bah سحر الكلمات - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

سحر الكلمات

03/30/2025 - 00:23 AM

Prestige Jewelry

 

 

 بقلم الكاتب المصري أحمد علام

 

·     في كل مرة تطرق آذاني كلمة إلا وأجد أثرها في نفسي إيجاباً أو سلباً حتي أسترعي انتباهي كل هذه التأثرات التي لا أكاد أنخلع من واحدة حتي تهب عليها الأخري بكل ما تحمله من ندي أو غبار يملئ جوانب حياتي بهجة أو كآبة، فمازلت أبحث من أين ينبع أثر الكلمة البالغ منتهي أطراف النفس؟ لتثبت فيها الحماسة وحب الحياة، أو تصب فيها الحسرة والألم  من حروف الكلمة – حيث يتمسك كل حرف بشخصيته ولونه – وعندما تتابع حروف معينة مع بعضها، يتولد ذلك الإحساس اللطيف أو المزعج، أم هو المعني المكنون في كل لفظة وتعارف عليه الناس؛ فمنهم من يترك أثراً طيباً، والأخر يلفظ سمومه في أذن من يسمع فيثار إمتعاضه منه وتأففاً.

 

·      أم هي الحالة التي يقال فيها اللفظ  فحين يصدر اللفظ في أوقات الجد يكون له تأثيراً سيئاً علي النفس، وعندما يصدر نفس اللفظ فى حالة الهزل يكون له تأثيراً مغايراً تماماً. بل ربما يستدعي الضحك منه بل يشعر المستمع أن قائله قريب من قلبه ويتودد إليه. أم أن الكلمة تؤتي ثمارها أو تلقي بخبائثها حسبما تكون نية المتكلم وتوجهه إلي المتلقي نصيحةً أو تنمراً.

 

·     مازالت تلك الكلمات السامة جاثمة علي صدري، ترتسم أمام عيني حين يستحضر مشهداً مشابهاً لذلك المسرح الذي قيلت فيه تلك الكلمات اللعينة التي لم يتبقي منها سوي أثرها الذي لا يخفت مهما طالت الأيام، وتعددت الحوادث، وتطل برأسها بأشجار باسقة أو أماكن صاخبة. وتتداعي الأفكار والخواطر ويبقي الأثر، ونفس تتوق دائماً إلي الأثار الطيبة علي نفسي. فهي المحرك الأساسي لكل عمل طيب، وإنجاز مبدع ، منبعه عودة الروح من جديد، فلا أندب حظي التعس علي إقتطاع أهم جزء من كياني وهي روحي المفرطة الحساسية بالتأثر بوقع الكلمة ونحتها في لوحة النفس حسبما تقضيه طبيعتها، ولا سبيل لإنعاش تلك الروح إلا بالأثر الجميل الذي ينطبع عليها بتوقيع الكلمة ويرقد فيه ذلك الأثر حتي يكون جزء منها، يتشكل معها، ويحدد هويتها الوثابة الفاعلة التي ترفرف بلا أجنحة تدفع صاحبها للعمل والإنجاز والمعاملة الطيبة مع غيره، والحنان علي من أضعف منه، والإحسان في كل فعل، والترفع عن كل ماهو متدني. فهي روح تجمع ولا تفرق، تعطي ولاتأخذ، وتعشق القوة، وتكره الضعف، وتحب فضائل الأعمال، وتكره رذائلها، وتعفو ولا تقسو، وتتمني الخير للجميع،ولاتعرف اليأس، ومحبة للحياة والسلام والأمل في الغد دائماً وابداً.

·     الموت حتم مؤجل وماهي إلا سويعات يعيشها أناس يتعاصرون في فترة زمنية محددة ، والكل سيهلك في النهاية . فما أحوجنا إلا لنحيا سعداء  في تلك الفترة المحددة المحدودة للغاية – وكل العجب أن تلك السعادة مرهونة علي الكلمة التي عانيت منها مالم أعاني في حياتي – بل والأعجب أن قائل الكلمة لا تفوته غمار تلك السعادة – بل هي تحميه من المنزلقات وتقتل السأم الذي يأتي من العمل المتواصل – فهي بحيرة الحياة التي تتفرع منها جداول الأمان وينابيع الرحمة، وأنهار البهجة – حيث تعم المكان لتصعق بإتحادها كل تآلف للحزن واليأس، وذلك بفضل حلاوة وعذوبة الكلمات الجميلة التي لا مثيل لها لتتعطر الأيام والليالي، وتسير الأحداث في سمفونية رائعة لتترك كل الإنطباعات السعيدة التي تلتئم كل الإحاساسات السلبيةـ وتساهم في بناء الحضارة البشرية كلها، لتستلمها الأجيال التالية محملة بكل المشاعر الإيجابية والأحاسيس الراقية، لتزداد معهم جمالاً فوق الجمال وسعادة فوق السعادة، معترفة لمن له الفضل وهي الكلمة وسحرها وتلك ياسادة "سحر الكلمات".

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment