bah هل حرب ترامب على إيران وشيكة؟ - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

هل حرب ترامب على إيران وشيكة؟

04/13/2025 - 15:49 PM

Bt adv

 

 

 

مسعود معلوف *

 

منذ بضعة أيام، وجه الرئيس الاميركي دونالد ترامب دعوة لإيران لمباشرة مفاوضات مع الولايات المتحدة حول ملفها النووي، مهددا أنه في حال عدم تلبية الدعوة في خلال شهرين من الزمن، فإن إيران "ستتعرض لقصف وضربات لم يشهد العالم مثيلها من قبل" على حد تعبيره، مشددا على أن تكون هذه المفاوضات مباشرة بين الجانبين دون وسطاء.

كان الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، بالإشتراك مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا، توصل عام 2015 الى اتفاق مع إيران وُضِع بموجبه حد للتطور النووي الإيراني، وتم لقاء ذلك إلغاء بعض العقوبات المفروضة على إيران، والإفراج عن قسم من الأموال الإيرانية المجمدة، ولكن الرئيس ترامب في العام 2018 أثناء ولايته الأولى، سحب الولايات المتحدة من هذا الإتفاق واصفا إياه بأنه "أسوأ اتفاق في التاريخ"، وأعاد فرض عقوبات قاسية جدا على إيران.

أرفق ترامب هذه التهديدات لإيران بإرسال حاملة طائرات إضافية وسفن حربية وغواصات وطائرات تحمل قنابل نووية الى المنطقة لإثبات جديته في التهديد، ما حمل العديد من المراقبين على توقع حصول حرب قريباً على إيران تشارك طبعا فيها إسرائيل الى الجانب الأميركي. لقد سبق لنتنياهو أن حاول، أيام الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، استدراج الولايات المتحدة للقيام بالإشتراك مع إسرائيل بحرب على إيران، ولكن بايدن تجنب ذلك، ويكرر الآن نتنياهو محاولته مع الرئيس الحالي دونالد ترامب.

معروف عن ترامب أنه رجل المفاجآت ولا يستطيع أحد توقع ما يمكن أن يفعله، لذلك يصعب حاليا التنبؤ باحتمال حصول الحرب أو بالوصول الى اتفاق ما بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن هنالك مؤشرات تدل من جهة على أن الولايات المتحدة ستشن في القريب العاجل حرباً على إيران ومؤشرات تدل من جهة أخرى على صعوبة حصول ذلك.

1- مؤشرات احتمال حصول الحرب قريباً:

لا شك أن الحشود البحرية الحربية في المنطقة دليل جدي على امكانية نشوب حرب، فلا تحشد الدول مثل هذا الحجم من المعدات العسكرية والجنود إن لم يكن هنالك سبب واضح يبرر مثل هذا العمل المكلف مالياً والذي من شأنه أن يزيد من حدة التوتر. فوضع عشرات آلاف الجنود في حالة تأهب قصوى لا يحصل إلا عندما يكون هنالك توتر قوي يقتضي تدخلاً عسكرياً ضرورياً.

بالإضافة الى الحشد البحري الهام، هنالك تجييش كلامي وتهديدات قوية متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران التي تهدد ليس فقط الولايات المتحدة، بل إسرائيل الأقرب إليها جغرافياً، كما أننا نسمع تلميحات إيرانية الى إمكانية قصف عشرات القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في المنطقة، ويضاف الى كل ذلك ن إيران وضعت جيشها في حالة تأهب قصوى.

وما يزيد في الإعتقاد بإمكانية حصول مثل هذه الحرب التهديدات الإسرائيلية المتكررة لإيران بأن إسرائيل لن تسمح إطلاقا لإيران بامتلاك سلاح نووي وبمشاركة إسرائيل الولايات المتحدة في قصف الحوثيين في اليمن الذين تدعمهم إيران بالسلاح والمال، مع رسائل أميركية وإسرائيلية واضحة لإيران من جراء هذا القصف.

على صعيد آخر، يفسر البعض أن التقارب الذي حاول ترامب تحقيقه مع الرئيس الروسي بوتين كانت الغاية منه التأكد من عدم تدخل روسيا الى جانب إيران في حال وجد ترامب نفسه مضطرا للدخول في حرب مع إيران، ومشهد ترامب وفريقه يؤنبون الرئيس الأوكراني زيلينسكي أمام شاشات التلفزة العالمية يدخل دون شك في إطار إرضاء الرئيس بوتين.

يضاف الى كل هذه المؤشرات أن عددا غير قليل من المراقبين يعتقدون أن المشاكل الإقتصادية والمالية في الداخل الأميركي الناتجة عن قرار ترامب فرض رسوم جمركية على معظم دول العالم والهبوط المقلق في البورصات الأميركية مع ما أدى إليه من تجنيد وسائل الإعلام الأميركية وقيام تظاهرات ضخمة ضد ترامب في جميع الولايات الأميركية، كل ذلك يمكن أن يدفع الرئيس الأميركي الى القيام بحملة عسكرية ضد إيران من أجل تحويل الأنظار عن المشاكل الداخلية التي تعاني منها بلاده حاليا بحيث تتجه الإهتمامات نحو الخارج بدل أن تتجند لانتقاد ومعارضة الرئيس ترامب.

إذا كانت هذه هي المؤشرات التي يرى فيها بعض المراقبين دليلاً على قرب قيام الولايات المتحدة بحرب على إيران، فما هي المؤشرات التي تدل على التوجه المعاكس؟

2- مؤشرات عدم احتمال حصول حرب على إيران:

من أهم هذه المؤشرات أن ترامب، خلال حملته الإنتخابية في العام الماضي، أظهر نفسه أنه رجل السلام الذي يود، في حال انتخابه وعودته الى البيت الأبيض، أن يضع حدا نهائيا للحروب في العالم ومن هنا رأينا مساعيه لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، وإن كان عبر موافقته على الشروط الروسية وضغطه على أوكرانيا للقبول بها. ترامب يحلم ويتمنى الحصول على جائزة نوبل للسلام أسوة بالرئيس أوباما الذي حصل عليها في أواخر عام 2009.

سبب آخر يجعل عددا من المراقبين لا يعتقدون أن الحرب على إيران قادمة في المستقبل المنظور هو أن قصف المفاعلات النووية الإيرانية من أجل تعطيلها لا بد أن يؤدي الى إشعاعات نووية كبرى من شأنها أن تؤثر سلبا على جميع سكان المنطقة بمن فيهم سكان إسرائيل، وهذا أمر لا تريده الولايات المتحدة ولا إسرائيل.هذا مع العلم أن حربا على إيران قد تؤدي الى ردة فعل إيرانية بقصف المناطق الإسرائيلية التي تتواجد فيها الأسلحة النووية مثل ديمونا وغيرها مع ما يمكن أن يرافق ذلك من أضرار تقع على المدنيين في الداخل الإسرائيلي.

من الضروري أيضا الإشارة الى أن الرئيس الروسي بوتين أعلن مؤخرا عن رفضه للإقتراحات الأميركية من أجل إنهاء الحرب على أوكرانيا، كما أن الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان زار موسكو في يوم تسلم ترامب السلطة في العشرين من شهر يناير الماضي ووقع اتفاق تحالف مع روسيا، وهذا يعني أن روسيا لن تقف على الحياد في حال حصول هجوم أميركي على إيران.

يضاف الى كل ذلك أن الشعب الأميركي غير جاهز للموافقة على قيام إدارته بحرب جديدة غير ضرورية خاصة في ضوء الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد، وفي ضوء المعارضة المتزايدة على تصرفات الرئيس ترامب لجهة إقفال عدد من المؤسسات الحكومية وطرد ما لا يقل عن مائتي ألف موظف حكومي حتى الآن، علما أن الأزمة المالية الخانقة والتي يرى فيها بعض المراقبين حافزاً للقيام بعمليات عسكرية في الخارج لإبعاد الأنظار عما يحصل في الداخل، يرى فيها مراقبون آخرون حاجزا يقف في وجه القيام بحرب يمكن أن تستنزف الخزانة الأميركية في هذا الوقت بالذات الذي تعاني فيه الولايات المتحدة من صعوبات مالية وإقتصادية جمة نتيجة لما فرضه الرئيس ترامب من رسوم جمركية على عدد كبير من دول العالم.

من هنا يبدو أن حظوظ وقوع حرب أميركية وشيكة على إيران واحتمالات الوصول الى اتفاقية أميركية-إيرانية هي حظوظ متساوية، ولا يستطيع أحد التنبؤ مسبقاً بالإتجاه الذي ستسير عليه الأمور في المستقبل القريب. ولكن الأمر الوحيد المؤكد هو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يهمه قبل كل شيء الإدعاء بتحقيق انتصار ما وتسجيل إنجاز ما سواء عبر الحرب أو عبر المفاوضات، ولذلك يعتقد بعض المراقبين هنا أن الحكام الإيرانيين عندهم ما يكفي من الفطنة والخبرة لفهم العقلية التي يعمل بموجبها ترامب، وعليه فهم يرون أنه من المرجح أن يوافق الإيرانيون على التفاوض مع الجانب الأميركي بصورة غير مباشرة كمرحلة أولى، ثم تلبية طلب ترامب لمفاوضات مباشرة لاحقا، وذلك في سبيل كسب الوقت ومن ثم اتخاذ القرار المناسب لإيران إما بقبول الشروط الأميركية بنتيجة المفاوضات في حال تم القضاء على حلفاء إيران في المنطقة بصورة نهائية، أو بعدم الموافقة على عقد اتفاق مع الإدارة الأميركية وبالتالي وضع ترامب أمام القرار الصعب بإعلان الحرب في حال استعادة حلفاء إيران بعض القوة، ومن ثم شن هجمات من قبل إيران وحلفائها على القواعد الأميركية في المنطقة وعلى إسرائيل وقواعدها العسكرية والنووية وعلى المدنيين دون هوادة.

 

* سفير لبناني متقاعد

 

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment