bah تشكيل الشرق الأوسط في ظل عالم جديد - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

تشكيل الشرق الأوسط في ظل عالم جديد

04/10/2025 - 16:31 PM

Atlas New

 

 

 

د. عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب *

 

منذ اتفاقية سايكس بيكو 1916 ووعد بلفور بإقامة دولة يهودية عام 2017، وتم تقسيم العالم العربي بين الدول الاستعمارية، عدا الملك عبد العزيز الذي عزز سيطرته على أغلب شبه الجزيرة العربية، وفي نفس الوقت دعمت حركات التحرر في العالم العربي، ورفض الملك عبد العزيز رحمه الله أن يتسلم الخلافة بعد سقوطها في تركيا في عام 1924، لكنه استعاض عن ذلك بدعوة العالم الإسلامي لمؤتمر إسلامي في عقد مكة المكرمة في يونيو 1926 لتأسيس منظمة إسلامية عالمية حضره 70 وفد من الدول الإسلامية معترفين بالملك عبد العزيز حاميا للحرمين، ناشدهم بالمساهمة في إصلاح الحجاز لكن انتهى المؤتمر دون تقديم أي دعم، كان ذلك قبل اكتشاف النفط، لكن تكفلت السعودية برعاية الحرمين دون الاستعانة بالدول الإسلامية.

إلى أن اجتمع الملك عبد العزيز بعد الحرب العالمية الثانية مع روزفلت في 14 فبراير 1945 على متن الطراد يو أس كوينسي في البحيرة المرة العائد من مؤتمر يالطا.

منذ الخمسينيات بخلاف النظريات الجيبولتيكية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين ركزت على أوروبا، نصح برنارد لويس الولايات المتحدة إذا أرادت أن تسيطر على العالم عليها أن تسيطر على الشرق الأوسط لما يمتلكه من موقع استراتيجي وممرات للتجارة والنفط، باعتباره يشكل تهديدا لأي قوة تسعى للسيطرة والهيمنة على العالم، على الولايات المتحدة القوة المهيمنة أن تقف أمام تشكيل أي تحالف إقليمي يقف في وجه الولايات المتحدة، وأن يتم تفصيل الشرق الأوسط بناء على قياسات تناسب الولايات المتحدة، والحفاظ على شرق أوسط ممزق، مع دعم دائم لإسرائيل من أجل الحفاظ على تفوقها التكنولوجي والعسكري، وأن يكون شرق أوسط مذعنا وخاليا من المنغصات، وألا يكون رافضًا لإسرائيل، وبدون إسرائيل لا يمكن أن يكون هناك شرق أوسط جديد.

من أجل تحقيق ذلك رفض الغرب تحالف إيراني إقليمي خصوصا مع مصر والسعودية أكبر قوتين عربيتين في المنطقة، انقلب الغرب على الشاه وأتى بملالي طهران، فورا احتل الاتحاد السوفيتي أفغانستان لمواجهة ملال يطهران، رد الغرب بضخ الجهاديين لمقاتلة الروس في أفغانستان، إلى أن انهار الاتحاد السوفيتي عام 1989، وبداية مرحلة جديدة من القطب الأوحد صاحبها ظهور نظريتي صراع الحضارات لهنتجتون ونهاية التاريخ لفكوياما، الذي بدأ باحتلال العراق عام 2003 ثم تسليمه لإيران، وتمدد إيران في المنطقة إلى أن أتت ثورات ما يسمى بالربيع العربي التي ساهمت في انهيار دول عربية عدّة بدعم ملالي طِهران وتيار الإخوان من سوريا إلى ليبيا واليمن.

لكن هناك في الشرق التنين الصيني سجل معجزة اقتصادية صادرات قفزت من 10 مليارات دولار في 1980 إلى 25 مليار دولار في 1985 أي الضعفين والنصف في غضون خمس سنوات، إلى أن قفزت الصادرات إلى 4 تريليونات دولار في 2005 أي 400 ضعف، قفزت الصادرات إلى 6 تريليونات عام 2021، سجلت الصين معجزة اقتصادية انخفض الفقر بنحو 900 مليون نسمة.

 ففي 2014 أصبح الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد وفق القوة الشرائية، وثاني اقتصاد بعد الولايات المتحدة، وضاقت الفجوة الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، فأصبح اقتصاد الصين عام 2015 نحو 15.5 تريليون دولار خلف اقتصاد الولايات المتحدة 20 تريليون، بعدما كانت تعاني الصين من حروب الأفيون والحروب الأهلية، وسعى شي جين إلى تبني الحزام والطريق عام 2013 يمر بنصف سكان العالم لنحو 100 دولة وقلص شين جين خطة ال70 التي تنتهي في 2050 إلى 2035 لتصبح أكبر قوة اقتصادية، وتود رفع الرؤوس النووية من 200 رأس نووي إلى ألف رأس نووي في 2030.

صراع العمالقة في 1990 سقوط الاتحاد السوفيتي لكن صمدت الصين بعد فقد حليف لها الاتحاد السوفيتي، بل بات الطريق معبد لها حتى وجدت ان الولايات المتحدة ليست ممسكة بكل الخيوط، ما جعل أمريكا تصوب بندقيتها تجاه الصين بتحالف أوكس، لكن اتى ترمب واستخدم التعريفات الجمركية كسلاح لتحجيم قوة الصين، رغم ذلك رفضت الصين التورط في حرب من أجل ضم تايوان في زمن بايدن، مثلما تورطت روسيا في حرب أوكرانيا في 2022 ثم طوفان الأقصى 2023.

الحدث الأبرز التهدئة التي رعتها بكين بين الرياض وطهران في تحقيق مصالحة تاريخية في مارس 2023 سبقته مباحثات بين طهران والرياض خلال عامي 2021، 2022، استضافتها سلطنة عمان وبغداد، خشيت واشنطن من توسيع خارطة بريكس ورات أن بكين تتجه نحو ضم الرياض وطهران لمجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي، بالطبع كانت الحرب الروسية في أوكرانيا لوقف تمرد بوتين لكن ما حدث العكس ازداد التحالف بين بكين وروسيا.

 أتى ترمب باستراتيجيات جديدة اتجه إلى المصالحة مع بوتين لوقف التدخل الروسي في سوريا وليبيا والسودان واليمن وفي نفس الوقت إضعاف المحور الصيني الروسي الإيراني، وهناك تحالف استراتيجي بين روسيا وغيران لكنه ليس كالتحالف مع كوريا الشمالية، يمكن أن تقف روسيا على الحياد عن الصراع بين واشنطن وطهران وتعتبر موسكو وسيطا بين الجانبين.

أمريكا وروسيا والصين كل منهم يبحث عن استعادة العظمة، لكن موازنة الولايات المتحدة تريليون دولار فيما موازنة الصين 180 مليار دولار وفي روسيا إلى نحو 126 مليار دولار.

استراتيجيات ترمب باستعادة العلاقات بينه وبين بوتين برعاية السعودية خصوصا بعدما رفض البيت الأبيض التصويت لقرار أعدته كييف والأوربيون بمجلس الأمن يدين الحرب الروسية في أوكرانيا، ما يعد تغييرا واضحا في السياسة الأمريكية تجاه كييف التي مثلت حليفا أوروبيا أمريكيا، إلى جانب نهج اتبع الرئيس ترمب التي دائما ما كانت تضع موسكو في موقف دون الند، وهو ما تخطاه ترمب حين أعلن عن بدء مفاوضات بين البيت الأبيض والكرملين على أرض محايدة بما يؤكد أن ترمب على قناعة بأن روسيا هي الند القوي للولايات المتحدة وهو ما كان يرفضه بايدن الذي دائما ما كان يؤكد على ضعف موسكو وترهل اقتصادها وقوتها العسكرية.

 اعتبر ترمب السعودية وسيط يعزز السلام في المنطقة، نتج عنها مقايضات انعكست على خريطة الشرق الأوسط مقابل حصول روسيا على المناطق التي احتلتها في أوكرانيا تخلت عن سوريا، وكما تنازلت عن أرمينيا لتركيا كذلك تخلت عن ليبيا لتركيا فاستقبلت تركيا صدام حفتر وهذا التنازل مع ضمان مصالح الطرفين ألا تمس من قبل الطرف الآخر.

اليوم يعلن ترمب عن مفاوضات مباشرة مع طهران في سلطنة عمان بحضور نتنياهو واعتبر وزير خارجية إيران عراقجي بان ترمب رجل السلام، وعرض نتنياهو على ترمب النموذج الليبي النووي الذي تقدم بتفكيك سلاحه النووي بعد احتلال أمريكا العراق عام 2003 لكن طهران ترفض هذا النموذج خصوصا وأن النووي الإيراني في أنفاق تحت الأرض، فمفاعل نطنز على عمق 3 طوابق يمتلك 14 ألف جهاز طرد يصل النقاء إلى نحو 5 في المائة.

 

 

 

* أستاذ الجغرافيا السياسية والاقتصادية بجامعة أم القرى سابقا

 Dr_mahboob1@hotmail.com

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment