bah حول برنامج المسابقات "الملياردير" - أسطورة معلوماتيّة غير رمضانيّة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

حول برنامج المسابقات "الملياردير" - أسطورة معلوماتيّة غير رمضانيّة

03/14/2025 - 14:04 PM

بيروت

 

 

بقلم: مارون سامي عزّام

 

نشاهِد خلال هذا الشهر الفضيل برنامج المسابقات "الملياردير"، من تقديم الإعلامي الكبير جورج قرداحي... البرنامج يشبه "من سيربح المليون؟" السّعوديّ، لكنه من إنتاج قناة "الرّابعة" العراقيّة، التي عرضته في الموسم الرمضاني السّابق، لتكسب انتشارًا عربيًّا أكبر. القناة جديدة نسبيًّا، تحاول رفع رأسها الإعلامي، وإلى الآن تروّج لنفسها باستمرار، من خلال عرض ترددها عند أسفل الشاشة، تحديدًا اثناء عرض البرنامج الأكثر متابعةً. إذًا الهدف غير المُعلَن لإدارة القناة، توجيه ترددات انتباه العالم العربي إليها بأي شكل، بمعنى أن هدفها المُعلَن عربيًّا، لم يكُن تثقيفيًّا، بل دعائيًّا، فابتكرت هذه الخطّة الذكيّة لإثبات مقدرتها التمويليّة!!، إنّما... على حساب عقول الشّعب العربي.

مسابقة "الملياردير" جميلة ومُبهرة ديكورًا وإضاءةً، مخصَّصة للعراقيين فقط، والجميل في الأمر، أن اختيارات القيِّمين على البرنامج، لم تكن عشوائيّة، بل كانت محدَّدة، من المثقّفين، المتعلّمين وأصحاب المهن العلميّة إذا جاز التعبير، إنّما تبدأ المشكلة، بنوع بالأسئلة المطروحة مع بداية المراحل المتقدّمة، لأنها صعبة جدًّا، وكثيرًا ما يجد المتسابقون صعوبة في الإجابة عليها. لا يوجد محطّات ربح، بل يجب على المتسابق أن يُثبِّت المبلغ الذي يراه مناسبًا، وفقًا لتدفّق نهر معلوماته في عقله، لذا غالبًا ما يكون تثبيته عند المبالغ الصغيرة، قياسًا بالجائزة الكبرى الصّوريّة، التي لن يربحها أحد، لتبقى مجرّد وهمٍ، لا يصحو منه المتسابق، إلّا بعد خروجه من المسابقة مخذولًا.

"الملياردير" اسم لافت جدًّا، لكنه يقع في شِراك سياسة القناة تجاه البرنامج، المحصورة في عالم الخيال والإثارة!، وتعلَم أن المتسابقين لن يطالوا "نجم المليار"، لأن ربحهم لن يتجاوز المَبالغ القليلة. مشكلة البرنامج في وسائل المُساعَدَة التي تحدِّد ليس فقط مجرى المسابقة، بل أيضًا مصير المتسابق منذ المراحل الأولى، باستخدامه وسيلَتَي "تبديل السؤال" و"حذف الإجابَتَين"، أعتقد إنها المرّة الأولى عربيًّا تكونان على حساب المتسابق!!، في حال قرّر الاستعانة بأحدهما، يُلزم أن "يشتري" إحداها، بإنقاص جزءٍ بسيط من المبلغ الذي وصل إليه، فإذا عرف الإجابة، يسترد المتسابق المبلَغ الذي وصله من قبل، ليظل يراوح مكانه!!

في حال خسارته، يعود إلى المبلغ الذي ثبّته خلال مراحل البداية. القناة تبقى هي المستفيدة الوحيدة من استخدام هاتَين الوسيلتين! لأنّهما مربحَتَين لها... الوسيلة الثالثة التي استُخدمَت في هذا الموسم، هي وسيلة "سوبّر كي"، مكرُمة جيِّدة من القناة، تَمنح المتسابق الإجابة الصحيحة حالًا، فيربح المبلغ الذي خُصِّص للسؤال مجّانًا، "يعني مجرَّح ولا مقتول". 

امتدّت جماهيريّة البرنامج بسرعة على مساحة الوطن العربي، بفضل الترويج المسبق المعتمد تمامًا على الشخصيّة اللامعة لمقدِّمه جورج قرداحي الذي أضفى حضورًا خاصًّا كالذي عوّدنا عليه سابقًا. مع ذلك هناك أمر أساسي يعرقل تقدُّم المتسابق، وهي خيار انسحابه قبل طرح السؤال التّالي، وكأن إدارة القناة تمنّنه بالمبلغ الذي ربحه، فيضطر لقبول المبلغ الذي ربحه، فيُطيِّب جورج خاطره بأسلوبه التشجيعي، قائلًا باسمًا له المثل المعروف: "الهريبة تلتين المراجِل"، كنوع من الانهزام البطولي المشرِّف!!

هذا المثل تكرّر أكثر من مرّة في الموسم السّابق والحالي أيضًا، لأن القناة، تكتفي بالجوائز الصغيرة التي وصلت إلى مبلغ 30 مليون دينار عراقي كأقصى حد، بشقّ الأنفُس، مع أن المتسابقين على مستوى عالي من الثقافة، العلم والمعرفة، بعضهم الآخر مختص بمجالات علميّة جديدة، غير مألوفة لنا، حتّى على جورج، الذي أبدى اهتمامًا بمجال المتسابق.

النهج التعجيزي في الإجابة على الأسئلة، أظهر الشخص بصورة مُحرِجَة، فيها تقليل من بغداد التي صُنِّفَت سابقًا كعاصمة للثقافة العربية. بدأ مؤخَّرًا نطاق الاستياء يتّسع كثيرًا على وسائل التواصل من وسائل المساعَدَة غير المنطقيّة المستَخدَمَة... الشيء الغريب، هو استغلال المتسابقين كأداة ترويجيّة للشّركة المنتجة أيضًا، مع بداية عرض شارة النهاية.

برنامج "الملياردير"، يجب أن يكون متساهِلًا قليلًا بأسئلته مع المتسابقين، بما أنه خُصِّصَ للعرض في شهر رمضان، المعروف بعمل الخير، وأن تتفهَّم القناة طبيعة قدوم المشارك للمسابقة، كذلك عليها أن تعيد النَّظر في خطّة البرنامج، التي تمنع عمدًا فُرَص الوصول إلى المبالغ الكبيرة. هذا البرنامج لن يُعطي المُشاهِد فرصة الاستمتاع بهذا العرض الثّقافي، لأنه أسطورة معلوماتيَّة لن تصبح حقيقة ملموسة، ولا تليق بشهر رمضان، لأن شروط المسابقة خرجت عن إطار اللعبة، لأنها قاسية جدًّا، لَجَمَت طموح المشاركين!!

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment