bah التغيير المؤجل… بين خيبات الأمل واستحالة الإصلاح في وطنٍ مكسور - بيروت تايمز جريدة يومية لبنانية وعربية تصدر في اميركا Beirut Times Daily Lebanese newspaper

التغيير المؤجل… بين خيبات الأمل واستحالة الإصلاح في وطنٍ مكسور

05/19/2025 - 23:46 PM

بيروت

 

 

 

 

 

 

بقلم الدكتور اليان سركيس 

 

منذ أكثر من عام، بدأنا رحلة الأمل بالتغيير، مستندين إلى وجع الناس، وصرخات الشارع، والانهيار الشامل الذي نخر كل زاوية من زوايا الوطن. حلمنا، كما حلم كثيرون، بلبنان جديد تحكمه الكفاءة لا الزبائنية، وتعلو فيه سيادة القانون على سطوة الطائفة، وينتصر فيه الإنسان على الزعيم. لكن واقع الحال، كما أظهرته نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة، جاء صادماً، قاسياً، وربما محبطاً لمن راهنوا على يقظة شعبية كاسحة.

النتيجة الأهم والأكثر إيلاماً ليست فقط أن الطبقة السياسية لا تزال ممسكة بزمام الأمور، بل أنها قادرة، رغم كل الفظائع، على إعادة إنتاج نفسها بمرونة مدهشة. فأحزاب السلطة، التي نهبت وأجرمت وأفلست الدولة، لا تزال قادرة على حشد جمهورها وتوجيهه كما تشاء، وكأن شيئًا لم يكن. الأسوأ من ذلك أن ازدواجية الخطاب السياسي باتت سمة مقبولة: تتحالف الأحزاب في منطقة، وتتصارع في أخرى، تهاجم بعضها البعض على المنابر، وتتقاسم الغنائم خلف الكواليس. كل ذلك بعلم وتواطؤ جمهور لا يزال، عن وعي أو تبعية، يصفق لجلاديه.

هنا تبرز المعضلة الكبرى: هل الأزمة في السياسيين وحدهم، أم أن الشعب – أو جزءًا كبيرًا منه – بات شريكًا في الجريمة؟ من يعيد انتخاب الفاسدين، ويمنحهم شرعية جديدة بعد كل الانهيارات، هل يُعفى من المسؤولية؟ أليس من العبث أن نستمر في جلد الطبقة السياسية بينما من يفترض أن يسقطها يعيدها إلى الحكم طوعاً؟.

لقد أصبح الشك مشروعاً، بل واجباً، في قدرة هذا البلد على التغيير الفعلي. ليس لأن التغيير مستحيل في ذاته، بل لأن البيئة التي يُفترض أن تحتضنه ما زالت مريضة. الهجرة الجماعية للشباب، انعدام الثقة بالعدالة، والهوية الممزقة بين الطائفة والدولة… كل ذلك جعل من حلم الدولة حلماً مؤجلاً إلى أجل غير مسمى.

نحن اليوم أمام مفترق خطير. إما أن نعترف بأن التغيير يحتاج إلى أكثر من شعارات و”هاشتاغات”، وأنه يتطلب مواجهة عميقة مع الذات قبل أي خصم سياسي، أو أن نستسلم ونتحول إلى مجرد شهود على مسلسل إعادة تدوير الفساد.

في النهاية، لا يمكن لأي بلد أن ينهض إن لم يؤمن أبناؤه أن خلاصهم لن يأتي من زعيم، بل من أنفسهم. فهل نملك الشجاعة لنقول “كفى”، حتى لو وحدنا، حتى لو خسرنا في البداية، ولكن على الأقل بكرامة؟

 

* مواطنون لبنانيون حول العالم / MCLM 

 

Share

Comments

There are no comments for this article yet. Be the first to comment now!

Add your comment