الاعلامي كريم حداد
مع تسلّم العماد جوزاف عون مهام رئاسة الجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام حازتعلى ثقة البرلمان، يدخل لبنان مرحلة سياسية جديدة يعلق عليها اللبنانيون آمالًا كبيرة في التغيير بعدسنوات من الأزمات المتلاحقة. وقد بدأت الحكومة الجديدة عملها بإجراء سلسلة من التعيينات فيالأجهزة الأمنية، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة المؤسسات وترسيخ الاستقرار. إلا أن التساؤل الأبرز يبقى: هل تشكل هذه الخطوات بدايةً لإصلاحات حقيقية، أم أنها مجرد استمرار لدوران في حلقة مفرغة من الأزمات؟
بين القروض الدولية والحلول الهيكلية: أي طريق سيختار لبنان؟
في ظل استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، يواجه لبنان معضلة كبيرة تتمثل في التوفيق بين الحاجة الملحة إلى الدعم المالي الخارجي، وخطر التورط في مزيد من الديون التي أثقلت كاهل الاقتصاد لعقود. تجارب الماضي أثبتت أن الاعتماد على القروض دون إصلاحات هيكلية ليس حلًا ناجعًا، بل يتطلب الأمر إجراءات جذرية تعيد بناء الثقة محليًا ودوليًا.
لكن كيف يمكن للاقتصاد اللبناني أن ينهض في ظل بيئة سياسية غير مستقرة؟ وهل يمكن اجتذاب الاستثمارات في بلد لا يزال يعاني من غياب القرار السيادي الفعّال؟
العهد الجديد أمام اختبارات مصيرية
تواجه الحكومة الجديدة تحديات جسيمة ستحدد مصير لبنان في السنوات المقبلة، ومن أبرزها:
- فرض سلطة الدولة**: هل ستتمكن الحكومة من بسط نفوذها على كامل الأراضي اللبنانية، بما يعزز سيادة القانون؟
- الإصلاحات الهيكلية**: هل ستنجح في إطلاق إصلاحات حقيقية تعيد ثقة المواطنين والمجتمع الدولي؟
- تعزيز الأمن والاستقرار**: هل سيتم توفير بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات، مما يسهم في تنشيط الاقتصاد؟
لبنان يمتلك مقومات اقتصادية وسياحية هائلة تؤهله ليكون وجهة رائدة في المنطقة، لكن تحقيق ذلك يتطلب قرارات جريئة تعالج الهدر المالي، وتكافح الفساد، وتضع البلاد على مسار التعافي المستدام بعيدًا عن الحلول المؤقتة.
الإصلاح: الفرصة الأخيرة
ما يحتاجه لبنان اليوم ليس مجرد قروض جديدة، بل دولة قوية وفعّالة قادرة على إدارة مواردها بكفاءة، بعيدًا عن التجاذبات السياسية الضيقة. العهد الجديد يمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء لبنان على أسس متينة، لكنه في الوقت نفسه يحمل خطر استمرار النزيف الاقتصادي والسياسي إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة.
فهل يستغل لبنان هذه الفرصة لإنقاذ نفسه من دوامة الأزمات، أم يبقى رهين الحلول الترقيعية التيتعيد إنتاج الفشل؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مصير البلاد في السنوات القادمة.
Comments