04/13/2025 - 15:12 PM
• سوريا نحو المجهول.. والأقليات محقة في هواجسها.
• نحن أمام نظام عالمي جديد.. وكفى شعارات بالية.
بيروت - بيروت تايمز
اعتبر الاعلامي والمحلل السياسي عدنان القاقون ان لبنان يخرج من مستنقع دويلات الطوائف بإعلام نحو بناء دولة المؤسسات، ورأى في حديثة مع "بيروت تايمز" ان العهد الجديد يواجه تحديات كبيرة، لكنه عازم وبدعم داخلي واقليمي ودولي على طي صفحة خطف القرار السيادي للدولة كما كان الحال خلال عقود مضت.
وحمل القاقون الشعب اللبناني مسؤولية تاريخية حين يتوجه لصناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة مشددًا على ايصال مجلس نيابي يدعم العهد الحديد لا يقيده بحبال القلاع الطائفية. وحذر من تداعيات إلغاء إسرائيل حق العودة للاجئين الفلسطينيين لما لهذا القرار من تداعيات أفليمية.
وبدا الاعلامي عدنان القاقون متشائمًا من مستقبل الوضع في سوريا، مشددًا على أهمية ترتيب بيت العدالة الانتقالية اولاً، وقال ان هواجس الأقليات الكردية والعلوية والدرزية لها ما يبررها في ضوء الساحل السوري، وارتكاز الإعلان الدستوري على "الفقه الإسلامي المصدر الرئيس للتشريع". وفي ما يلي نص اللقاء الشيق:
■ في ضوء تسارع المتغيرات في الشرق الأوسط، كيف تقيم مستقبل الوضع في لبنان ؟
- يمكن القول إن لبنان خرج من مستنقع الاختطاف الإقليمي بعد التوافق السياسي على بسط سلطة الدولة على كل المناطق.
لكن لبنان الجديد الذي نطمح اليه بحاجة إلى كثير من العمل والجهد فلبنان وطن لكل ابناؤه، ولم يعد مقبولًا ان تستمر عملية اختطاف القرار السيادي اللبناني كما حصل خلال العقود الماضية.
لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية للعبور من نفق دويلات الطوائف بأعلام نحو رحاب دولة المؤسسات وهذا ما شاهدناه خلال الأشهر الماضية بعد وصول العماد جوزيف عون إلى سدة الرئاسة الأولى والقاضي نواف سلام إلى سدة الرئاسة الثالثة كل ذلك أدى إلى انتعاش الأمال بإعادة بناء لبنان الذي نطمح اليه.
لبنان العهد الجديد بحاجة إلى تضافر كل القِوَى السياسية والشعبية لدعمه وبحاجة أيضا إلى كل الطاقات الشبابية، يكفي شبابنا اغترابًا وآن الأوان لإعداد البيئة المناسبة لإعادة الطاقات اللبنانية الشبابية إلى حيث مكانها الطبيعي.
الرئيس جوزاف عون وصل الى سدة الرئاسة الأولى من مؤسسة عسكرية أثبتت بأنها على قدر التحديات وبأنها على مسافة واحدة من كل مكونات المجتمع اللبناني كما يمتلك العهد الجديد الرؤية السياسية والتنموية والاقتصادية للإصلاح إلى جانب العزيمة والصلابة في مواجهة التحديات وهي كثيرة.
ليس كافيًا أن جملة معوقات جوهرية تعترض مسيرة الإصلاح. الفساد متغلغل في مؤسسات الدولة وهذه قضية تحتاج إلى سنوات طويلة لخلق البيئة المناسبة للإنجاز، ولتحقيق هذه البيئة لم يعد مقبولًا أن يبقى أي سلاح أي كان خارج إطار الدولة وخارج سلطة الدولة، القرار 1701 واضح وضوح الشمس وقد شكل تطبيقه نقلة نوعية نحو سلطة الدولة على كامل التراب اللبناني.
وفي تقديري انه كلما تعمقت المحادثات الأمريكية الإيرانية التي انطلقت السبت الماضي في سلطنة عمان كلما ارتخت قبضة المسؤولين عن سلاح حزب الله، قرار مستقبل سلاح حزب الله وكذلك الحشد الشعبي في العراق إنما ينبع من طهران.
إن نقطة الارتكاز، نقطة التحول الحقيقي لبناء لبنان الجديد ومساعد العهد الجديد تكمن في الانتخابات النيابية المقبلة عام 2026 من هنا فإن العهد الجديد مطالب بإعداد البيئة السياسية الاجتماعية المناسبة لتحضير المجامع الشعبية في لبنان لانتخابات بعيدا عن الضغوطات المعيشية والاقتصادية والوعود الحزبية الرنانة.
أعتقد أن لبنان خرج من مستنقع دويلات الطوائف بإعلام ويمضي من خلال العهد الجديد بثبات نحو بناء دولة المؤسسات هذا العهد لا يملك عصا سحرية وليس من مصلحة الكثير من القوى السياسية أن ينجح العهد في بناء دولة المؤسسات لذا فإن أمام الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام تحديات متشعبة تبدأ بمحاربة إرث الفساد المتجذر وشق الطريق أمام لبنان الوطن.
مفصلية الانتخابات
■ هل تعتقد أن الانتخابات النيابية المقبلة ستشهد تغييرًا في خريطة القوة النيابية؟
- الأمل وكل الأمل في أن يخرج الشعب اللبناني من عنابر التبعية الفئوية إلى رحاب بناء الوطن، وحده الشعب اللبناني سيحصد نتاج التغيير ووحدة أيضا سيكون مسؤولًا عن تحصين قلاع دويلات الطوائف بأعلام وتلك مسؤولية كبيرة علينا أن نعي أهمية المرحلة ودقتها.
طوفان الأقصى نسف حق العودة!
■ من خلال رؤيتك ومتابعتك للتطورات الإسرائيلية الفلسطينية إلى أين تمضي الأمور؟
- زلزال 7 أكتوبر 2023 شكل تحولًا كبيرًا في مسار القضية الفلسطينية، بعد 7 أكتوبر تعمق الانشقاق الفلسطيني - الفلسطيني وانسلخت القضية الفلسطينية عن عمقها العربي والإسلامي.
اليوم بعد أكثر من عام ونصف العام ماذا كانت النتيجة بالنسبة للفلسطينيين غزة أصبحت من الماضي مجرد إطلالة تقطنها مجاميع تبحث عن لقمة حياة.
لن إسبر أعماق البؤس الذي يعيشه أبناء غزة أو الضفة فالعالم يشاهد يوما بيوم وساعة بساعة ما يجري هناك ولكن اسمح لي أن أسلط الضوء على البعد السياسي للقضية الفلسطينية أولا حلم الدولة الفلسطينية كما كان ينتظرها الفلسطينيون والعالم الحر تلاشى، من وجهة نظري، والبحث يتركز الآن حول كيان ما يأوي ما تبقى من أبناء لهذه الأرض بعيدا عن أبسط مقومات السيادة.
ثم الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو نسفت ما ما كان يطلق عليه حق العودة للاجئين الفلسطينيين ومن هنا يمكن أن نفسر سر خارطة التدمير الممنهج للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، وفي تقديري أيضا فإن قضية اللاجئين لن تقتصر في اخطارها على الداخل الفلسطيني إنما ستمتد شررها إلى الدول المحيطة وتحديدًا مصر والأردن.
السؤال الكبير الذي سيشغل صفحات التاريخ هو من وضع خِطَّة طوفان الأقصى؟ ولماذا؟ ومن خدمت تداعيات هذا الطوفان!؟
نظام عالمي جديد
■ هل نحن أمام شرق أوسط جديد؟
- أعتقد نحن أمام نظام عالمي جديد نظام تتشكل أركانه وفق مفاهيم جديدة ومعايير جديدة بعيدًا عن لغة الشعارات والخطابات التي شغلت الشارع العربي والإسلامي لعقود مضت، نحن أمام شرق أوسط البقاء فيه والنفوذ فيه لتلك البيئة المبدعة.
ونظرة سريعة على تداعيات الحروب المستمرة من لبنان إلى فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول نجد أن الأجيال هم الضحية الأولى نجد أن المدرسة ضحية والجامعة ضحية وبالتالي المجتمع هو سيد الضحايا. الاستثمار الحقيقي لابد أن يبدأ من هنا. لا تحتاج مجتمعاتنا إلى مزيد من الشعارات البالية تحتاج إلى حاضنة تعليمية أكاديمية تعلم الأجيال قَبُول الرأي والرأي الآخر ومن ثم نحاول اللحاق بقطار التكنولوجيا المتسارع.
نعم الشرق الأوسط الجديد هو جزء من النظام العالمي الجديد وهو نظام، وفق تقديري، سيكون متشعب الأبعاد هناك البعد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي وما نشاهده حاليًا من حرب تجارية ضروس بين الولايات المتحدة والصين على وجه الخصوص ما هو الا جزءا من عملية تشكيل النظام العالمي الجديد.
سوريا نحو المجهول
■ كان لديك عدة مقالات حول مستقبل الوضع في سوريا وتبدو متشائمًا نوعا ما من مستقبل الوضع هل لك أن تشرح لنا ما سر هذه النظرة غير المتفائلة بالنسبة لسوريا؟
- نعم في البدء انا شخصيًا ضد الأحزاب العقائدية بالمطلق أيا كانت اسباب ظهورها او أهدافها، وثمة أسئلة لا تزال دون جواب أبرزها هو إلى أي مدى يسيطر رئيس السلطة في دمشق أحمد الشرع على الفصائل الموالية له قبل ان يخوض غمار التفاوض مع الفصائل المناوئة، تلك الفصائل التي ساعدته في فتح ابواب دمشق، والمؤشرات تقول إنه لا يسيطر على كل الفصائل وعددها بالعشرات.
ولذلك نجد أن الاتحاد الأوروبي لديه حالة من الريبة حيال الذهنية والعقلية السياسية التي تحرك السلطة في دمشق، وكانت أحداث، وربما الأصح مجازر، الساحل السوري كانت على حساب الثقة الوليدة بهذه السلطة. وإلى جانب الاتحاد الأوروبي هناك الموقف الأمريكي الذي لا يزال يصنف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، ويطالب بشكل مباشر الرئيس أحمد الشرع بجملة شروط قبل الوصول إلى شاطئ التعاون.
ثم عندما اجتمعت القوى السياسية الإقليمية والدولية في العقبة في ديسمبر الماضي طالبت بدولة مدنية تجمع كل مكونات الشعب السوري تحت مظلة العدالة، لكن العالم تفاجأ بالإعلان الدستوري الذي نص صراحة أن الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع وشتان ما بين الدولة المدنية وبين دستور يعتبر فيه أن الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع! ومن هنا أرى أن المجاميع السورية تشعر بخطر حقيقي على هويتها الفكرية والدينية والثقافة والاجتماعية ولا مكان للعدالة الانتقالية في ظل هذه الهواجس.
كل ذلك يأتي في ظل غياب مساحات التلاقي بين السلطة الانتقالية في دمشق وبين المكونات الكردية والعلوية والدرزية وغيرها ولابد أن يتم ترتيب بيت العدالة الانتقالية أولا قبل مطالبة المكونات السورية بالانخراط ضمن بُوْتَقَة السلطة القادمة على أجنحة هيئة تحرير الشام، القاعدة سابقًا.
لذا آمل أن أكون مخطئًا ولكني أرى أن سوريا تتعمق نحو المجهول والآتي قد يكون خطيرًا في ارتداداته على الداخل السوري ودول الجوار.
Comments