bah التكنولوجيا من أجل الخير والذكاء من أجل المستقبل - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

التكنولوجيا من أجل الخير والذكاء من أجل المستقبل

04/30/2025 - 23:19 PM

Prestige Jewelry

 

ما شان شان *

 

شهدت كل ثورة صناعية في التاريخ تغيرات وتطورات جديدة للبشرية. دخلت الثورة الصناعية الأولى "العصر البخاري" من العصر اليدوي، مما أدى إلى زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة الإنتاج؛ دخلت الثورة الصناعية الثانية "العصر الكهربائي" من "العصر البخاري"، مما عزز التنمية الاقتصادية لمختلف البلدان بشكل كبير؛

في خمسينيات القرن العشرين، اجتاحت الثورة العلمية والتكنولوجية الثالثة المتمثلة في الإنترنت والكمبيوتر العالم، فدخل العالم "عصر المعلومات"، الذي دفع الإصلاحات البشرية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها بشكل حقيقي، وأثر على أنماط الحياة والتفكير للبشرية. والآن، دخل العالم عصر الصناعة الرابع، أي "العصر الذكي"، وقد جاوز أثر الابتكار والتطوير التكنولوجي في المجالات المختلفة تأثيرات الثورات الصناعية الثلاث السابقة.

ففي عصر الذكاء، يمكن استخدام الآلات لمحاكاة تفكير البشرية وتصرفاتهم، الأمر الذي يحسن كفاءة الإنتاج وجودة الخدمة. في الوقت الحاضر، حققت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تقدماً هائلاً في التعرف على الكلام والصور ومعالجة اللغات، كما تُستخدم في صناعات السيارات والمنازل والطب، مما يجلب راحة كبيرة للعمل والحياة.

أصدرت بلدان العالم تباعًا استراتيجيات الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، لتوسيع التعاون فيه، وتعزيز تطويره. كما رفعت الصين تطوير الذكاء الاصطناعي إلى المستوى الاستراتيجي الوطني وأصدرت على التوالي وثائق بشأن بناء الذكاء الاصطناعي وتخطيطه. جاء في "خطة الجيل الجديد للذكاء الاصطناعي" التي أصدرتها الصين في عام 2017 أن الذكاء الاصطناعي هو نقطة مهمة لتسريع بناء دولة مبتكرة وعلمية قوية في العالم.

في ديسمبر من نفس العام، أصدرت وزارة الصناعة والمعلومات "خطة العمل الثلاث سنوات لتعزيز تطوير الجيل الجديد من صناعة الذكاء الاصطناعي (2018-2020)" التى حددت أهداف محددة وسعت إلى تحقيق اختراقات جديدة في منتجات الذكاء الاصطناعي وتشكيل مزايا تنافسية في المجالات الرئيسية؛ أما في عام 2022، فأصدر مجلس الدولة "الآراء التوجيهية بشأن تعزيز تكامل الذكاء الاصطناعي والاقتصاد العلمي" مما يشجع على استكشاف مسارات تطبيق الإنجازات المبتكرة وتحويلها، وتعزيز التنمية الاقتصادية العالية الجودة من خلال تطبيق المستوى الرفيع للذكاء الاصطناعي.

طبعا إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هي سلاح ذو حدين. إنها تلعب دورا كبيرًا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتسهيل الحياة والعمل من ناحية، من ناحية أخرى، تؤدي إلى مخاطر كبيرة مثل تسرب البيانات واتساع الفجوة الرقمية العالمية. والأسوأ أن هناك تطبيق لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المُعِدَّات والأسلحة العسكرية التي تسبب تعقيدًا في الوضع العالمي بشكل أكبر. ومن ثم، فإن حوكمة الذكاء الاصطناعي لها أهمية خاصة. وفي الوقت الذي تعمل فيه الصين على تطوير مجال الذكاء الاصطناعي، تقترح أيضًا حلًا صينيًا لحوكمة الذكاء الاصطناعي، مما وفر قوة الدفع للاستمرار في حوكمة على مستوى العالم.

أولاً، دع صوت الصين يُسمع حتى يساعد في حوكمة الذكاء الاصطناعي. قد أثارت هذه القضية اهتمام الصين في وقت مبكر، فأصدرت خططًا ووثائق مقابلة لاستكشاف حوكمة الذكاء الاصطناعي بشكل نشيطٌ واتخذت المبادئ الثمانية بما فيها الانسجام والصداقة، والإنصاف والعدالة، والشمول والمشاركة، واحترام الخصوصية، والأمن القابل للتحكم، والمسؤولية المشتركة، والتعاون المفتوح، والحوكمة الرشيدة. قد اقترحت الصين أن "بحلول عام 2025، سيتم إنشاء نظام قانوني ومعايير أخلاقية ونظام سياسي للذكاء الاصطناعي، لتشكيل قدرات التقييم الأمني والمراقبة الأمنية للذكاء الاصطناعي".

في عام 2019، أصدرت وزارة العلوم والتكنولوجيا إطار العمل ودليله لحوكمة الذكاء الاصطناعي؛ وفي وقت لاحق، أصدرت سلسلة من الوثائق مثل "المعايير الأخلاقية للذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد" لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي آمنًا وقابلًا للتحكم وموثوقًا به، وتنسيق العِلاقة بين تطوير الذكاء الاصطناعي والحوكمة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيولوجية باستمرار.

ثانيًا، توسيع التعاون المفتوح ومشاركة نتائج حوكمة الذكاء الاصطناعي. أصدرت الصين "مبادرة حوكمة الذكاء الاصطناعي الصينية" القائمة على مبادئ الحوكمة إزاء التطور السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، منها اقتراحات "التركيز على الناس" و"الذكاء من أجل الخير" لمنع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، تقترح المبادرة "تنفيذ التعاون والمساعدة للدول النامية في مجال الذكاء الاصطناعي، وسد الفجوة في الذكاء وقدرات الحوكمة"، ورفع مستوى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية، وتعزيز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.

في سياق عدم الموازنة في التنمية وتنوع المواصفات الفنية وسوء تنسيق آليات الحوكمة الدولية في مجال الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تؤدي مبادرات الصين وجهودها في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي دورا مهما يشجع البلدان من أنحاء العالم على إنشاء إطار حوكمة جديد بالتعاون المشترك، والحفاظ بشكل جيد على التنمية الصحية والآمنة للذكاء الاصطناعي، وضمان أن تعود النتائج بالنفع على العالم، وصناعة مستقبل أفضل.

 

*ما شان شان، باحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة صون يات صن.

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment