ازدواجية في الرواتب أدى إلى خلق أزمة معيشية حادة لهؤلاء الأفراد، مما جعلهم أكثر عرضة للاستقطاب والتحول إلى قوى غير مستقرة. هذا القرار حوّل الأزمة الاقتصادية إلى قنبلة موقوتة استغلها الخصوم، وأدى إلى تقوية بعض الأطراف المعادية التي وجدت في هؤلاء المفصولين بيئة خصبة للاستقطاب، كما حدث في الساحل السوري.

يرى رجل الأعمال السوري، يحيى القضماني، أنه كان يمكن للحكومة المؤقتة تبني نهج أكثر توازناً عبر إنشاء صندوق وطني للإنقاذ، يتم تمويله بمساهمات رجال الأعمال الوطنيين لدفع رواتب الموظفين المتضررين، كما فعلت دول أخرى واجهت أزمات مشابهة. مثل هذه الخطوة كانت ستساهم في تقليل حالة القلق الاجتماعي ومنع حدوث اضطرابات إضافية.

إضافة إلى ذلك، فإن اعتماد اللامركزية الإدارية، التي طُبقت سابقًا بشكل غير مكتمل، يمكن أن يكون حلاً عمليًا مقبولًا من جميع الأطراف، شريطة تنفيذه بشكل صحيح يضمن العدالة والشفافية، بعيدًا عن الفساد والمحسوبية. هذا النموذج لا يعني الفيدرالية أو الانفصال، بل هو إطار إداري يسمح بإدارة أكثر كفاءة ومرونة لشؤون المحافظات والمناطق المحلية.

تعزيز الشراكة الوطنية والتواصل المباشر

إن نجاح المرحلة الانتقالية يعتمد على مبدأ التشاركية، حيث ينبغي إشراك جميع مكونات المجتمع السوري، والاستفادة من الكفاءات الوطنية في إدارة البلاد. ومن هذا المنطلق، فإن تشكيل هيئة استشارية واسعة، تضم شخصيات من مختلف الأطياف والخلفيات، سيكون خطوة ضرورية لضمان عملية انتقالية أكثر توازناً.

في هذا السياق، من المهم أن يقوم رئيس الجمهورية للمرحلة الانتقالية، السيد أحمد الشرع، بزيارة جميع المحافظات، بما في ذلك درعا والسويداء، للتواصل المباشر مع أبناء هذه المناطق والاستماع إلى مطالبهم وهواجسهم، مما يعزز الثقة بين القيادة والشعب ويدعم مسار المصالحة الوطنية.

سوريا تمر بمرحلة حساسة تتطلب قرارات متأنية ومبنية على رؤية واضحة، تأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. إن تبني نهج يوازن بين الإصلاح التدريجي، والاستفادة من الخبرات الوطنية، وتعزيز الشراكة بين مختلف مكونات الشعب، سيسهم في تحقيق استقرار مستدام يمهد لمستقبل أكثر إشراقًا لسوريا.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment