bah الجوارب غير المتطابقة - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

الجوارب غير المتطابقة

03/26/2025 - 01:05 AM

Bt adv

 

 

بقلم: ألفة السلامي

 

تابعت طرقاً مختلفة في احتفال العالم مؤخرًا بالأشخاص المصابين بمتلازمة داون سيندروم في الحادي والعشرين من مارس الجاري، أطرفها تلك التي اعتمدت الجوارب الرياضية غير المتطابقة كتقليد ممتع وفريد لجذب أنظار العالم والتوعية بقضية متلازمة داون، حيث ترمز الجوارب غير المتطابقة للكروموسومات لدى هذه الفئة. يولد كل شخص من ذوي متلازمة داون بقليل من الأشياء الإضافية؛ كل إنسان لديه 46 كروموسوم في كل خلية. أما الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون فلديهم 47. بمعنى أنه في الجينوم البشري هناك 23 زوجًا من الكروموسومات، أما أصحاب متلازمة داون فلديهم انقسام صبغي "خطأ" للخلية يؤدي إلى وجود ثلاث نسخ من الكروموسوم 21 بدلًا من نسختين. وهذا أشهر اضطراب كروموسومات وراثي، يتسبب في حدوث إعاقات التعلُّم لدى الأطفال.

وللتعرف على هذا التفرد والاحتفال به وزيادة التوعية به تم إنشاء اليوم العالمي لمتلازمة داون عام 2011 من قبل الأمم المتحدة، حيث يحتفل به العالم سنويا ابتداء من عام 2012 في الحادي والعشرين من شهر مارس.

أن يكون لديك طفل مصاب بمتلازمة داون فهذا يعني الكثير من الجهد الاستثنائي والمثابرة للاهتمام به وتحسين مهاراته. لذلك، فإن الاحتفال سنويا هو موعد للتقدير والاحتفاء ليس فقط بالأشخاص المصابين ولكن أيضا بذويهم وكافة العاملين بالمؤسسات المعنية، والدور العظيم الذي يلعبونه في محيطهم ومجتمعهم لدعم هذه الفئة. وهناك بالتأكيد حاجة مضاعفة لهذا الدعم حتى يستطيع أن ينهض بهذه الفئة، خاصة في المناطق البعيدة عن المدن.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك أعداد كبيرة من المصابين بمتلازمة داون حيث يولد طفل واحد على الأقل مصاب من بين كل ألف ولادة حية. ومن أجل إعداد الوالدين لرعاية أطفالهم ذوي الإعاقة، هناك برامج تسمى برامج التدخل المبكر، وتهدف للمساعدة في فهم إعاقة الطفل وتعزيز نقاط القوة لديه والبناء عليها. ويتضمن البرنامج خطة تدخل متكاملة للعلاج الطبيعي والتخاطب والنطق وتنمية المهارات، إضافة إلى نظام غذائيّ خاصّ. كما يحتاج أغلبهم متابعة لوظائف القلب والأعصاب والعظام والسكري، حيث توجد حالات تشتكي منذ الولادة من هذه المشكلات الصحية.

وفي مصر رغم عدم وجود رصد إحصائي دقيق لمصابي متلازمة داون إلا أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أشار إلى إن نسبة الأشخاص من "ذوي الهمم" تبلغ 2.61% من إجمالي عدد السكان، في حين أشارت بعض الدراسات إلى أن نسبة ولادة أشخاص بمتلازمة داون في مصر تبلغ 1 من بين 800 شخص.

 وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الخدمات الموجهة لهذه الفئة متوفرة في عدد من المراكز المصرية المتخصصة. على سبيل المثال، في العيادات التابعة لشعبة الوراثة بالمركز القومي للبحوث، تتلقى العديد من الأسر الدعم اللازم مبكراً لأبنائهم منذ الولادة. وقبل ذلك، أصبح متاحاً الفحص المبكر للأجنة، من خلال مراكز جامعات عين شمس والقاهرة والمنصورة، إضافة للمركز القومي للبحوث. وتؤدي تلك المراكز دورًا فعالًا في حياة الأطفال وأسرهم، وهناك حاجة للمزيد من هذه العيادات المتخصصة في الوراثة لإتاحة تلك الخدمات على نطاق أوسع.

ومن ضمن الخدمات المقدمة تصوير بالموجات فوق الصوتية يسمى "فحص الشفافية القفوية"، ويُجرى للجنين بين الأسبوعين 11 و14 من الحمل، لقياس كيس السائل في مؤخرة عنق الطفل، وفي حالة زيادة النسبة عن 35 ملم، يوصى بعمل المزيد من الفحوصات، والتحويل إلى أحد أطباء الوراثة المختصين للتدخل المبكر، إذ أن كمية السائل المتزايدة قد تعني أن الطفل لديه احتمال للإصابة بمتلازمة داون.

وأجمل وصف سمعته في أحد الاحتفالات باليوم العالمي لمتلازمة داون ما ذكره طبيب بلجيكي كان يزور أحد فصول الدمج بمدرسة دولية في القاهرة الجديدة، حيث قال: "فلنعتبر أن طفل متلازمة داون يشبه النحلة الطنّانة، التي يخبرنا الفيزيائيون أنها غير قادرة على الطيران، لأن جذعها ووزن جسمها يتسمان بوزن كبير وحجم ثقيل، بما لا يتناسب مع أجنحتها الصغيرة؛ لكن لحسن الحظ، لم يخبر أحد النحلة الطنّانة أنها لا تستطيع الطيران؛ لذلك، هي تطير ونستمع إلى طنينها نتيجة جهدها المضاعف".

وقياسا على النحلة الطنّانة، ليس من السهل لأطفال متلازمة داون بذل الجهد البدني، ومع ذلك نجد الكثيرين منهم أبطالا في عدة رياضات ويتحدّون خلال ممارستها عضلات أرجلهم الضعيفة نسبيا. كما أنهم يتميزون في أداء الأنشطة المدرسية، ويمثلون في المسرحيات والحفلات الاستعراضية، وأداء الأعمال الفنية اليدوية. ورغم تحقيقهم لتلك البطولات والنجاحات التي يتحدون بها العالم، لكن أكثر ما يتوقون إليه هو ببساطة القبول والترحيب والتفاهم: أن يكون لديهم أصدقاء وأن يتم دمجهم مع زملائهم من نفس سنهم دون عوائق. غير أن عدد المدارس التي تبادر بالدمج مازال محدودا. لذلك، تظل أكبر مشكلة يواجهها الآباء هي ندرة فصول الاندماج في المدارس، رغم صدور قرار بذلك من وزارة التربية والتعليم رقم 42، لسنة 2015.

ويطمح أولياء أطفال داون أن يعي المجتمع أن أبناءهم "مختلفين" مثل الجوارب غير المتطابقة لا غير، وأن تتحسن فرص أبنائهم في الوصول إلى التعليم والعمل والخدمات الصحية في شتى مناطق الجمهورية.

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment