بقلم فادي زواد السمردلي
النذالة والخيانة كانتا ردّ البعض على الجميل الذي أسداه لهم الأردن، هذا الوطن الذي لم يتردد يومًا في مدّ يد العون لكل محتاج، وواجه الطعنات والمؤامرات بصمتٍ وشهامةٍ ووفاء فالأردن، رغم التحديات الكبرى التي عصفت بأرضه وشعبه، ظلّ دومًا وطنًا للأمان والاحتضان، وملاذًا لكل من ضاقت به الدنيا ولم يجد له مأوى ولكنّ بعض مَن أنقذهم الأردن من موتٍ محقق، وجعل لهم حياة جديدة، قابلوه بخنجر الغدر في ظهره، وتمادوا في إساءتهم، فكانت خيانتهم طعنة في قلب وطن أعطاهم كل شيء دون مقابل فلا شيء أشدّ إيلامًا من أن يُقابل الإحسان بالحقارة، وأن يتحول من أنقذته إلى أداة لبثّ الفتنة وزعزعة الاستقرار.
لم يبخل الأردن يومًا على أحد، ولم يطلب اعترافًا بجميله، لأنه كان ولا يزال وطن العطاء الخالص، النابع من طينة الأردني الأصيل الذي لا ينتظر من أحد سوى دعوة خالصة لله لكن حين تقابل الوفاء بالخيانة، وتتبدل الأيدي الممدودة إلى أيادٍ تحمل الشر، فإن الأمر يتجاوز كل حدود الاحتمال فأولئك الذين أنقذهم الأردن في أقسى لحظاتهم، رأوا فيه فرصة للغدر لا للنجاة، وتحولوا إلى أدوات بيد أعداء هذا الوطن، يسعون للنيل منه بعد أن كان لهم سندًا في أضعف أيامهم.
الردّ الذي قدّمه هؤلاء لم يكن سوى انعكاس لحقيقتهم القبيحة، فالنذالة ليست موقفًا عابرًا، بل صفة راسخة في النفوس المريضة فهؤلاء الذين وُصفوا يومًا بـ"أبناء الأردن"، لم يروا فيه إلا سلّمًا لمصالحهم، رغم أنه منحهم الأمل حين ضاقت بهم الحياة فلم يقدّروا عطاءه، وظنّوا أن الشكر لا يُستحق، واستغلّوا طيبته ليصبحوا أداة في أيدي الطامعين باستقراره.
أولئك الذين يروّجون للفتنة ويطلقون رسائلهم المسمومة، لا يدركون أن النذالة لا تمرّ بلا حساب، وأن التاريخ لا ينسى طعنات الغدر فمن يقف اليوم في صفّ الأعداء، ليس فقط جاحدًا، بل خائن في أعين كل أردني شريف، وكل من وقف معهم في يومٍ من الأيام وظنّوا أنهم في مأمن، لكن خيانتهم لن تمرّ، والأردنيون سيبقون على يقظةٍ دائمة، يدافعون عن وطنهم بكل ما أوتوا من قوة.
المؤلم أن هؤلاء الخونة يعلمون جيدًا ما قدّمه لهم الأردن، ومع ذلك اختاروا الخيانة طريقًا فكانت أيديهم ممدودة في لحظة ضعف، فاختاروا أن يقطعوها عندما اشتدّ عودهم وهذا أقبح ردّ يمكن أن يقدمه ناكر للجميل، أن يطعن من أحسن إليه. كل من يسعى لإثارة الفتنة اليوم لا يملك أي مبرر سوى الطمع أو الحقد الدفين على وطن لم يخذلهم يومًا.
وأخيرًا، أقول لهؤلاء الذين يساومون على العطاء بالخيانة
"لن تكونوا أكثر من خونة في ذاكرة هذا الوطن فرسائلكم المسمومة لن تغيّر من الحقيقة شيئًا وسيبقى الأردن صامدًا، واقفًا، ولن يسمح لكم بأن تمسّوا أمنه أو تسيئوا إلى قيمه فهذا الوطن الذي منحكم فرصة حياة، لا مكان لكم فيه، ولا في قلوب شعبه، لأن الأردنيين يعرفون الوفاء، ولا ينسون الخيانة فخيانتكم ستظلّ وصمة عار في تاريخكم، وكل فتنة زرعتموها سترتدّ عليكمزفإن كان الأردن قد أعطاكم، فلن تغفر لكم الأيام خيانتكم."
حقًا، اتقِ شرّ من أحسنتَ إليه.
Comments