بسام ن ضو*
يفرض علم السياسة إزاء أي عملية إقتراع شرعية تستوفي شروط الديمقراطية توّفُر عناصر رئيسية للإنتخابات تطغى على القانون وشكليّاته ومن المستحسن توافر مناخ من الحريات العامة تؤهَّـل الناخب لعملية الإختيار حيث يكون العنصر المؤثر على إرادته الحرّة. المقارنة بين أرض الواقع والقانون بمعزل عن أي مؤثرات أخرى يتضّح منهما أنّ هناك عملية منظّمة قامت بها المرجعيات السياسية أفشلتْ من خلالها حُسنْ عمليات الإقتراع ومن هنا يمكن القول إنّ إرادة الناخبين كانتْ مُسيّرة وليستْ حرّة ويمكن القول إنّ "إرادة الناخب تميّزتْ بجـو مصطنع وموّجه تُبنى عليه التدخلات وروائح المال وتحالف الأضداد والرشوة".
هذا الخلل الإنتخابي وتحالف الأضداد قانونيًا ودستوريًا أدخل الإنتخابات في خانة المخالفات الجوهرية لقانونية الإنتخابات ودستوريتها وبالتالي يُعرِّض حكمًا نتائجها للطعن، إنّ تحالف الأضداد الذي حصل يؤكد أنّ مكوّنات هذا التحالف نشأت في مزارع العبودية على الربط بين الديمقراطية المزّيفة والتزوير التمثيلي، وعلى مجموعات مُضلّلة ومنتفعين يؤخـذ برأيهم في صناديق الإقتراع بينما يُساقون كـ "البهائم" وعفوًا على هذا التوصيف لكن هذه هي الحقيقة التي لا تقبل أي لُبسْ.
تحالف الأضداد والسيطرة على مراكز القرار، هذان الأمران وإنْ بدتْ ظروفهما الراهنة وكأنهما صيغا وفُرِضَ توقيتهما على الرأي العام، إلاّ أنهما في حقيقة ما يجري وراء الكواليس لا يمثلان مفاجأة كبرى لمراكز الأبحاث وللمتابعين لمسار الإنتخابات في المحافظات والأقضية اللبنانية عن شأن مسار الإنتخابات وماهيتها وغايتها لأنهما في جوهرهما إنعكاس وإمتداد طبيعي لِما هـو قائم بين القوى السياسية التي تسطوا على مراكز القرار في الجمهورية اللبنانية، وهذا الأمر يجعلنا كمركز أبحاث PEAC نقول"إنها تحالفات أضداد في سلسلة تهدف إلى الإطباق على السلطات المحلية البلدية ولإختيارية وهي بداية تتناقض وحرية التعبير وسلامة الإقتراع السليمة ".
كمركز أبحاث PEAC نتوّقع أنّ يكون هذا التوافق الإحتيالي المتناقض مع النظام الديمقراطي والمستجِّـدْ مدخلاً للهيمنة على ما تبقّى من إدارات رسميّة محلية (بلدية – إختيارية) لِما يُمكن أن يعنيه من مصادرة القرار الحر للشعب وتوظيفه في إطار عملية إنتخابية مشبوهة لا تنسجم مع طموحات الشعب ولا تخدم الصالحين العام والخاص، كما إنّ تحالف الأضداد هذا يحمُلْ في طياته إشارة قوية وواضحة نحو توجهات سياسية مستقبلية للمشهد الإنتخابي النيابي راسمًا ملامح المرحلة المقبلة من إبقاء الأمور على ما هي عليه من مصادرة وضرب أواصر الديمقراطية.
من المنتظـر وبعد إنتهاء العمليات الإنتخابية في كل المحافظات والأقضية اللبنانية أن تتجسَّدْ نتائج هذا التحالف المناهض للديمقراطية ومصادرة حق التصويت الحـر على أرض الواقع حيث ستُترجم نتائجه إلى خطوات وإجراءات قمعية ستكون الأيام القادمة كفيلة بالكشف وبرهنة ما نقوله والهدف تحقيق مصالح ساسة الأمر الواقع وتلبية طموحاتهم في الإطباق على النظام الديمقراطي لأنّ تحالف الأضداد هدفه السيطرة على مراكز القرار ولا سيّما المجالس البلدية والإختيارية ومن ثم المجلس النيابي. وبصريح العبارة هذا النوع من التحالفات يبعث على منظومة رهن ومصادرة الديمقراطية وحرية التعبير
* كاتب وباحث سياسي
Comments