د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب *
اتجهت إسرائيل إلى إخافة الدروز في السويداء بعد معركة الساحل ورد على تحرك النائب جنبلاط تجاه دمشق الذي حذر من محاولة إسرائيل إقامة تحالف مع دروز سوريا في السويداء، وحذرت إسرائيل الدروز من محاولات نزع سلاحهم، وتود تحالف مع الدروز والعلويين والأكراد بحجة مواجهة المد الإسلامي المتشدد وحماية وجودهم في الشرق، بل وصل تحذيرها من خطر مد التطرف الإسلامي إلى العراق والأردن وتأثر دول الخليج، وستكون الدول الأوروبية ضحية تمدد المتطرفين الإسلاميين، وعلى الدول العربية التحرك قبل فوات الأوان بعدما أصبحت إدلب وريف حلب وصولا إلى ريف دمشق مساحات حاضنة للتطرف الإسلامي، بوجود سلطة سورية جديدة صنيعة التطرف ذاته، عبر حملة تقودها حسابات إسرائيل وأخرى مرتبطة بالنظام السوري المخلوع على منصة إكس بهدف الترويج للمزاعم الإسرائيلية حول ما تسميها ضرورة حماية الأقليات فقط من أجل تحقيق إسرائيل عدد من المشاريع مثل الممر إلى الفرات، يضاف إلى قناة بن غوريون في غزة الذي يجعلها تحرص على تهجير سكان غزة.
وقد دخلت إسرائيل عسكريا إلى مناطق في الجنوب السوري، إذ يقلق إسرائيل غض الإدارة الأمريكية على التعليق بشأن سوريا بعد هروب الأسد وتسلم الشرع للسلطة، رغم اتباع أحمد الشرع نهج رسولنا في فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء، ولم يمارس سوى العدالة الانتقالية وكان حذرا من ممارسة قواته الثأر والانتقام، وتفادى انهيار كبير يتسبب في إسالة بحيرات من الدم ردا على قتل نظام الأسد مليون سوري، وتهجير أكثر من 12 مليون، وطمأن العلويين والأكراد والدروز وكافة بقية مكونات الشعب السوري، ولقي دعما سعوديا تركيا اتبعتهما بقية الدول العربية والعالمية، ورفض الدخول في مواجهة مع إسرائيل، بل أعلن أنه لا يريد الدخول في معارك مع جيرانه، باعتبارها ثوابت جيوسياسية.
خصوصا وأن سقوط نظام الأسد شكل مفاجأة للجميع حلفاءه وخصومه ضمن مقايضة دولية بين الكبار برعاية إقليمية تركية وسعودية، وسوريا تعني السعودية وتركيا وبقية دول الجوار، من أجل سوريا رفضت السعودية قبول مقعد غير دائم في مجلس الأمن عام 2013 بسبب ازدواجية المعايير التي يتخذها مجلس الأمن، وعد التدخل ووقف الحرب السورية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لكن الوجود الإسرائيلي في جنوب سوريا بهدف تقسيم سوريا في ظل الأوراق التي تملكها حيث لديها علاقات مع قسد، وأمريكا قناة الاتصال الخلفية بين الفاعلين في شمال سوريا باستثناء الدور التركي المعادي لنفوذ كرد سوريا في مناطقهم الشمالية هنا يأتي الدور السعودي لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف، بسبب أنها ترعى سلام بين روسيا وأوكرانيا وقبلها مصالحة بين روسيا وأمريكا، فلن ترفض أمريكا أي طلب للسعودية حيث تدرك أن هدفها إحلال السلام في المنطقة، خصوصا وأن ترمب أعلن عن انسحاب أمريكا من سوريا انسحاب ليس على غرار انسحابها من أفغانستان بل وفق جدول زمني، تبقى فقط في قاعدة التنف على الحدود مع العراق والأردن، وهو ما جعل قسد التي أغلب مكونها عرب بنحو 60 في المائة توافق على توقيع الاندماج مع حكومة المركز في دمشق وقد تكون هناك لا مركزية إدارية وليست سياسية كما كان يتمنى الأكراد وكانت ترفضه تركيا.
بعدما كانت سوريا ممرا ومخزنا لنقل الأسلحة للمليشيات الإرهابية وبشكل خاص لحزب الله ومركزا لتهريب المخدرات وبشكل خاص إلى دول مجلس التعاون الخليجي والأردن، وبعد دخول هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع هربت المليشيات الإرهابية، ولم تعد سوريا تقبل دعم الأكراد ضد أنقرة، أو أن تكون وصية على لبنان، فيما ركز أحمد الشرع على التحول من منطق الثورة إلى منطق الدولة والتركيز على التنمية، رغم أحداث الساحل السوري التي أرادت تخريب هذه الجهود وتعطيل المسار فقط تريد خلق فوضى وجر سوريا إلى حرب أهلية لتحقيق أجندة وأهداف لتلطيخ سمعة حكومة الشرع لن تخدم سوى إسرائيل، إلا ان توقيع قسد مع دمشق اتفاق الدمج خفف من وقع معركة القضاء على التمرد في الساحل وإفشال تحقيق أهدافها، وبشكل خاص تزامن مع أعلان أحمد الشرع عن تكوين لجنة لمحاسبة المتورطين في دماء الشعب السوري ومنع تكرارها.
* أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية بجامعة أم القرى سابقا
Dr_mahboob1@hotmail.cim
Comments