فرنسا - حاوره طوني الياس رحمه
في خضم الأحداث الخطيرة التي تحصل في المنطقة والتي يتأثر بها لبنان، وفي خضم الإستحقاق الإنتخابي البلدي والإختياري وفي ظـل الإستقطابات والتحريضات التي تتزامن مع الأحداث الإقليمية والتطورات الإنتخابية والتي على ما يبدو أنّ الأحداث الخطيرة ستنعكِسْ سلبًا على الواقع السياسي والجيوسياسي اللبناني، هناك حدث إنتخابي بلدي وإختياري من المفترض أن تنعكِسْ نتائجه بالإيجابية لناحية عمليات الترشح والبرامج الإنمائية وحُسْن سير عمليات الإقتراع، ولكن الظاهر من الجولتين الإنتخابيتين في كل من محافظة جبل لبنان وأقضيتها ومحافظة الشمال وأقضيتها ومن خلال ما رشح من معلومات ووقائع إنّ الأمـور ذاهبة نحو مقولة "مكانك راوح"، بدل من بقاء الناخب صانع مستقبله بحرية ولديه إمكانية إجتراح الحلول الإنمائية.
للأسف تجري رياح الإنتخابات البلدية عكس المنطق الديمقراطي. إنطلاقًا من الحدثين الدولي - الإقليمي (زيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة العربية السعودية) والحدث المحلي ( الإنتخابات البلدية والإختيارية ) كان هذا الإتصال من موقع توداي نيوز مع الكاتب والباحث السياسي وأمين سر المركز الدولي للأبحاث السياسية والإقتصادية والإجتماعية PEAC وعضوالمكتب السياسي في المجلس الوطني لثورة الأرز الأستاذ بسام ن ضو.
كيف تقيّمون عملية الإنتخابات البلدية والإختيارية في مرحلة مفصلية من تاريخ الأزمة اللبنانية؟
من المفترض أستاذي الكريم وإستنادًا للأطر الديمقراطية أنْ تُخاض الإنتخابات المحلية ( بلدية وإختيارية ) من منطلقات ديمقراطية شفّافة ومن منطلق حق المواطن الشريف في المحافظة على حقوقه ومواجهة مصادرة قراره الحر في إدارة شؤون بلداته وقُراه ومدنه على كافة الصعُد وفي طليعتها الإنماء والإعمار والمحافظة على التراث والتاريخ والهوية الوطنية القومية. وفي هذا الإطار أتوّجه بالدعم لكل من خاض هذه الإنتخابات إنطلاقًا من هذه القناعات التي يفرضها النظام الديمقراطي، ولكن دعني أقـول لحضرتكم ومن منبركم أنّ هذه الفئة باتتْ قلّة في لبنان وهي على ما يبدو في مرحلة إنقراض ممنهجة وسأتناول أسباب إنقراضها تباعًا.
بالطبع أستاذي الكريم هناك من سيُخالفني الرأي (طبعًا معرفون هم المنظومة السياسية القائمة ) وكُن على علم أنت والرأي العام أنّ كل المسؤولين الذين شاهدتهم على شاشات التلفزة أو في المدن والبلدات اللبنانية يستفيضون في التصريح والأفكار ونشوة الإنتصارات الوهمية ما هي إلاّ نوعًا من التضليل الممنهج ونصر مُزيّف وفيه الكثير من المغالطات إستنادًا لما تمّ توثيقه أثناء عمليات الإقتراع وإعلان النتائج وما تلاها من إحتفالات فولكلورية وتصاريح همايونية تُبشِّر بإنتصار فريق على فريق بينما المواطن اللبناني محروم من أبسط حقوقه وأمواله مسروقة وحقوقه ضائعة في غياهب النسيان ومؤامرات تحالفات الأضداد. عجبًا لشعب منتوف ومغلوب على أمره يترك سلطة الأمر الواقع تتحكم بقدره وبمصيره وببلداته، حقًا إنه العار بحد ذاته شعب لا يُعرف أنه يُجلد ويُقتل ويُسرق.
نعم نحن كما تفضلت في مرحلة مصيرية ولكن الرأي العام مُضلّل ومحكوم من قبل سلطة جائرة تتاجر بمصيره وبمساعدة مجموعة من الناس يُصنفون بـ "المبنجّين – المُضلّلين – المستفيدين – العملاء..." حيث لا عجب من إعادة سيطرة هؤلاء على مراكز القرار في البلدات والمدن والقرى اللبنانية وهذا أمر طبيعي أمام رأي عام من هذا القبيل.
وفق وجهة نظري كأمين سر المركز الدولي وعضو مكتب سياسي في المجلس الوطني إنّ هذه الإنتخابات هي أسوأ ما شاهدته في هذه المرحلة لا بل هي خطـوة إلى الممارسة التضليلية الأحادية التوتاليتارية وهي خطوة طعن النظام الديمقراطي وحرية التعبير عن الرأي. لقد راقبت الأمور ومن خلال عمليات الترشح والبرامج والإقتراع وإعلان النتائج وما تمّ التسويق له لا يعدو كونه عملية إنتحال صفة الديمقراطية ورهن الرأي العام والغاية الإستثمار في الإستحقاق النيابي القادم. ألم تتعجبوا من الذين أداروا المعركة الإنتخابية كيف أداروها:
الإدارة كانتْ بالحد الأدنى من مجموعات غير مثقفة أتوا بمندوبين غير مُلميّن بالأمور الديمقراطية محدودي الفكر جهّال ديمقراطية، كل أهدافهم إنحصرت بالتضليل والإتيان بالناخبين تحت عنوان " إقترعوا لنا نحن سنؤمن لكم مستقبلكم في مناطقكم..." والتأمين كناية عن وعود غير قابلة للتنفيذ بسبب خواء الخزينة العامة.
بإختصار ولكني (إستفضت وأشكرك على السماح لي بالإستفاضة) إنّ نتيجة الإنتخابات البلدية والإختيارية حتمًا هي إعادة إنتاج سلطة صُوريّة تقليدية إقصائية إقطاعية تضرب النظام الديمقراطي وحرية الإقتراع وستزيد من الويلات والخلافات بين العائلات والمناطق اللبنانية والمهم والأهم أنّ أسياد الذل والعار والدكتاتورية باقون رغمًا عن إرادة الشرفاء.
ماذا عن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية وماذا يحمل في جعبته لمنطقة الشرق الأوسط؟
أولاً – علينا كجمهورية مستقلة إلى حدٍ ما ( هيك بيقلوا ) وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة أنْ نعتبر ونأخذ درسًا جوهريًا من رؤية المملكة العربية السعودية 2030 والتي تهدف إلى تنمية الإقتصاد السعودي والهدف الأسمى هو إستثمار مكانة المملكة من موقعها الإستراتيجي وقوتها الإستثمارية، وتعزيز فاعلية دورها المحلي – الإقليمي – الدولي كما تعزيز عمقها العربي وأقصد عمقها العربي لناحية الجمهورية اللبنانية المُشلّعة والتي تحتضنها المملكة منذ سنين طويلة ولكن لم يتواجد في المراحل السابقة أيادٍ بيضاء طاهرة كي تتلقّى أصالة ونُبل المملكة تجاه لبنان ولكن في هذه المرحلة نأمل أن تمتد أيادي نظامنا السياسي نحو المملكة للتعاون البنّاء ضمن الأصول الديمقراطية وحُسن التعاطي وعدم الإستغلال تحت عنوان "المصداقية والمرؤة العربية ".
بصفتي باحث وناشط سياسي أعمل مع فريق عمل متخصص لإرساء أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية وهذه هي رغبتنا الصادقة على أمل أنْ يُثمِـر مشروعنا الأكاديمي البحثي تحولاً نوعيًا في العلاقة مع المملكة العربية السعودية ضمن مشاريع إنمائية تتطوّر في المحافظات والأقضية اللبنانية نحو مشاريع إنتاجية تتكل على الذات كي لا نبقى عبئًا على المملكة كما كان يحصل في السابق.
ثانيًا – بالنسبة لزيارة الرئيس الأميركي للمملكة العربية السعودية إنها زيارة لمرجعية عربية يُحسب لها ألف حساب لأنها المرجع الأول والأخير لدى الدول العربية في متابعة الملفات الشائكة ومنها " ملف القضية الفلسطينية " والأوضاع في الجمهورية اللبنانية " بعد تمدُدْ الغـزو الإيراني إلى الأراضي اللبنانية.
ثالثًا – أعتقد أنّ الرئيس الأميركي يحمل معه ضمانات وتطمينات لحلحلة الأوضاع القائمة في المنطقة وسيلي هذه الزيارة على ما أظن عملية مفاوضات ستكون حتمًا شائكة ولكن بحنكة الدبلوماسية السعودية وحكمة الذين سيتعاونون معها ضمن أطُر حلحلة العقد ستتحلحل الأمور بإذن الله. ودعني أقول لك أنّ الوفد المرافق للرئيس الأميركي يبغي حلحلة الأمور ولديه الخبرة والباع الطويل في هكذا نوع من الأزمات.
رابعًا – علينا ألاّ ننسى أنّ المملكة العربية السعودية وعبر مصادرها الدبلوماسية طرحت رسميًا المعادلة القائلة " إنّ الدولة الفلسطينية المستقلّة ومقوماتها الطبيعية ضمن إتفاق الامم المتحدة بحل الدولتين هو الممر الإلزامي للبحث بمواصفات الشرق الأوسط الجديد الذي يُرضي العرب وسائر الآخرين كما هو الطريق إلى الإتفاق الإبراهيمي ".
خامسًا – بصريح العبارة إنّ جولة الرئيس الأميركي حتمًا ستكون ناجحة وفق معايير وُضِعَتْ من قبل سمّو الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود والتي ستنقذ الشرق الأوسط ( الجمهورية اللبنانية – دولة فلسطين )، من كل تدخل خارجي يتناقض والإتفاقات والمعاهدات الدولية وميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة، كما إنّ هذه الزيارة وحكمة المملكة العربية السعودية ستحرر المنطقة من هيمنة التدخلات الخارجية وستُعيد السلام إلى المنطقة.
Comments