bah "بيروت تايمز" و مساهمتها في المجتمع المدني - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

"بيروت تايمز" و مساهمتها في المجتمع المدني

05/01/2025 - 03:49 AM

Bt adv

 

 

د. نعيمة عبد الجواد *

 

كانت الصحافة منذ بداية نشأتها في العصور الغابرة في شكل مجرَّد نقوش على جدران المعابد أو حتى في المعالم التي يتوارد عليها الكثيرين -- وسيلة توعوية من الدرجة الأولى، إلى جانب دورها الرئيسي كسجلَّات حية تتابع حركة التاريخ والمستجدات لحظة بلحظة.

ولن ننسى دور الصحافة الشعرية سواء في مجتمعات الحضر وفي البيئات البدوية سواء في العصور القديمة، أو حتى في الزمن المعاصر. فالشاعر هو مؤسسة إعلامية ناطقة ولسان حال القبيلة أو الجماعة التي ينتمي إليها. ومن الجدير بالذكر، كانت للشعراء سطوة كبرى في الحروب، فلقد كان لديهم القدرة على شنّ حروب إعلامية ونفسية على الخصوم؛ من أجل إحباط روح المقاومة لديهم، وإلحاق الذل والعار بالخصم.

ولا يمكن أيضًا تجاهل الأشعار الحماسية التي لطالما أججت روح القتال والشعور بالانتماء لدى أبناء القبيلة أو الأمة، وبفضلها تتمكن الأمم أو القبائل من الفوز بأشد المعارك ضراوة وكذلك حشد الحشود والرأي العام الشعبي لمساندة الأمم في معاركها الخفية ضد ألوان من الهوان.

وبفضل الدور الذي تقوم به الصحافة، استطاع الباحثين والعاملين بفروع تمحيص التاريخ والتنقيب عن المعارف والوقائع التي غفلتها المراجع التاريخية الشائعة. أضف إلى هذا، تم كشف المستور وأزالة الغموض عن الكثير من القضايا التاريخية الشائكة التي لطالما كانت لغزًا للكثير من الباحثين.

وبالإضافة إلى هذا الدور الراقي للصحافة، فإنها تعمل على تكوين رأي جماهيري في القضايا الشائكة. والصحافة في جميع أشكالها، حتى عندما كانت مجرَّد منشورات متفرقة، كانت هي الوسيلة التي أججت حماسة الشعوب وساعدتهم على مقاومة الاستعمار وكذلك مقاومة ألوان من الظلم والجور الذي يفتت عضد الشعوب والأمم. وجديرًا بالذكر أن الصحافة لازالت تلعب هذه الأدوار، لكن بأدوات واستراتيجيات مختلفة تتناسب وأساليب العصر الحالي.

وعن الصحافة، ذكر الرئيس السادس والعشرين للولايات المتحدة الأمريكية "تيودور روزفلت" Theodore Roosevelt (1858-1919) عن الصحافة ودورها: "ليس المجرم الحقيقي هو من يعتمد القتل أو ارتكاب أعظم المعاصي، بل هو الذي يملك شيئًا لا يكون من أهله بالغش والخداع، كالصحافي المقلِّد أو السياسي المنافق؛ لأن الواجبات الأولية في الصحافي أو السياسي هي أن يكونا حاصلَين على ثقة الشعب بمجرد القدوة الصالحة في الأعمال والأقوال".

والأطرف من قوله كان رأي الكاتب الإنجليزي الساخر والألمعي "أوسكار وايد" Oscar Wilde (1854-1900) عندما أكَّد قائلًا: "أمريكا بلد المخترعين، وأكبر مخترعيها هم رجال الصحافة." وبهذا، يعظم "وايلد" من أهمية الصحافة ودورها الفعَّال، لدرجة أنه بمقدورها صناعة دول بأكملها.

فلو كان للصحافة كل هذه الأدوار المشرِّفة، فإن "جريدة بيروت تايمز" الألكترونية لها العديد من المواقف الراقية والهامة في مجال الصحافة. فالجريدة تعدّ نبضًا دقيقًا للشارع العربي وما يموج به من أحداث، وتعمل ادارة التحرير في الجريدة دومًا على منح صوتًا لكل من لا يجد أحدًا يستمع لصوته.

أتابع عن كثب دورها الفعال في نقل الصراع الدائر في الأمة العربية وتبعاته على شعوب المنطقة باحترافية شديدة لا تحيد عمَّا يجب أن يلتزم به الصحفي من حيادية وموضوعية؛ حتى لا تنفرط حبات عقد الموضوعات فتتشتت القضايا، وكذلك يتشتت الانتباه للقضايا الرئيسية، ويصبح محل النقاش قضايا فرعية.

وبعبارة أخرى، يبتعد القائمون على جريدة "بيروت تايمز" عن حيلة التأطير الإعلامي لقضايا فرعية جاذبة الانتباه؛ والسبب ثقة القائمين على الجريدة أن تقديم الجديد والجاد هو الذي سوف يعظم من دور الجريدة، وليس الفرقعات الإعلامية التي سرعان ما تذوب في جريان الأحداث المتلاحقة، ولا تترك خلفها سوى زَبَدًا من الأكاذيب التي تلطِّخ أي صفحة ناصعة وتخمد أي صوت جاد.

تحتضن الصحيفة تحت جأهلتهم خبراتهم ناحها نخبة من الكتَّاب المتمييزين المستنيرين الذي تؤهلهم خبراتهم لكتابة موضوعات جادة يتم طرحها لجمهور القرَّاء من أجل تحقيق أعلى درجات الانتفاع والإفادة.

ويشرفني دومًا نشر مقالاتي في جريدة "بيروت تايمز"؛ وهذا لما تتمتَّع به من جدية واحترافية. وبالرغم من أنني ألتزم الكتابة في الصفحات الثقافية، لكن في كل مرة يتم فيها نشر أحد مقالاتي، يملؤني الفخر والسعادة، ليس فقط لمجرَّد نشر الموضوع، بل أيضًا لوجود صحيفة عربية تتمتع بسرعة الأداء والدقة. ففي أي وقت أرسل فيه موضوعًا، يتم النشر على الفور باحترافية ومودة، وكأن القائمين على الصحيفة يعملون وفق مقولة عملاق الصحافة المصرية والعربية الكاتب "مصطفى أمين" مؤسس أحد قلاع الصحافة العربية، جريدة "الأخبار"، عندما قال: "إذا كانت الصحافة حُرَّة وبإمكان الجميع القراءة، فسوف يعم الأمان".

وأسال الخالق أن يعم الأمان دومًا بفضل الصحافة ودورها، وأشكر دومًا جريدة "بيروت تايمز" على دورها الراقي ومواقفها المشرِّفة. وبكل تأكيد، لسوف يسعدني أن أكرر في كل عام قولي لها: " ميلاد سعيد يا واحدة من قلاع الصحافة الجادة".

 

* أستاذ مساعد - أستاذ الادب والترجمة

قسم اللغة الانجليزية – كلية العلوم والآداب -جامعة القصيم

المملكة العربية السعودية

 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment