رامز حمصي
تشير تقارير حديثة، نقلتها وكالة رويترز عن (ستة) مصادر تشمل مسؤولين أمريكيين ومصدراً سورياً ودبلوماسياً إقليمياً، إلى أن الولايات المتحدة قدمت لسوريا قائمة شروط لتخفيف جزئي للعقوبات. تشمل هذه الشروط إبعاد المقاتلين الأجانب، تدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية، التعاون في مكافحة الإرهاب، وضمان عدم تولي مقاتلين أجانب مناصب حكومية عليا، إضافة إلى مساعدة واشنطن في العثور على الصحفي أوستن تيس، المفقود منذ أكثر من عقد. ووفقاً للمصادر، فإن التخفيف الموعود للعقوبات مشروط بتحقيق كل هذه المطالب، دون تحديد طبيعته أو جدول زمني واضح.
هذه الشروط، التي سُلمت عبر نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكية ناتاشا فرانشيسكي لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في بروكسل يوم 18 مارس، تمثل أول اتصال مباشر رفيع المستوى بين واشنطن ودمشق منذ تولي ترامب منصبه في يناير. اللقاء، الذي جرى على هامش مؤتمر المانحين، يعكس رغبة أمريكية في فتح قناة حوار، لكنه يضع دمشق أمام اختبار صعب: هل تستطيع تلبية هذه المطالب دون المساس بسيادتها أو استقرارها الداخلي؟
من الواضح أن واشنطن تسعى إلى ضمانات أمنية وسياسية قبل أي تنازل. إبعاد المقاتلين الأجانب وتدمير الأسلحة الكيميائية يهدفان إلى نزع أي تهديد محتمل للأمن الإقليمي، بينما يعكس طلب التعاون في قضية أوستن تيس أولوية إنسانية وسياسية للإدارة الأمريكية. لكن هذه الشروط ليست بالبساطة التي تبدو عليها. تنفيذها يتطلب من دمشق تغييرات جذرية في هيكلها الأمني والسياسي، وربما مواجهة مقاومة داخلية من قوى لا ترى في هذا التقارب مصلحة لها.
بالنسبة لسوريا، القرار ليس سهلاً. التخفيف الجزئي للعقوبات قد يفتح الباب لانتعاش اقتصادي طال انتظاره، خاصة مع الوضع المزري الذي يعيشه المواطنون. لكن الاستجابة الكاملة قد تُفسر كضعف أو تنازل عن السيادة، خاصة إذا شعر السوريون أن حكومتهم تتحرك تحت ضغط خارجي فقط. هنا تكمن الحاجة إلى توازن دقيق: تلبية بعض المطالب بما يخدم المصلحة الوطنية، مع الحفاظ على موقف مستقل.
الغموض حول طبيعة التخفيف وغياب جدول زمني يضعان دمشق في موقف تفاوضي صعب. هل ستكون التنازلات مقابل تخفيف رمزي لا يغير الواقع؟ أم أن هناك وعداً بتحول حقيقي في العلاقات؟ على الحكومة السورية أن تتحلى بالشفافية مع شعبها، وأن تختار ممثلين أكفاء لإدارة هذا الملف الحساس.
هذه الشروط فرصة وتحدٍ في آن واحد. إذا نجحت دمشق في استغلالها بحنكة، قد تفتح قنوات للتعاون الدولي وتخفيف المعاناة. لكن الفشل في تحقيق توازن بين المطالب الأمريكية والمصلحة الوطنية قد يطيل أمد الأزمة. الكرة الآن في ملعب دمشق، والشعب ينتظر النتائج.
Comments