اسماعيل مسلماني *
من المرجح أن الشارع الإسرائيلي لن يقبل بسهولة بإقالة المستشارة القضائية، وقد نشهد مظاهرات واحتجاجات واسعة. في السابق، شهدت إسرائيل مظاهرات كبيرة عندما تم إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، حيث نزل آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع في تل أبيب والقدس وحيفا ومدن أخرى وبالامس أعلنت رؤساء الجامعات العبرية بالمظاهرات اذا تم اقالة المستشارة القضائية.
إذا استمرت الحكومة في اتخاذ قرارات مثيرة للجدل، فمن المحتمل أن تتكرر هذه الاحتجاجات، خاصة إذا شعر الناس بأن هذه القرارات تهدد سيادة القانون والديمقراطية في البلاد.
بدأ وزير العدل الإسرائيلي، ياريف ليفين، إجراءات لإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، بسبب "سلوكها غير اللائق" و"خلافات جوهرية ومزمنة" مع الحكومة، مما يعرقل التعاون الفعّال بينهما.
أسباب إقالة المستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا تتعلق بعدة عوامل رئيسية:
1 - خلافات جوهرية: هناك خلافات رأي جوهرية ومستدامة بين الحكومة والمستشارة القضائية، مما أدى إلى عدم تعاون ناجع بين الطرفين.
2.- أداء غير ملائم: وزير العدل ياريف ليفين أشار إلى أن أداء المستشارة القضائية غير ملائم، وأنها رفضت تمثيل الحكومة في عدة قضايا أمام المحكمة العليا.
3.- معارضة للإصلاحات القضائية: المستشارة القضائية عارضت بعض الخطوات الحكومية التي اعتبرتها غير دستورية أو غير قانونية، مما أثار استياء الحكومة.
4.- تأثير القضايا الجنائية ضد نتنياهو: هناك اتهامات جنائية ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مما يجعل الحكومة في وضع حساس، حيث يُعتبر أن إقالة المستشارة القضائية قد تكون محاولة للتأثير على هذه القضايا.
هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تصاعد التوترات بين الحكومة والمستشارة القضائية، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات لإقالتها.
هذه الخطوة أثارت انقسامًا حادًا في الساحة السياسية الإسرائيلية. فقد أيدها وزراء من اليمين المتطرف، مثل وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن جفير، الذي صرح بأن "حان الوقت" لاتخاذ هذه الخطوة. كما دعمها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، مشيرًا إلى ضرورة تعلم كيفية عمل الديمقراطية الحقيقية من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث يخدم الموظفون العموميون سياسات المسؤولين المنتخبين ولا يقوضونها.
في المقابل، انتقدت المعارضة بشدة هذه الخطوة. وصف زعيم المعارضة يائير لابيد تحرك ليفين بأنه "إجراء إجرامي وعنيف وغير دستوري"، محذرًا من أنه قد يؤدي إلى تفكيك المجتمع الإسرائيلي أثناء الحرب. كما تعهد بأن المعارضة ستفعل كل ما هو ضروري لإحباطه. بدوره، اعتبر رئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس أن ليفين "يدمر الديمقراطية" و"يمس وحدة إسرائيل"، مؤكدًا أن المعارضة ستقاوم هذه الخطوة بكل الوسائل القانونية وبكل ما أوتيت من قوة.
من الناحية القانونية، إقالة المستشارة القضائية للحكومة تُعتبر خطوة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل. وقد يؤدي ذلك إلى أزمة دستورية حادة، خاصة إذا تم الطعن في القرار أمام المحكمة العليا، التي قد تحكم بعدم قانونية الإقالة.
بالنظر إلى هذه العوامل، فإن نجاح وزير العدل ياريف ليفين في إقالة المستشارة القضائية للحكومة غير مؤكد. فالعملية قد تستغرق عدة أشهر، مع احتمال تقديم التماسات إلى المحكمة العليا ضدها.
هذه الخطوة قد تزيد من حدة الانقسام السياسي والمجتمعي في إسرائيل، وتؤثر على استقرار النظام القانوني والدستوري في البلاد. مثل قضية تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي هي واحدة من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى التوترات والانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي. الحريديم، وهم اليهود الأرثوذكس المتشددون، يعارضون التجنيد العسكري بسبب ارتباطهم القوي بالهوية الدينية والخوف من تأثير الخدمة العسكرية على هذه الهوية.
منذ تأسيس دولة إسرائيل، تم إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية للسماح لهم بالتفرغ للدراسات الدينية. ومع تزايد عددهم، أصبحت هذه الإعفاءات مصدر استياء كبير بين العلمانيين الإسرائيليين الذين يرون أن هذه الإعفاءات تساهم في تفاقم الانقسامات الاجتماعية, المحكمة العليا في إسرائيل ألغت قانونًا صدر في عام 2015 كان يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية، مما زاد من التوترات والخلافات حول هذه القضية.
إقالة المستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا قد تمنح بنيامين نتنياهو وحكومته عدة فوائد سياسية وقانونية:
1. - تخفيف الضغط القانوني: المستشارة القضائية تُعتبر من أبرز المدافعين عن استقلال القضاء، وقد عارضت سياسات الحكومة، بما في ذلك الإصلاحات القضائية. إقالتها قد تتيح لنتنياهو تعيين مستشار جديد يدعم سياسات الحكومة وربما يؤخر أو يخفف من الإجراءات القانونية المتعلقة بقضايا الفساد التي يواجهها.
2. - تمرير الإصلاحات القضائية: إقالة المستشارة قد تُسهل على الحكومة تمرير التعديلات القضائية المثيرة للجدل، والتي تهدف إلى تقليص صلاحيات المحكمة العليا وتعزيز سيطرة الحكومة على النظام القضائي.
3. - تعزيز السيطرة السياسية: تعيين مستشار قضائي موالٍ للحكومة قد يمنح نتنياهو وحلفاءه فرصة أكبر لتعزيز سيطرتهم على مؤسسات الدولة، مما يدعم أجندتهم السياسية.
4.- تقليل المعارضة الداخلية: المستشارة القضائية كانت تُعتبر عقبة أمام بعض قرارات الحكومة. إقالتها قد تُضعف المعارضة الداخلية وتُسهل تنفيذ سياسات الحكومة.
الشارع سيعود الى المظاهرات ما قبل السابع من أكتوبر لان الازمات تتصاعد اما الذهاب الى حرب أهلية طاحنة او تتحول بشكل تدريجي الى نظام دكتاتوري ؟؟
* مختص بالشان الإسرائيلي
Comments