الرئيسية

مقالات وآراء

البابا فرنسيس… أخٌ للجميع ورسولُ رحمةٍ في عالمٍ جريح

04/22/2025 - 18:58 PM

الاب الدكتور نبيل مؤنس *

منذ لحظة وصوله إلى السدة البابوية، لم يرغب البابا فرنسيس في أن يكون زعيمًا دينيًا تقليديًا، بل أراد أن يكون أخًا للجميع. أخًا يحمل في قلبه حنان الله الآب، ويجسد محبة يسوع المسيح الأخوية الكاملة، بأيدٍ مفتوحة لا تعرف التمييز، تنبض رحمةً وتحتضن كل قلب مهموم، متروك، أو مظلوم.

قادته الروح القدس، تلك التي لا تحدها حدود ولا تحجبها جدران أو محيطات، إلى حيث الألم والوجع والرجاء المكسور. لم يكن حبرًا أعظم فقط، بل كان قلبًا أعظم، وروحًا تعبر القارات لتلمس جراح البشرية.

قال وفعل.

لم تكن كلماته مجرد حبر على ورق، بل جسورًا بين الأديان، ونورًا في ظلام النزاع. دعا إلى الأخوة الإنسانية وإلى احترام الأرض التي نعيش عليها. دافع عن حقوق الأطفال، ووقف ضد كل أشكال الاتجار بالبشر. أحب الكبار والصغار، زار القريب والبعيد، وغسل أقدام المسلمين والسياسيين في تواضع نادر.

واجه الأقوياء بجرأة الأنبياء.

صرخ في وجه تجار السلاح، ولم يرهب المافيا العالمية أو الإيطالية. وقف في منبر الأزهر وقالها بملء الصوت:
"لا يحق لأحد أن يقتل باسم الله!"

من أين له هذه الجرأة؟ من أين جاء هذا الحب الكبير؟ إنه ينبع من شغفه بوجه الله الرحيم، الذي يراه في كل إنسان، أينما كان.

أراد أن يغير روح هذا العالم، وأن يعيد لكنيسته وجهها الحقيقي، وجه الوداعة والمسامحة. لم يختر العظمة أو النفوذ، بل اختار روح الأمانة والمشورة والرسالة الإنجيلية.

أصبح أخًا للفقراء ورسولًا للحب الإلهي في زمن الأقوياء والمتشددين. رأى في كل إنسان صورة الله، فخاطب الجراح، وغسل دموع المهمشين، واحتضن المكسورين.

بكلمة واحدة، يمكننا أن نختصر مسيرته:

"عشق وجه الله الرحمان الرحيم، رب الكون والغفران، في كل إنسان أينما كان."

وفي كلمة أخيرة،

لقد أعطى كل شيء ليحرر هذا العالم من الحروب النووية، وينقذ القلوب والعقول من الجفاف، والعبودية، والطغيان.

* راعي ابرشية سيدة لبنان المارونية في ولاية اوكلاهوما الأميركية