يوسف السعدي
في الأول من شهر أيار، تطوي "بيروت تايمز" صفحة أربعين عامًا حافلة بالعطاء والتميز في سماء الإعلام العربي. أربعة عقود مضت، كانت فيها هذه الصحيفة صوتًا مدويًا بالحق، ومنبرًا شامخًا للكلمة الحرة، ومصدرًا ثريًا للمعرفة والإلهام لملايين القراء عبر أصقاع المعمورة. لقد شكلت "بيروت تايمز" على مدى هذه السنوات صوتًا إعلاميًا فريدًا، محافظًا على أسمى القيم المهنية وأجلّ الرسائل الصحفية النبيلة.
إن الاحتفال بهذه الذكرى السنوية ليس مجرد استعراض لتاريخ عريق فقط، بل هو وقفة للتأمل في مسيرة زاخرة بالإنجازات والتحديات، وفي الأثر العميق الذي تركته "بيروت تايمز" في تشكيل وعي المجتمع العربي وتوثيق أحداثه وتقلباته. لقد كانت الصحيفة على الدوام مرآة تعكس قضايا الناس وهمومهم، ونافذة يطلون منها على العالم، وشعلة تنير دروب البحث عن الحقيقة والمعرفة.
خلال هذه العقود الأربعة، واجهت الصِّحافة تحولات جذرية وتقلبات متسارعة، بدءًا من التطورات التقنية الهائلة التي غيرت وجه صناعة الأخبار، وصولًا إلى التحديات الاقتصادية والسياسية التي عصفت بالمنطقة والعالم. وفي خضم هذه التغيرات، استطاعت "بيروت تايمز" أن تحافظ على مكانتها المتميزة، وأن تتكيف بذكاء ومرونة مع المستجدات، بل وأن تكون في كثير من الأحيان جزءًا أساسيًا من هذا التطور.
لقد شهدت "بيروت تايمز" صعود قامات فكرية وأدبية وصحفية تركت بصمات لا تمحى في تاريخ الصحافة العربية، وكانت منصة لإطلاق أصوات جريئة طرحت رؤى مستنيرة ودافعت عن قضايا الحق والعدل. كما أنها واجهت تحديات جمة، لكنها استطاعت بفضل إصرار القائمين عليها والتفاف قرائها حولها، أن تتجاوز الصعاب وتستمر في أداء رسالتها السامية.
إن الاحتفاء بالذكرى الأربعين لتأسيس "بيروت تايمز" هو مناسبة لتكريم كل من ساهم في مسيرتها الغنية، من مؤسسين ورواد، إلى صحفيين وكتاب ومحررين وعاملين، وصولًا إلى القراء الأوفياء الذين كانوا السند والعضد لهذه المؤسسة الإعلامية العريقة. وهو أيضًا دعوة للتفكير في مستقبل الصِّحافة ودورها في عالم يموج بالمعلومات والأخبار، وفي كيفية الحفاظ على مصداقيتها وتأثيرها في ظل هذه التحولات.
إن "بيروت تايمز" ليست مجرد صحيفة، بل هي جزء من الذاكرة الجماعية للمجتمع العربي، وشاهد على محطات مفصلية في تاريخه الحديث. والاحتفال بذكراها الأربعين هو احتفاء بالكلمة الصادقة، وبالدور الحيوي الذي تلعبه الصِّحافة في بناء مجتمعات واعية ومستنيرة.
Comments