تحليل اخباري خاص
................................................
بيروت - القاهرة - منى حسن - بيروت تايمز
وصل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون إلى القاهرة، في مستهلّ زيارة رسمية إلى جمهورية مصر العربية، حيث توجه فوراً إلى قصر الاتحادية لعقد محادثات ثنائية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تخللها مؤتمر صحافي مشترك أكدا فيه أهمية العلاقات اللبنانية – المصرية، وضرورة مواجهة التحديات الإقليمية بتنسيق عربي وثيق.
في المؤتمر، قال الرئيس عون: "السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أيها الأخ العزيز، إن ذاكرة الشعوب هي الأصدق والأعمق، وعندما يقال إن مصر أم الدنيا وبيروت ست الدنيا، فذلك تأكيد على روابط الأخوّة التاريخية بين بلدينا منذ آلاف السنين، كما تشهد عليه نقوش معبد الكرنك عن مدينة جبيل". وأضاف: "في قلب كل لبناني نقوش أخوّة لم تُمحَ، وقد جمعتنا الحرية منذ البداية، فحين خُنقت أصوات بيروت، تنفّست على ضفاف النيل، ويوم احترقت القاهرة، لبست بيروت الحداد".
وأكد عون في كلمته على التزام لبنان الكامل بتنفيذ القرار الدولي 1701، وعلى ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته وإلزام إسرائيل بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في 26 تشرين الثاني الماضي، برعاية أميركية وفرنسية، بما في ذلك الانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية، وتسليم الأسرى اللبنانيين، وضمان سيادة لبنان على كامل أراضيه.
وشدد الرئيس اللبناني على أهمية دور قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب، مؤكداً في الوقت ذاته حرص لبنان على إقامة أفضل العلاقات مع سوريا، وتعزيز التعاون المشترك لحل أزمة النازحين، عبر لجان مشتركة تعمل لتأمين العودة الآمنة والكريمة لهم. كما رحب بقرار رفع العقوبات عن سوريا، معتبراً أنه يساهم في تعافيها واستقرار المنطقة.
وخاطب عون الرئيس السيسي قائلاً: "لقد كان لبنان دوماً منبراً للفكر والحرية والتعددية، واليوم نقف جميعاً أمام تحدي السلام في منطقتنا. السلام الحقيقي لا يُبنى إلا على العدالة، ونحن على ثقة أن صوت مصر وصوتنا سيلقى صداه في العالم".
من جانبه، أكد الرئيس السيسي أن "مصر ستبقى داعمة للبنان في كل الظروف، وتحرص على استقراره وسيادته وتمكين مؤسساته". كما شدد على ضرورة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وتمكين الجيش اللبناني من أداء مهامه، وهو ما أكده أيضاً في كلمته خلال القمة العربية في بغداد.
زيارة في توقيت مفصلي
مصادر دبلوماسية عربية رفيعة أكدت لـمراسلة "بيروت تايمز" أن زيارة الرئيس عون إلى مصر تحمل دلالات استراتيجية، خاصة في ظل التحديات الإقليمية الراهنة واستمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، معتبرة أنها ستبحث بعمق سبل تعزيز التعاون الثنائي، خصوصاً في الشقين السياسي والاقتصادي، إلى جانب تأكيد الدعم المصري الثابت للبنان في مواجهة أزماته المتراكمة.
كما أشارت مصادر وزارية لبنانية إلى أن هذه الزيارة تحمل رسالة تقدير واضحة للموقف المصري الداعم لاستقرار لبنان، لا سيما أنها تأتي بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، والتي رسمت ملامح مرحلة جديدة في التعاطي الدولي مع ملفات الشرق الأوسط، بما فيها لبنان.
زحلة تنتصر: جعجع يعلن فوز "قلب زحلة"
في سياق متصل بالشأن المحلي، أعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع فوز لائحة "قلب زحلة" خلال احتفال أقيم في معراب، بحضور النائب ستريدا جعجع وأعضاء من المجلس المركزي للحزب. وهنأ أهالي زحلة قائلاً: "زحلة أثبتت أنها القلب النابض للبنان، واختارت التقدّم والتغيير والسيادة".
ورداً على سؤال بشأن التناقض الظاهر بين الاحتفال في زحلة والتحالف في بيروت مع "حزب الله"، أوضح جعجع أن "ما حصل في بيروت هو نتيجة الحاجة للحفاظ على المناصفة في البلدية، وليس له أي علاقة بالسلاح أو بعقيدة حزب الله"، معتبراً أن الأولوية كانت الحفاظ على العيش المشترك في العاصمة.
وفيما وصفت النائب ستريدا جعجع النتيجة بأنها "تسونامي قواتي"، شدد جعجع على أن "Double Score" في زحلة ليس تفصيلاً عابراً بل دليل على حضور شعبي قوي للقوات اللبنانية، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستكون للعمل والإنجاز في المدينة.

ترقب إقليمي لنتائج التحركات
وسط هذه المعطيات، تترقّب الأوساط السياسية اللبنانية نتائج اللقاءات الأميركية – السعودية – السورية، والتي جرت في الرياض بمشاركة تركية، وتُبدي مخاوف من تداعيات محتملة على الداخل اللبناني، خصوصاً إذا لم تحسم الحكومة اللبنانية مواقفها من ملفات استراتيجية تطالب بها الإدارة الأميركية، بدءاً من تنفيذ وقف إطلاق النار، وصولاً إلى خيارات التسوية مع إسرائيل.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـمراسلة "بيروت تايمز" أن الضغط الدولي يركّز حالياً على معادلة واضحة: حصرية السلاح مقابل إعادة الإعمار. وأشارت إلى أن أي تلكؤ من "حزب الله" في هذا الإطار قد يؤدي إلى عزلة إضافية للبنان، ما يجعل من الضروري تسريع وتيرة التفاهمات الداخلية لتفادي تداعيات سلبية واسعة.
الضمانة الخليجية... وأجواء الصيف اللبناني
مصادر خليجية كشفت لـ"بيروت تايمز" عن قيام أحد أمراء الخليج بترميم قصره في إحدى بلدات جبل لبنان، تمهيداً لقضاء جزء من فصل الصيف فيه، ما يُعدّ مؤشراً إضافياً على الثقة الخليجية المتجددة بالاستقرار الأمني في لبنان.
الموفدة الأميركية أورتاغوس... زيارة ثالثة بمطالب واضحة
في سياق متصل، أكدت مصادر دبلوماسية أميركية لـ"بيروت تايمز" أن زيارة الموفدة الخاصة مورغان أورتاغوس إلى لبنان ستكون الثالثة والأكثر حسماً من حيث مضمون الرسائل الأميركية، خصوصاً في ملفي السلاح والإصلاحات. وأشارت إلى أن لبنان سيشهد خلال المرحلة المقبلة زيارات متعددة لمسؤولين دوليين بارزين، وأن التحركات الأميركية ستكون أكثر وضوحاً بشأن ما يُطلب من بيروت في إطار تسوية شاملة.
كما كشفت المصادر أن الدور اللبناني في هذه المرحلة لن يكون مغيباً، بل ستُطرح خطوات عملية قد تبدأ في غضون أسبوعين، وأن ملف السلاح بات في صلب الاهتمام الدولي، ضمن معادلة جديدة تربط بين "حصرية السلاح" وبين إعادة الإعمار، ما يُعيد فتح ملف "حزب الله" بقوة على طاولة المفاوضات.
مصادر سياسية لبنانية من جهتها أوضحت أن الرئيس عون يتعامل مع هذا الملف بحكمة وتأنٍ لتجنب أي تصعيد داخلي، وأن التنسيق مع "حزب الله" مستمر بعيداً عن الإعلام، وقد تُستكمل هذه المشاورات بلقاءات قريبة بين الجانبين.
Comments